لازالت تضج الاسئلة بعقل كل بيت مصري حول منظومة التعليم في مصر، وما يشوبها من مشاكل تتفاقم كل يوم وتحول دون تلقي أبنائنا فرصة حقيقية عادلة في التعليم، لذا التقت عدسة كاميرا قناة “أون إي” وذلك ببرنامج “كل يوم” الذى يعرضه الإعلامي “عمرو اديب” ،خلال الايام السابقة بوزير التربية والتعليم ،الدكتور طارق شوقي، في محاولة لإيجاد اجابات وافية عن الأسئلة التي طالما طرحها البيت المصري عن إمكانية تغيير المناهج الدراسية، واستبدال سياسة التلقين بأساليب أخري تنمي عقل الطالب من ورق بحثي وأنشطة مختلفة وغيرها، ورفع عبء المشاكل الذي يقع على عاتق الطالب المصري وأسرته من خلال الكتاب المدرسي الغير متوافر والذي بات يتأخر كثيرًا جداً في صدوره مما يدفع بالطالب والاسرة إلي اللجوء للكتاب الخارجي، ومكتب التنسيق، وحالات الغش التي انتشرت في المدارس ،ولاسيما تلك التي بدت جليه في امتحانات الثانوية العامة والازهرية العام الماضي، وفصول غير آدمية، وحالة الهرج والمرج التي سادت مدارسنا بسبب الكثافات العالية التي أصابت الفصول، إلي جانب مباني المدارس المتهالكة والفصول عديمة التهوية وغيره مما ينصب في مشاكل المباني وحدها، والحشو المبالغ فيه في المناهج مما يعمل علي عجز الطالب عن التحصيل واستيعاب كل هذا الزخم من المعلومات ، التي لا يحتاجها مرة أخري في سوق العمل أيضاً، إلي جانب حالة الفوضى والارتباك بل والهلع والذعر الذي تسببه الثانوية العامة في البيوت المصرية كل عام، ناهيك عن البخس من قيمة المدرس وعدم تلقيه المعاملة التي يستحقها والرواتب التي تردعه عن اللجوء للدروس الخصوصية، كذلك عدم العمل علي تدريبه بشكل جيد وحقيقي وجاد، علي الرغم كونه هو حجر الأساس في العملية التعليمية وهو المسئول عن صنع وتشكيل عقول أجيال بأكملها، إلا أنه عاني الكثير والكثير في ظل سياسات بالية زجت به زجًا مبينًا نحو الدروس الخصوصية لستر حاجة أسرته، وعليه قام الإعلامي عمرو أديب بإجراء حوار من جزأين حول مشاكل التعليم وبحث آلية حلها، ونظرة لمستقبل التعليم في مصر، وهل من أمل في الإصلاح واقتصاص جذور كل هذه المشاكل التي تفاقمت سنون طوال لتلد أجيال بلا تعليم حقيقي وطاقات مكدسة لا يحتاجها سوق العمل.
جدير بالذكر أن وزير التربية والتعليم الحالي “الدكتور طارق شوقي” ، والذي قد ورث تركة ثقيلة من المشاكل والاعباء، قد تولي منصبه في 16 فبراير 2017 أي قبل نحو شهرين فقط من اليوم، إلا أن اختيار “طارق شوقي” هذه المرة قوبل بالكثير من التفاؤل والأمل في غدٍ أكثر إشراقًا، وهو ما لمسته الاسرة المصرية من خلال تصريحاته في الايام السابقة مما جعلهم يستقبلوه بالكثير من الترحاب “الغير معتاد” لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني.
ونظرًا لما راه موقع “وطني” من أهمية في هذا الحوار الشيق والذي يهم كل البيوت المصرية ويجيب علي الكثير من اسئلتها، حرصت علي أن تقوم بتقديم النص الكامل للحوار الذي دار بين معالي وزير التربية والتعليم والاعلامي عمرو أديب…
عند سؤال الوزير عن :هل التعليم في مصر قابل للتطوير؟ وماهي الخطة التي سيقوم عليها هذا التطوير؟ قال :من جهة أنه يوجد خطة، نعم يوجد خطة وهناك أمل في التعليم ولكن المهمة شاقة جدًا.
إلي جانب كوني واحد من هذا الشعب مما يجعلني علي دراية كاملة بكل ما تعانيه البيوت المصرية، إلا أن الامر ليس بهذه السهولة فربما لو أتت الأسر المصرية لتشاركنا عبء تطوير التعليم لوجدوا أن الأمر شاق جدًا بل وأصعب كثيرًا جدًا مما يتوقعونه، فهناك فرق شاسع بين النظرية والتطبيق، كما أننا لدينا الكثير من النظريات والمؤتمرات والرؤى علي مدار أعوام كثيرة مضت.
