تمتعت خلال شهر رمضان الكريم بمشاهدة والاستماع الى برنامج(الخريطة) الذى يقدمه الباحث الاستاذ اسلام بحيرى، ولعل أن يكون هذا البرنامج كواحة الامان وسط فوضى الاعلام والدراما والجهل والدروشة والاسفاف الذى شغل الراى العام خلال الشهر الفضيل.
من هنا أتقدم بالشكر الى قناة(تين) وإلى الدولة المصرية التى سمحت بتقديم البرنامج، وهذة خطوة ناجحة فى طريق تجديد وتحديث وإصلاح الخطاب الدينى.
الواقع أن إسلام بحيرى ليس أول من يطالب بالاصلاح الدينى وتنقية التراث الاسلامى من بعض النصوص الدخيلة عليه، فقد قال بهذا فيلسوف الاسلام أبن رشد، وجمال الدين الافغانى والشيخ محمد عبده وغيرهم، ممن كانوا يدافعون عن الاسلام بحق.
وفى عصرنا الحديث الدكتور عاطف العراقى أستاذ الفلسفة الاسلامية الاسبق بجامعة القاهرة، وأدخل الحديث مباشرة لاقول أننى استمتعت فعلا بالثلاثين حلقة التى قدمها إسلام بحيرى، وكان الرجل واضحا مدققا ومنطقيا يشرح بالوثائق والايات والعقل فيقنع أى مشاهد يبحث عن الحقيقة، بل يرويه بماء الحكمة، ويعتمد الباحث أساسا فى حديثه على القرآن الكريم الذى لا يختلف أحدا عليه، وعلى الاية التى تقول( هذا القرآن لا ريب فيه).
من هنا يأتى الوضوح والصدق، أما الاحاديث فبعضها كان من أعمال البشر يخضع للخطأ والصواب البشرى، وطبعا بحسن نيه، والاحاديث الصحيحة كلها وبالاجماع هى التى قالها الرسول الكريم محمد بن عبدالله- صلى الله عليه وسلم بنفسه للصحابة مباشرة، وهم حفظوه وأوصلوه لمن بعدهم من التابعين، أما بعد وفاة الرسول والصحابة فى عهده فاننا نقف أمامهم لنفند أحاديثهم حتى لا يختلط الصحيح وغير الصحيح، لانه مجهود بشرى بعد ذلك، وحتى أيام الرسول قالت السيدة عائشة عن بعض الاحاديث أنها غير صحيحة فما بالك بعد هذا بعشرات ومئات السنين.
يقر إسلام بحيري بأن الاحاديث معظمها صحيحة لكن فيها البعض، وحتى لو كان البعض القليل، من الاخطاء ما أصاب الاسلام من أخطاء وخطايا وصلت بمفهوم الدين الى غير صحيحة وهدفه، بل وصلت أحيانا إلى عكس المعنى وبخاصة عن المرأة ومعاملة غير المسلمين والحرب ومفهوم الجهاد، مما أدى إلى ما نعانيه الان من مشاكل بل مصائب من الاخوان المسلمين وداعش والنصرة وغيرها من الجماعات الارهابية التى تخيف العالم وتقتل وتدمر وتقضى على الحضارة بأسم الاسلام والاسلام منها براء.
لا يمكن لاى دين يؤمن بالله أن يدعو الى القتل والذبح والحرق والتدمير من أجل نشره والسيطرة الا اذا كان له هدف سياسى بعيد عن الدين وعن الله السلام القدوس الرحمن الرحيم.
يقول إسلام بحيرى: هناك أحاديث كثيرة وصلتنا خاطئة فهى لا سند لها، وهى ضعيفة لانها ليست مباشرة وانما معلقة وتخضع لما يسمى الحسن وحسن الحسن وهى على وجه العموم لا تتفق مع العقل الذى يجب أن يكون هاديا لنا مع نصوص فى الاحاديث عن ختان المرأة وزواج الاطفال حتى قبل الحيض، ثم معاملتها معاملة لا انسانية باعتبارها مخلوق اقل وادنى من الرجل وفى عدم احقيتها بالشهادة باعتبارها نصف انسان. يقول الباحث هذه الاحاديث ضعيفة وليست صحيحة، ولا يوجد شئ اسمه الاجماع الا ايام الرسول والصحابة، اما بعد ذلك مع التابعين وتابعى التابعين فالامور بشرية يجب ان نخضعها للعقل. كذلك يتحدث الباحث عن معاملة غير المسلمين وقتلهم وذبحهم وهذا ضد الاسلام نفسه وضد ارادة الله سبحانه وتعالى، ويفند اسلام بحيرى كل الاحاديث والقائلين بها مثل احاديث ابوهريرة التى وصلت الى اكثر من خمسة الاف حديث مع ان الرجل لم يعايش الرسول الكريم اكثر من ثلاث سنوات تقريبا، وكانت احاديث الرسول قليلة كما تقول السيدة عائشة فكيف حصل ابو هريرة على هذا الكم كله؟!.
إذا كنا فعلا جادين فى تجديد وتنظيم والتخطيط للخطاب الدينى فيجب ان ناخذ هذا الكلام ماخذ الجد، ولا ادرى لماذا ياخذ الازهر الشريف موقفا معاديا للباحث اسلام بحيرى ادى الى سجنه، الستم تنادون بالاصلاح؟ كنت اعتقد ان الذين يريدون بالاصلاح فعلا يفرحون بدعوة ودراسات هذا الباحث المؤمن بالدين الاسلامى الحنيف والوسطى، ثم لا تشكل الدولة لجنة ممثلة من رجال الدين والثقافة والتعليم والفن تضم اليهم اسلام بحيرى لعمل الاصلاح الدينى المطلوب اليوم وليس غدا لانه دون اصلاح ستنتشر دواعش اخرى وستكبر منظمة الاخوان المسلمون الارهابية وستخلق جماعات ارهابية تهدد العالم كله وتسئ الى الدين الاسلام الحقيقى والى رسوله الذى ارسله الله رحمة للعالمين لا لحرق العالم وتدميره.
مرة أخرى استمتعت باحاديث اسلام بحيرى فى التليفزيون التى تتفق مع الاسلام الحقيقى الذى اعرفه ومع القيم الانسانية والدينية التى ينادى بها والمجتمع الاسلامى المثالى الذى يهدف الى تكوينه.
تحية للباحث إسلام بحيرى وإلى قناة تين، وإلى كل من يعمل العقل فى حياتنا بحثا عن الحقيقة.