الفن هو الحياة بكل صورها .. أشبه بنافذة نرى من خلالها صور كل الفنون والأحداث التي مرت وتمر بالبشرية ولاتزال باقية حية وكأنها شيدت اليوم لتنقل لعيون الأجيال الحاضرة ما كان يدور في حياة الملايين الذين سبقوهم منذ قرون مضت.
إن عالم الفن سواء كان عمارة أو آثار أو تمثالاً أو لوحة أو كتاباً، وكذا صور فوتوغرافية أو سينمائية أو حتى موسيقى هو أعظم ما حققه الفنان في تخليد حضارته.
الصورة الفوتوغرافية لم تكن نوعاً من التسلية، ولكنها تعطي فنًا من خلال تسجيل أي صورة للحياة من المكان والزمان، وهي تعتبر حوارًا وإمتدادا لكل تراث الحضارات الإنسانية.
نظم جهاز التنسيق الحضاري هذا العام مسابقة التصوير الفوتوغرافي لمباني القاهرة الخديوية .. و”التي تمتاز بالتراث المعماري” .. وهي مناطق تراثية في مصر .. وأشهرها شارع المعز.
قامت لجنة التحكيم والتي تضم كل من الفنان رمسيس مرزوق وأشرف طلعت .. ومحمود عبد السميع، وحسين بكر، وبعد الإطلاع على الأعمال الفنية الفوتوغرافية، إختارت للجائزة الأولى من محبي التصوير الفوتوغرافي المصور هشام عمرو محمود بكالريوس تجارة، وذلك لما تمتاز لقطته الفنية حيث ربط بين الماضي والحاضر في صورة واحدة، جمع فيها فنان تشكيلي يرسم مباني شارع المعز برؤيته الخاصة مع خلفية للأثر الأصلي، وهي المرة الأولى التي شارك فيها بمسابقة التصوير عن طريق الإنترنت.
فاز بالجائزة الثانية المصور شريف أشرف عبد الفضيل رابعة هندسة وهو مغرم بشارع المعز ، وسبق له أن فاز من قبل في مسابقات عديدة، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب عمرو الأشرف، وتبلغ قيمة الجائزة الأولى عشرة آلاف جنيه، والثانية خمسة آلاف جنيه، والثالثة ثلاثة آلاف جنيه،كما تم توزيع شهادات تقدير على جميع الأعمال المشاركة في المعرض.
إن إقامة معرض للصور الفوتوغرافية في مسابقة هذا العام لمباني القاهرة القديمة لهو فكرة عظيمة حيث يتعرف جيل هذا العصر على قيمة تراث مصر الحضاري من خلال لقطات فنية نستشعر منها حياة المجتمع بما كان في الماضي، وما أصبح اليوم للمباني التراثية والمجتمع.
تلك الأماكن تعتبر حي أثري نابض بالحياة ضاربة بجذورها في أغوار الماضي بحضارتها الأصيلة سواء كانت فرعونية أو قبطية أو إسلامية فهي كما لو كانت مركز ثقافي وفكري وفني، حيث تعتبر الصورة الفوتوغرافية من أهم المراجع والوثائق والأبحاث في العالم.
إن عدسة الكاميرا مع عين المصور تسجل حيوية المكان رغم سكونه بما فيه من ظل ونور إنهم يسجلون الواقع بزاوية فنية تحكي كل لقطة إحساس المصور في لحظة وبمهارة فائقة نلمس فيها التفاعل بين عقل ومشاعر المصور، وبين مشاهداته للأماكن التي يتجول فيها سواء لمكان أثري عريق مثل تلك المسابقة أو لمنظر طبيعي للبيئة المصرية.
نلمس في لقطات المتسابقين جمال فن العمارة للعصر القبطي والإسلامي من خلال أحيائها السكنية ذات البيوت المتلاصقة تطل منها المشربيات والباعة يعرضون بضائعهم ومنارات الكنائس والجوامع الأثرية تطل علينا من خلال لقطات فنية جعلوا منها صورًا تعكس تلك المشاعر المتأججة تدل على عبق وعطر تاريخ مصر، وما يحسونه أمام عظمة تلك الحضارة وما تحتويها من جمال المباني الأثرية بزخارفها النباتية والهندسية والتي تنم على تميز أجدادنا المبدعين.