انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لخرطوش الملك توت عنخ آمون، ويتذيل الخرطوش رمز ملون بالألوان الأحمر والأبيض والأسود، ويصحبها تعليق “ألوان علم مصر منذ آلاف السنين”.
وللتوضيح والتأكيد ألتقت وطني محمد قاسم، استاذ التاريخ القديم بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس الذي أوضح المكتوب على الخرطوش هو “توت عنخ أمن حقا إيونو شمع” أي “توت عنخ أمون حاكم مدينة أون الصعيدية”، مشيرًا إلى أن كلمة شمع تطلق على الصعيد والذي كان حينها يبدأ من بعد منف حتى الأقصر.
وأشار إلى أن أون الصعيدية المقصود به مدينة الأقصر حاليًا، عندما حكم اخناتون ونادى بعبادة أتون دون غيره، نظر إليه المصريون ككافر بعبادات آلتهتم، فاضطر حينها أن ينقل مقر حكمه من طيبة لينشأ مدينته الجديدة أخيتاتون ويكون بعيدًا عن رفض الشعب وعلى رأسهم الكهنة لحكمه، وعندما تولى توت عنخ أمون الحكم عاد إلى الأقصر وتخلى عن عبادة أتون حتى يقبله الشعب والكهنة ويعترفوا بشرعيته كحاكم. وألمح قاسم إلى أن رفض المصريين لإخناتون لم يكن اختياره لعبادة أتون بل كان لرفضه بقية الألهة موضحًا إلى أن الكهنة وضعوا مقصورة لعبادة آتون في معبد الكرنك بين سائر الآلهة وذلك في فترة حكم اخناتون.
أما عن الألوان الموجودة بالخرطوش فقال إنه لا توجد أي دلالة في استخدام تلك الألوان كعلم ورمز لمصر. مضيفًا: “لو نظرنا تحديدًا إلى الرمز بأسفل الخرطوش والتي تتضح عليه الألوان الثلاثة المذكورة، فنجد إنه لايرمز لأي شيء، حيث أنه مجرد رمز ثلاثي الأصوات، أي رمزًا ينطق بثلاث أصوات “iwn”ولا توجد له أي دلالة قومية أو فكرية، وبالرغم من تعبر هنا عن مدينة أونو وهي مقر الحكم، لكن هذا لا يعبر عن أي شيء لأن الرمز ذاته هو جزءًا من كلمات أخرى.”
وتابع: “لم يكن هناك أي أعلام لمصر بذاتها. والثابت لدينا أن هناك شارات أو رموز كانت تعبر عن المدن، أو المقاطعات أو ألوية الجيش، وتلك الرموز عادة ما كانت لإله تلك المقاطاعة أو الألوية، ولم يكن هناك علم بمفهومنا الحالي. اما بالنسبة للسفراء أو الرسل الملكيين والذين كان يطلق عليهم “أيو تيو” فلا يوجد لدينا مايشير إلى وجود علم أو شارة أو حتى رداء مميز لهم عند ووجدهم خارج البلاد. ويجب هنا أن نذكر إن في الرحلة الشهيرة التي قام بها الرسل الملكيين لبلاد بونت في عهد الملكة حتشبسوت، لم نجد أي علم أو شارة أو ألوان يستخدمها الرسل خلالها تحركهم للإشارة لمصر بشكل موحد، بل كان ما يحمله رئيس البعثة عبارة عن عصا لاتحمل أي رموز أو ألوان خاصة. ولو كان هناك ألوان أو علم ما يستخدم للدلالة على مصر لكان بالأولى أن نجدها مستخدمة ومرسومة في مناظر مثل تلك.”
وقال استاذ التاريخ القديم: “إن الكثير من الهواة يدلون بدلوهم في التاريخ المصري القديم والحضارة المصرية القديمة، فهي حضارة جاذبة وتغري الكثيرين بالبحث فيها. ولأن هناك نقص في المعلومات والوثائق حول تلك الحضارة الفريدة، لذا فالمجال هنا مفتوح للأراء والفرضيات. ولكن تظل فرضيات حتى تقرن بدليل من الوثائق والآثار المكتشفة. وعادة فالمتخصصين يتكلمون مما لديهم من دلائل ووثائق وآثار. اما الهواة فنجد أحيانًا منهم من يلوي ذراع الحقائق حتى يثبت فرضيته بأي شكل. طارحًا مثال من يقول إن الفراعنة كانوا هم قوم عاد وكانوا من العماليق، قائلين إن الفتحات الموجودة باعلى المعابد المصرية القديمة، هي نوافذ للفراعنة العماليق إلتي كانت تلك المعابد مسكنًا لهم. ولا أعلم من أين جاءوا بذلك التفسير الغريب، فكل النقوش والرسومات التي على المعابد تشير إلى أن هذا المكان مخصص للتعبد، كما إن أسقف المعابد تكون عالية جدا في المدخل ثم تبدأ في الانخفاض مع الدخول تجاه قدس الأقداس حتى تكون في مستوى وقوف الششخص العادي متوسط الطول، عند قدس أقداس الإله، في إشارة إلى تقابل السماء والأرض في حضرة هذا الإله وفي قضبة يده. فكيف مع كل هذا نقول إن تلك المعابد ماهي إلا سكنًا للفراعنة بني عاد. أما تلك الفتحات فما هي إلا فتحات ليخرج منها دعمات لتثبيت صواري شارات آلهة المعابد. أيضًا ما قاله أسامة السعداوي عن إن الأهرامات كانت سكنًا للمصريين الذين كانوا عماليق، فكيف ذلك ومداخل الإهرامات، مثل الهرم الأحمر بدهشور وهرم خوفو بالجيزة، صغيرة فلا يمكن دخولها الشخص متوسط الطول فاردًا قامته، فكيف يعيش ويتحرك داخلها شخص عملاق؟!!!!!”
فيما يتعلق بما أثير حول أن شامبليون كان من الهواة، علق قاسم قائلًا: “لم يكن هاويًا بل كان مختصصا في الدراسات اللغوية، وهو ما كان نطاق بحثه. ونحن بشكل عام لا نرفض الهواة، فالمتخصص يقوم بأبحاثه والهاوي يقوم بابحاثه، وكل منهم قد يصل إلى نتائج جيدة او لا، والنتيجة مرهون صحتها أو خطأها بالالتزام بالمنهج العلمي السليم وبالرجوع إلى المتخصصين.