معرفة الله هي العمود الفقري الذي يُبنى عليه إيماننا الأقدس وحياتنا مع الله وحتى يمكننا أن نتعلم كيف يمكن لنا كمؤمنين أن نحيا مع الرب حياة صحيحة ناضجة ورائعة يجب علينا أن نضع هذا الأمر وهو معرفة الله نُصب أعيننا دائماً.معرفة الله هي محاولة ممكنة ومشروعة بل وواجبة للنظر إلى الشمس الساطعة المنيرة حتى نستطيع أن ندرك مع جميع القديسين مجد وجلال وجمال الله،لكن للأسف الشديد دائما ما نقترب من الله ونحن نظن أننا نعرفه، وكأننا قد أدركنا وأحطنا بكل جوانب الذات الإلهية غير عالمين أننا محدودين ولنا فكر قاصر مهما كان متسعاً، فالله الغير محدود يملأ السماء وسماء السموات بل في الحقيقة أن كل الوجود هو في محضره، ولن نستطيع أبداً أن نحيط به وبمعرفته.كلما أقتربنا منه أكثر وأنفتحت عيوننا عليه كلما زاد إدراكنا وفهمنا عن التشوه وعدم الفهم والتضارب الساكن في أعماق قلوبنا عن شخصه وهذا التشوه يسبب الكثير من الحيرة وعدم الراحة في علاقتنا الشخصية معه بل أيضاً يصيبنا بالكثير من الأمراض الروحية المزمنة التي لن نستطيع أن نُشفى منها إلا بمعرفة حقيقية صحيحة عنه.إن هذه المعرفة تقودنا إلى المحبة الحقيقية الخالصة لله التي فيها نحبه لشخصه الكريم ولذاته المحبة وليس لعطاياه وأعماله.فكثيراً ما كان تعلقنا وحبنا لله بسبب عطاياه التي ننتظرها منه، فنحبه لأنه أعطانا الغفران والحماية والعناية والرعاية، أو أعطانا مؤمنين للشركة معهم، أو لأنه يسمع لصلواتنا وطلباتنا.لذلك تفتر محبتنا لله في أوقات كثيرة بسبب ظروف حياتنا الصعبة أو بسبب إحساسنا بأن الله لا يباركنا كما كان يباركنا من قبل أو بسبب موقف قاسي مررنا به نحن أو أحد أفراد العائلة فنحزن ظناً منا أن الله قد ابتعد عنا،فنحن المؤمنين أكثر مايُبهرنا في علاقتنا مع الله هو تسديده احتياجاتنا وليس معرفتنا به.الله يعرف جيداً كم هو هام لنا أن يسدد إحتياجاتنا فقد قدم الله نفسه لأجلنا في عدم استحقاقنا وهذه هي النعمة وتعريفها أنها العطاء لمن لايستحق. ولكن إذا استمرت علاقتنا بالله مبنية على استقبال العطايا وتسديد الاحتياجات، فلن تكون هذه العلاقة علاقة ناضجة،فمن الذي يستحق الثناء والتقدير والإكرام اللوحة الزيتية أم الفنان الذي قام برسمها؟ومن هو الأعظم في قلوبنا، العطية أم المعطي؟ومن هو الأروع في نظرنا الخليقة أم الخالق؟
لذا، أيها القارئ العزيز دعنا نفتح أعيننا وقلوبنا وأرواحنا ونعطي للروح القدس كل السلطان أن يسكب معرفته في أعماقنا ولتتحول الى نور حقيقي ساطع كاشف حياتنا،ونار الهية ممحصة تلهب نفوسنا في حب هذا الاله الرائع.