للمتاحف رسالة عظيمة لا تقل في الأهمية عن غيرها من الأجهزة الثقافية من حيث التنمية الحضارية و الإرتقاء بأذواق الشعوب .. وأيضاً المتاحف إحدى الوسائل الخدمية التي يجب أن يتمتع بها كل فرد في المجتمع بلا إستثناء للتزود بالعلم والثقافة والمعرفة المباشرة التي يعطيها أي متحف بإعتباره ممثلاً للثقافة من خلال المشاهدة .. الأمر الذي يساعد على إصطحاب أطفالنا وشبابنا لزيارة المتاحف .. وذلك لأهميتها في تحريك الوجدان وتنوير العقول .. وتوضيح أن المتاحف ليس مهمتها فقط الحفاظ على الثروات الفنية ، ولكن آيضاً تعميق الثقافة الفنية.
فتح باب جميع المتاحف التابعة لوزارة الثقافة وأيضاً وزارة السياحة بالمجان للجمهور في جميع محافظات مصر بإحتفالات ذكرى ٣٠ يونيو وذكرى ٢٣ يوليو .. وكذلك في الأعياد الرسمية والمناسبات القومية إنطلاقاً من دورها في بناء الشخصية المصرية السليمة وإستمتاع الإنسان أي كان بالفن الذي من إبداعات المجتمع المصري قديماً وحديثاً .. وأيضاً من أجل تدعيم السياحة الداخلية وتنشيطها
وقد شهدت أشهر المتاحف إقبالاً ملحوظاً من المواطنين .. وأغلبهم من الشباب .. والمتاحف كما نعرف هي الأماكن التي تساعد المشاهد فناناً كان أم دارساً أو شخصاً عادياً على الإستمتاع بمحتوياتها الفنية والقومية .. ودراستها والإستفادة منها.
ومصر غنية بالمتاحف الأثرية والتي تتسم بالحضارات الإنسانية .. فضلا عن أنها من منارات الإشعاع الثقافي والحضاري في مصر والعالم .. وهي ستة متاحف يقع أولها في ميدان التحرير بالقاهرة ويسمى بالمتحف المصري .. والمتحف الأثري الثاني هو المتحف اليوناني والروماني بالإسكندرية .. والثالث هو المتحف القبطي الذي يقع بجوار الكنيسة المعلقة بمصر القديمة، والرابع هو المتحف الإسلامي ويقع بميدان باب الخلق بالقاهرة .. والمتحف الأثري الخامس هو متحف آثار النوبة بأسوان .. كما نجد متحف النيل والري الذي أُفتتح في يناير العام الماضي ٢٠١٦ بأسوان أيضاً .. أما السادس هو متحف الأسكندرية القومي.
وبالنسبة للمتاحف الفنية والقومية فهي متحف الفن المصري الحديث بجوار دار الأوبرا .. ومتحف بيت الأمة “سعد زغلول“ بالسيدة زينب ومتحف طه حسين “رامتان“ بفيصل – الهرم، ومتحف أحمد شوقي “كرمة بن هانئ“ بميدان الجيزة، ومتحف محمود خليل وحرمه بالجيزة ؛ بجواره قاعة أفق لعرض الأعمال المتحفية العالمية والمحلية .. ومتحف مصطفى كامل بالقلعة .. ومتحف الشمع بحلوان .. ومتحف عائشة فهمي “مجمع الفنون“ بالزمالك .. ومحمود مختار بالدقي .. ومحمد ناجي بالهرم .. وعفت ناجي وسعد الخادم بسراي القبة ، وزكريا الخناني بالهرم .. والخزف والتشكيلات المجسمة بمدينة ١٥ مايو .. وحسن حشمت بعين شمس ، ومتحف الخزف الإسلامي والفن والحديقة بالزمالك .. بالإضافة إلى بعض المراكز والدور الثقافية مثل مركز الحرف التقليدية بالفسطاط .. ومركز الجزيرة للفنون بالزمالك ودار النسجيات المرسمة بحلوان ووكالة الغوري … وحديثاً متحف جمال عبد الناصر بمصر الجديدة ، ومتحف محمد نجيب بقاعدة محمد نجيب العسكرية التي أُفتتحت مؤخراً بمرسى مطروح.
