بدأت اليوم الأربعاء أعمال الملتقى العربي الأول الاستثمار في المنطقة العربية في إطار عقود الدولة “تحديات وطموحات”، وتعقده المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث القضائية بمجلس الدولة المصري خلال الفترة من 17– 18 مايو 2017 بمقر المنظمة في القاهرة.
افتتح الملتقى الدكتور ناصر القحطاني مدير عام المنظمة بكلمة أشار فيها إلى أن عقد هذا الملتقى يأتي تحقيقاً لرسالة المنظمة والمتمثلة في تحقيق التنمية الإدارية بالأقطار العربية بما يخدم قضايا التنمية الشاملة، وانطلاقاً من قناعة المنظمة بأهمية الاستثمار في المنطقة العربية باعتباره قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقد رحبت المنظمة بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث القضائية بمجلس الدولة المصري في عقد الملتقى العربي الأول بعنوان (الاستثمار في المنطقة العربية في إطار عقود الدولة “تحديات وطموحات”) وأن تستضيف فعاليات هذا الملتقى في مقرها الرئيس بالقاهرة.
يأتي هذا التعاون انطلاقاً من أهمية دور مجلس الدولة المصري والذي يعد صمام الأمان لإبرام عقود الاستثمار، التـي تحقق التوازن بين حقوق الدولة والمستثمر من جانب، وضمان آليات جادة وموضوعية لتسوية المنازعات التي قد تنجم عن تلك العقود من جانب آخر.
أكد القحطاني في كلمته على ان الدول العربية بحاجة إلى تطوير بيئة أعمال استثمارية منفتحة وجاذبة ومتكاملة وفاعلة، وما تتطلبه من تطوير بنية تحتية تشريعية ومالية ومادية قادرة على دعم الاستثمار والنمو المتوقع للقطاعات الاقتصادية المختلفة.
أضاف: نعلم جيداً ما يتطلبه تنفيذ المشروعات القومية ذات النفع العام والمردود الاقتصادي من تمويل ورؤوس الأموال وما تحتاجه من خبرات فنية وعلمية وقوى بشرية مدربة ومؤهلة. بالإضافة إلى الدعم اللوجستي بكافة صورة، مما يطرح إشكاليات التمويل الخارجي في ضوء قصور موارد التمويل الوطنية في غالبية الدول، ومن هنا برزت أهمية وجود شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وإبرام عقود متوازنة لتفعيل تلك الشراكة مثل عقود الأشغال الدولية، وعقود الهندسة والتوريد والإنشاء.
كذلك فإن قرار التمويل يعد أهم مكونات القرار الاستثماري، بل تعتمد جدوى الاستثمار في كثير من الأحيان على حساب التمويل ودراسته، من حيث تكلفة الأموال وهيكل رأس المال، والعائد من الاستثمار او الاتجار بحقوق الملكية، وأعرب مدير عام المنظمة عن أمله أن يساهم آليات خلق بيئة استثمارية جاذبة من خلال قوانين استثمار متطورة، وعقود موضوعية واضحة ومحددة لالتزامات أطرافها، وأجهزة تنفيذية قادرة على إزالة كافة المعوقات الاستثمارية، وأجهزة قضائية تحقق العدالة الناجزة والأقل تكلفة.
في كلمته إلى الملتقى قال المستشار الدكتور محمد عبد الحميد مسعود رئيس مجلس الدولة المصري أنه يدعم أي نشاط يساهم في وحدة الدول العربية وقال أنا من أنصار الوحدة العربية ومتأكد أن وحدة الدول العربية سيعود بها إلى قمة العالم مرة أخرى، وأتمنى من قلبي وأدعو الله أن تصبح جامعة الدول العربية في نفس قوة الأمم المتحدة كما أتمنى من الله أن تتحد الدول العربية في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والإنسانية.
“تنظيمات قانونية لتشجيع الاستثمار”
كما ألقى المستشارعلي محمد رزق رئيس هيئة النيابة الإدارية، كلمة أشار فيها إلى أهمية عقد هذا الملتقى في وقت تتسابق فيه دول العالم كافة إلى الفوز بثمار ونتائج جذب الاستثمارات، في عالم لاتدع فيه التكتلات الكبرى مجالا للتقدم لأية دولة تتخلف عن المشاركة في هذا السباق إذ انه لن تنال أي دولة نتائج إيجابية في هذا المجال إذا شابت شرائعها شوائب تطرد رؤوس الأموال، أو تخالطها معوقات الاستثمار.
