صعدت كل من الكويت وعمان الاتصالات الدبلوماسية لتخفيف حدة التوتر التى نشبت مؤخرا بين السعودية ومصر والإمارات والبحرين وقطر، في محاولة لرأب الخلافات، ومحاولة منع أى تصعيد محتمل من قطر للحفاظ على آمال تهدئة الأزمة، حتى ولو بدت محاولة ضعيفة، في الوقت الذى وصل فيه وزير الخارجية في سلطنة عمان، يوسف بن علوي بن عبد الله، الدوحة، في زيارة غير معلنة مسبقا، وقالت الخارجية العمانية في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إن زيارة يوسف بن علوي إلى الدوحة اليوم، هي زيارة خاصة، وليست رسمية، وكانت مقررة في جدول برنامج الوزير قبل التطورات الأخيرة.
من جانبه أجرى أمير الكويت، الشيخ صباح الصباح، اتصالا هاتفيا مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، متمنيا التهدئة وعدم اتخاذ خطوات تصعيدية من شأنها دفع حالة التوتر السارية حاليا مع عدد من الدول الخليجية ومصر للتفاقم.
وأعرب أمير الكويت عن تمنيه على أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة العمل على تهدئة الموقف وعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها التصعيد، والعمل على إتاحة الفرصة للجهود الهادفة إلى احتواء التوتر بالعلاقات الأخوية بين الاشقاء.”
ورغم التطمينات التي أطلقتها الحكومة القطرية للسكان عقب فرض السعودية حصاراً غذائياً على الدوحة، إلا أن ذلك لم يحل دون تشكّل طوابير طويلة أمام المتاجر لتخزين المواد الأساسية خشية نقصانها في الأسواق، حيث توجد لقطر حدود برية فقط مع السعودية وتعتمد بشكل كبير على واردات الغذاء التي يأتي معظمها من الدول الخليجية.
وتشكّلت العديد من الطوابير أمام سوبر ماركت كارفور في “سيتي سنتر الدوحة”، احد مراكز التسوق الرئيسية في العاصمة القطرية، بعد ساعات من قرار خمس دول عربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وقام المتسوقون بملء العربات والسلال بمختلف البضائع، وخلت بعض الرفوف من المواد الأساسية مثل الحليب والأرز والدجاج.
وتستورد قطر السلع مثل الدجاج من السعودية، وسارع السكان المحليون إلى مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين للشكوى من أنهم سيضطرون من الان فصاعدا إلى تناول الدجاج العُماني.
ويري محللون أن الأزمة الخليجية مع قطر ليست المرة الأولى، حيث سبق وان حدثت أزمة عام 2014 يوم استدعت ثلاث دول خليجية سفراءها من الدوحة، يومها تدخلت الكويت وقامت بدور الوساطة لتعود المياه إلى مجاريها بين دول الخليج العربية. بيد أن مفعول الوساطة الكويتية لم يدم طويلاً، لأن الطرفين، قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، بقيا على موقفيهما إلى أن انفجرت الأزمة مجدداً في هذه الأيام وبصورة أقوى من المرات السابقة.
من جانبه قال جان مارك ريكلي رئيس المخاطر العالمية والمرونة في مركز جنيف لسياسة الأمن “لدينا تحول في توازن القوى في الخليج الآن بسبب الرئاسة الجديدة: ترامب يعارض بقوة الإسلام السياسي وإيران”. “إنه منحاز تماماً لأبوظبي والرياض اللتين لا تريدان أيضاً التوصل لحل وسط مع إيران أو الإسلام السياسي الذي ترعاه جماعة اِلإخوان المسلمين”.
جاء التبرير الرسمي السعودي لقطع العلاقات ليصب في هذا الاتجاه، إذ بررت الرياض خطوتها بـ “حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف”. كما اتهمت قطر بـ “احتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة منها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة”، وبدعم “نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران” في السعودية والبحرين.
بينما يرى آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن “هذا يمثل بالتأكيد تصعيداً غير مسبوق في التوترات داخل دول مجلس التعاون الخليجي” الست. ويضيف بارون أن “قطر كانت تتبع منذ فترة طويلة نهجاً مستقلاً أثار استياء جاراتها”، لاسيما في ما يتعلق بعلاقتها الدوحة بجماعة الإخوان المسلمين.
وتقول الباحثة في مركز “تشاتام هاوس” البريطاني جين كيننمونت إن التوترات الجديدة ليست لها علاقة واضحة بـ “شيء جديد فعلته قطر”. ولكن مع تعزيز العلاقات بين السعودية والإمارات ومع وجود إدارة ترامب، فإن التحرك ضد قطر يبدو أنه “محاولة لاقتناص فرصة”، بحسب الباحثة.
أما جيمس دورسي من كلية س.راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة فيتحدث عن “حملة تقودها السعودية والإمارات لعزل قطر وبالتالي عزل إيران”. وكتب في تقرير أن الحملة تهدف إلى إجبار الدول غير العربية إلى الاختيار بين الطرفين “وإقناع إدارة ترامب بالتعامل بشدة مع قطر بسبب رفضها الانضمام إلى الحملة السعودية ضد إيران وبسبب علاقاتها مع جماعات إسلامية ومسلحة”.
يذكر ان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن وليبيا، قرروا قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، معلنة عن مزيد من الإجراءات ضد الدوحة بسبب سياساتها في المنطقة ودعمها للتنظيمات المتشددة، كما أمهلت السعودية والإمارات والبحرين ومصر البعثات الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة الدول، فيما منعت السعودية والإمارات والبحرين منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى الدول الثلاث، وأمهلت المقيمين والزائرين القطريين 14 يوما للمغادرة، ومنعت الدول الثلاثة أيضا مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها.
كما أوقفت السعودية والإمارات والبحرين ومصر الرحلات من وإلى قطر، وإغلاق أجوائها ومياهها وطرقها البرية بالنسبة للسعودية أمام الرحلات القطرية.