أما في المحافظات فهناك متحف دنشواي بالمنوفية، و متحف المنصورة القومي ، والنصر للفن الحديث ببورسعيد، والأبنودي بقنا ومتحف ملوي بالمنيا .. ومحمود سعيد بجناكليس اسكندرية في الدور العلوي أما الدور الأول فيحتوي على متحف يضم معظم أعمال الفنانين سيف وأدهم وانلي، مع قاعة كبرى بها مختارات من إبداعات متحف الفن المصري الحديث .. وفي الأسكندرية أيضاً متحف المجوهرات الذي يضم مجوهرات أسرة محمد علي النادرة .. ومن المتاحف التاريخية التي تضم مجوهرات وممتلكات من أثاث ولوحات وزخارف معمارية تاريخية تعكس هذه الحقبة متحف محمد علي بالقلعة ومتحف عابدين .. كما يضم قصر الأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل تماثيل ولوحات للأميرة وأيضاً لوحات لأسرة محمد علي وآخرهم الملك فؤاد وفاروق .. كما نجد مجموعة من الإبداعات الفنية والتطبيقية والمعمارية من خلال مشغولات خشبية ونحاسية مع فن السجاد والخزف، ونجد أيضاً جناح مخصص للمتحف الزراعي يضم بين جنباته إبداعات من لوحات وتماثيل لفنانين عالميين ومصريين مع نماذج تحكي حقبة من تاريخ الزراعة في مصر.
وعن رسالة مثل هذه المتاحف هي إتاحة الفرصة لتحقيق الثراء الفني لأفراد الشعب بتأمل محتوياتها التي تضم إبداعات ممتازة لقيمتها الفنية حيث يتوفر في العمل الفني صفة الخلود لما فيه من أصالة وصدق الفنان في التعبير عن مشاعره وأفكاره التي هي إنعكاس لمجتمعه .. وهذه الأعمال تكون دائماً معبرة عن روح الشعب.
وأي متحف يعتبر مركزاً وصرحاً ثقافياً مهماً لما يضمه من إبداعات ومحتويات لابد أن تلقى إستجابة من شباب مجتمعنا متفاعلاً مع تلك الفنون والكنوز العالمية التي تساعد على تأصيل القيم الروحية والثقافية بدلاً من تبديد وقت فراغهم فيما لا ينفعهم ولا يرتقي بأذواقهم.
فمصر ذات الحضارات العريقة في مختلف فروع العلوم والمعرفة .. تلك الحضارات التي أمدت البشرية بالفكر والفن .. وأضاءت بآثارها وكنوزها جميع دول العالم المتحضرة الآن.
تلك الإبداعات تمثل نموذجاً للسمو الإنساني حيث تجتذب النفوس فترفعها إلى مستوى أرقى وذلك عن طريق اللقاء مع أصول الأعمال الفنية ومشاهدتها له التأثير المباشر والأعمق من رؤية أي مستنسخ لهذه الأعمال مهما بلغت دقته في الطباعة واللون .. فالعمل الأصلي يفرض وجوده بما يحمل في طياته من جوهر له قدرة على تحريك الذهن وترك إحساس غريب في وجدان المشاهد يدفعه للتأمل .. وبذلك يعيش المتأمل لحظات سعيدة من خلال إبداع العباقرة ، وهذا ما يستهدفه أي متحف لتجديد نشاط الزائر جسمانياً وعقلياً مع إيقاظ الرؤية الفنية عنده وإستنارة الوجدان.
من هنا إهتمت وزارة الثقافة ووزارة الآثار بالمتاحف التابعة له، وخصصت ميزانيات وإدارات ليقوموا بالإشراف عليها وتطويرها وتنسيقها وتزويدها بما تحتاج إليه من ترميمات ووسائل إضاءة حديثة للمتاحف الفنية والأثرية والقومية والحربية والبحرية لكي تتمكن من تأدية رسالتها التاريخية والفنية والقومية والثقافية والتعليمية على أكمل وجه.
ولكي يسعد أبناء كل محافظات مصر بمشاهدة آثار وكنوز مصر الفنية ويرتوي المواطنون من الفن وكنوزه .. ويتعمق التواصل بين الزوار والفنانين، وتنبت مواهب جديدة لتتواصل حلقات الحياة .. ويقام جسر بين الأجيال .. لتبقى شعلة الفن على أرض مصر الخالدة مضيئة ومشعة دائماً
.