باتت الحاجة ملحة إلى وضع تنظيمات قانونية لتشجيع الاستثمارات بالبلدان العربية مما ترتب عليه إصدار عدد من التشريعات في عدد من البلدان العربية، اما في جمهورية مصر العربية فقد صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 ثم صدرت قوانين أخرى بتعديله، ونترقب إصدار السيد رئيس الجمهورية قانون الاستثمار الجديد خلال الأيام القادمة.
وقد أورد المشرع المصري تنظيما قانونيا موفقا لضمانات وحوافز الاستثمار في القانون المذكور وتعديلاته، إلا أن المؤتمر الماثل يركز على موضوع غاية في الأهمية وقد يمنع العديد من الإشكالات والمنازعات إذا ما تم تلافي مشاكل عقود الاستثمار ويراعي الأطراف التوازن في الالتزامات والحقوق مع وضوح كافة بنود التعاقد بما لا يدع مجالا لحدوث منازعات في تنفيذ عقود الاستثمار.
أما في شان فض او تسوية المنازعات فقد تضمن القانون الساري النص على أن ” تنشا بمجلس الوزراء لجنة وزارية تسمى “اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار”، تختص بالنظر فيما يقدم أو يحال إليها من طلبات أو شكاوى أو أي منازعات قد تنشا بين المستثمرين والجهات الإدارية بمناسبة تطبيق أحكام هذا القانون وتكون قرارات اللجنة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء واجبة النفاذ وملزمة للجهات الإدارية المعنية”.
كما تضمن القانون النص على أن ” تنشأ بمجلس الوزراء لجنة وزراية، تسمى ” اللجنة الوزراية لتسوية منازعات عقود الاستثمار” تختص بتسوية المنازعات الناشئة عن عقود الاستثمار التي تكون الدولة او أحدى الجهات التابعة لها عامة أو خاصة طرفا فيها” حيث تتولى اللجنة بحث ودراسة الخلافات الناشئة بين أطراف عقود الاستثمار، ويكون لها في سبيل ذلك وبرضاء أطراف التعاقد إجراء التسوية اللازمة لمعالجة اختلال توازن تلك العقود، ومد الآجال او المدد او المهل المنصوص عليها فيها وتعرض اللجنة تقريرا بما تتوصل إليه بشأن حالة التسوية على مجلس يبين جميع عناصرها، وتكون تلك التسوية واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء: وهذا الأمر الذي يعكس الرؤية وإرادة القيادة السياسية لدعم مناخ الاستثمار والحرص على حل منازعات الاستثمار.
إن كانت النيابة الإدارية وهي هيئة قضائية مستقلة، غير مختصة بإعداد أو مراجعة العقود التي تبرمها الدولة مع المستثمرين إلا أنها وبلا شك تختص وفقا لأحكام الدستور والقانون بالتحقيق في المخالفات التي تقع من المختصين بالجهاز الإدارية للدولة في شان تطبيق احكام القوانين، ومنها قانون ضمانات وحوافز الاستثمار.
وهو ما دعى مجلس الوزراء المصري بجلسته المنعقدة بتاريخ 20 أبريل 2015 بإحالة أي مسئول أو موظف يمتنع عن تنفيذ قرارات اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار المعتمد من مجلس الوزراء إلى النيابة الإدارية فورا،
وإيمانا من النيابة الإدارية بأهمية توفر المناخ اللازم لدعم الاستثمار، أنشات وحدة متخصصة تتولى التحقيقات المتعلقة بقضايا الاستثمار سعيا نحو انفاذ القانون ومساءلة الممتنعين عن تنفيذ قرارات اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار.
مما يؤدي بلا شك إلى القضاء على البيروقراطية وإزالة معوقات تنفيذ هذه القرارات وتشجيع المستثمرين على الاستمرار في استثمار اتهم بالبلاد وجذب الآخرين نحو مزيد من الاستثمارات، ومنحت وحدة قضايا الاستثمار بالنيابة الإدارية مرونة كبيرة وفقًا للمادة الثانية من قرارا انشائها تسمح لها بحل النزاع وديا وحفظ التحقيقات إذا ما تم الاتفاق بين أطراف النزاع وذلك بعد موافقة رئيس الهيئة ايمانا بأهمية فض المنازعات خاصة الاستثمارية بالطرق الودية وحرصا على تدفق الاستثمارات بالبلاد وهو ما تم بالفعل في العديد من القضايا واسهم بشكل مباشر في تحسين مناخ الاستثمار.
نأمل ان يخرج هذا الملتقى بتوصيات ومقترحات تساهم في تجويد وتطوير عقود الدولة بشأن الاستثمار للحد من المنازعات التي قد تنشأ عن توقيع تلك العقود بما يؤدي إلى دعم مناخ الاستثمار بشكل إيجابي ومباشر في كافة الدول العربية.
“تطوير مناخ الاستثمار امرا حتميا”
من جانبه قال عمرو غلاب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب أنه في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها مصر منذ سنوات أصبحت أهمية تطوير مناخ الاستثمار امرا حتميا: خاصر ان الدولة اخذت خطوات جادة وملموسة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومن هنا يأتي التشريع كأحد اهم العناصر المؤثرة في تهيئة المناخ الاستثماري الذي يعمل فيه المستثمر.
وأضاف: لقد أصبحت التنمية الاقتصادية والمحافظة علي نمو اقتصادي مطرد، واحدة من اهم القضايا التي تنشغل بها الدول والمنشآت والافراد، ذلك ان النمو الاقتصادي هو المقياس لحيوية المجتمع وقدرته على التفاعل مع احتياجاته.
أضاف:لا شك ان وجود تشريع جديد يعني وجود البنية الأساسية لأي استثمار، ونأمل ان يكون قانون الاستثمار والقوانين الأخرى المرتبطة به حافزا على الاجادة والتطور ودعم المشروعات الاستثمارية الناجحة على الاستمرار والمنافسة.
أوضح ان التشريعات الاقتصادية تختلف كثيرا عن أي تشريعات اخري، وهي بطبيعة الحال تخضع دائما للتطوير والمراجعة لتواكب المتغيرات في حركة السوق، والمنافسة والتجارة الدولية، وأصبحت تهيئة الإطار القانوني المناسب للاستثمار من العناصر الأساسية لتحسين بيئة الاستثمار واستقرار المعاملات، ورفع درجة الثقة في جدارة النظام الاقتصادي ككل.
قال غلاب: أن العالم الآن يسوده الخوف والقلق والأفكار الخاطئة، ففي ظل تعاظم حدة المنافسة الدولية علي جذب الاستثمارات، بات واجبا السعي نحو تهيئة المناخ الملائم لجذب الاستثمار المحلي والاجنبي، من خلال تشريع يتوافر فيه للمستثمرين الاستقرار والأمان لاستثماراتهم،
أشار الى أن مناخ الاستثمار هو مجمل الأوضاع القانونية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تكون البيئة الاستثمارية التي على أساسها يتم اتخاذ قرار الاستثمار، وبالرغم من أهمية قانون الاستثمار، وبالرغم من أهمية قانون الاستثمار فان تهيئة المناخ والتواصل المستمر مع المستثمرين لجذبهم اهم ما نسعى له كمجلس نواب، وفي القلب منه اللجنة الاقتصادية.
قائلا: المستثمر يبحث عن مناخ متكامل فيه تشريعات مستقرة، وسياسات حكومية واضحة، وتمويل متاح، وقضاء سريع وعادل، وسوق صرف كفء، وعلاقات عمل متوازنة، وبنية تحتية متطورة، واستقرار سياسي واجتماعي.
موضحا أنه لمواجهة المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال السنوات الماضية ولمحاولة تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، ولتحقيق مناخ استثماري جاذب وليس طاردا، وكان لابد من حزمة تشريعات متكاملة، وعليه فقد اقر المجلس قوانين مهمة في صالح دعم خطوات الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات أهمها قانون الخدمة المدنية، وقانون القيمة المضافة، وقانون الاستيراد والتصدير، وقانون التراخيص الصناعية.
قال:ان الإصلاح الاقتصادي، لا يمكن ان تكتمل اثاره الإيجابية الا إذا واكبة اصلاح في جميع المجالات الأخرى وخاصة المجالات القانونية والإدارية.
مؤكدا أن التشريعات المتطورة تكون جاذبة لرؤوس الأموال المستثمرة، فالمستثمر دائما يكون موضع اهتمامه القوانين التي تحمي استثماره، ولذلك فان خلق بيئة تشريعية بتغيير القوانين المعنية بهذا الاستثمار سوف يكون له الأثر الإيجابي في ذلك.
قال:هناك العديد من الاستثمارات العربية والأجنبية ترغب في دخول السوق المصري، غير ان التشريعات الاقتصادية السابقة كانت تمثل عائق امام جذب هذه الاستثمارات.
أضاف:ان قانون الاستثمار وضع فلسفه واضحة للاستثمار في مصر قوامها جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية بما يؤدي الي تحقيق تنمية مجتمعية شاملة ومستدامة.
أختتم كلمته قائلا: ان هذا القانون انما هو جهد بشري، معرض للإصابة والخطأ، ولكن يبقي الدور الأكبر على الحكومة في تنفيذ هذا القانون، والتسهيل على المستثمرين فيما لا يخالف القانون، حتى تعود مصر الي مكانتها التي نتمناها جميعا، قوية ورائدة في المنطقة والعالم.
“تدريب أعضاء السلك القضائي”
من جانبه قال المستشار الدكتور محمد كمال منير نائب رئيس مجلس الدولة ومدير مركز الدراسات والبحوث القضائية بجمهورية مصر العربية أن جهود مجلس الدولة والمركز سعت طوال الفترة الماضية على تدريب أعضاء السلك القضائي ليكونوا دائما في طليعة النخبة للحفاظ على المبادئ، ونعقد اليوم هذا الملتقى بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية تأكيدا على أهمية التعاون العربي والدور الريادي لمجلس الدولة بالشراكة مع كافة الهيئات القضائية العربية لمكافحة الفساد في مصر، ومن هذا المكان نعلن أننا يد واحدة معا ضد الفساد ولا استعلاء لجهة على جهة نعمل معا لرفعة مصر .
“ضوابط إبرام عقود الدولة”
كما قال الدكتور عادل السن المنسق العام أن الملتقى يسعى إلى إلقاء الضوء على ضوابط إبرام عقود الدولة، وطرق اختيار أساليب التعاقد، والطبيعة القانونية لهذه العقود والأثار القانونية المترتبة عليها، ومشكلات تنفيذها.
يعرض الملتقى للتجارب العملية للمستثمرين في كافة الدول بما تتضمنه من نجاحات واخفاقات وعرض للمشكلات التي واجهت المستثمرين سواء متعلقة بإجراءات التعاقد أو آليات التمويل أو التنفيذ أو تسوية المنازعات، وصولاً إلى وضع رؤى مستقبلية لتطوير القدرات الداخلية للدول العربية وحل تلك المشكلات للتوصل إلى بيئة استثمارية جاذبة، وإزالة التعقيدات في اجراءات العمل، من خلال تطبيق مفهوم النافذة الاستثمارية الواحدة، وتوفير حوافز كافية لتشجيع الاستثمار، بالإضافة إلى عرض أساليب التعامل مع المشكلات التي تواجه المستثمرين، بما يعزز فرص الاستثمار البيني في الدول العربية والأفريقية من جانب، ويسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية من جانب آخر.
كذلك يعتبر الملتقى فرصة كبيرة لقيام المشاركين من الدول الأجنبية والعربية والأفريقية بعرض الفرص لاستثمارية المتاحة في مجالات الزراعة والصناعة والتعدين وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى مجالات الخدمات خاصة الصحة والتعليم والسياحة والإعلام والنقل واللوجستيات. شارك في اعمال الملتقى نخبة من الخبراء من مصر، والسعودية، وقطر، والكويت، والبحرين.