وفي حقيقة الأمر والمشكلة الحقيقية أننا نستطيع التنظير كثيرًا ولكن عند التطبيق تكمن الصعوبة ولاسيما من خلال الأوراق التي بين أيدينا (الإمكانيات)، من إمكانيات بشرية، مادية، في البنية الأساسية في المنظومة برمتها، والحالة الثقافية في البلد، والدور الإعلامي، ودور أولياء الأمور وكل القائمين علي المنظومة.
مثلما يوجد في أمريكا ما يعرف بالحلم الأمريكي، يوجد لدينا هنا الحلم المصري، ولكن حينما نتحدث عن هذا الحلم المصري علينا أن ننتقل لأيام الأديب الراحل والوزير “طه حسين” حينما كان البيت المصري يفتخر بقدر المعرفة والثقافة والقراءات التي يقرأها الشخص، حتي أن المصريين كانوا يتباهون بوجود مكتبة في بيوتهم، حتي أن جدي كان يفتخر بالعدد الهائل من الكتب التي لديه علي الرغم كونه انسان عادي ولكن الثقافة كانت أمرًا هام جدًا في البيت المصري سابقًا.
ولكن الحلم المصري اليوم للآباء أصبح بأن يدخل أبنه احدي كليات القمة، والحصول علي مجموع كبير والحصول علي شهادة، ولكن كل هذا دونما تعليم حقيقي وثقافة حقيقية ولكن السعي الأوحد اصبح نحو كيفية الحصول علي درجات مرتفعة، وربما هذا ليس خطأ الطالب ولكنه خطأ تراكمي حيث أننا لخصنا تقييم 12 عام في امتحان محوري فقط، مما نتج عنه هيستيريا نتج عنها كل هذه المشاكل التي نواجهها اليوم واهمها الدروس الخصوصية التي بات الطالب يتلقاها منذ الابتدائي، وهو شئ غير متعارف عليه في أي دولة في العالم، مما يعني أنني فقط اعمل علي تحضير الطالب طوال سنوات حياته لهذا الامتحان الكلاسيكي(الثانوية العامة) المحوري الذي بات يدخله الطالب حافظًا شكل الاسئلة وهو ما بات يعرف ب” صناعة انتاج المجموع”.
و”صناعة انتاج المجموع” تتضمن الدروس الخصوصية والغش بكل الاشكال، وكل الآليات التي تمكن الطالب من الحصول علي مجموع كبير دون تلقي تعليم حقيقي.
وفي حقيقة الأمر اننا خلقنا للطالب نظام القبول في الجامعة وفقًا لهذا الامتحان فقط، وكذلك يقوم التنسيق بتوزيع الطلبة ليس وفقًا لاحتياجات الدولة وانما وفقًا لهذه الارقام، المهم أن يجد الطالب مكان له داخل إحدى الجامعات، مما جعلنا ننسي من خلال هذا المزيج أن التعليم متعة وفكرة، حتي أننا اذا خرجنا بقرار الغاء الثانوية العامة البيوت المصرية سترتبك وتضطرب، لأن هذا أصبح هو الهدف الوحيد الذي يرومون له” التنسيق والجامعة” دونما يعي الطالب لأهمية هذه الكلية التي سيلتحق بها، ولكن يبقي الهدف هو الحصول علي شهادة فقط، مما يصدر نسب متزايدة من البطالة والاحباط، لأننا زججنا بالطالب في اتجاه بلا وظائف في سوق العمل.
وللسعي لإصلاح هذا يلزم العودة للوراء، حيث أن هناك جدل واسع جدا “فظيع” علي السوشيال ميديا بشكل لم أكن اتوقعه في جميع الاتجاهات، وردًا مني علي هذا الجدل أقول: “نحن نعي تمامًا لحجم المشكلة ونسعى جديًا لحلها، وهناك ارادة سياسية حقيقية، وسنشمر عن سواعدنا للبدء في الحل”.
لدينا اليوم في منظومة التعليم الأساسي فقط 1.7 مليون موظف، وعلينا كإدارة أن نعمل بهذا الكم الهائل من الموظفين في هذا القطاع، كما أن لدينا الكثير من المشاكل الادارية – التي أدي اليها الروتين ليصنع منها أخطبوطًا تعبث أذرعه بالمنظومة كلها _ دونما النظر مطلقًا إلي ما يتلقاه الطالب من تعليم.
كذلك انشغال الاهالي بنظام “البوكليت” وهول الثانوية العامة وعدد الاسئلة والوقت بين كل مادة وأخري ، وصور الغش، ونحن غير مستمتعين ولا نتعلم حقيقي، فالأمر بات مثل “العلقة” التي يتلقاها الطالب والاسرة ويسعون طوال الوقت للخلاص منها.
وعن عملية تدريب المعلمين فالأمر ليس يسيرًا على الاطلاق فأنت تتكلم عن عدد مدرسين يصل إلي مليون و200 ألف معلم وهو رقم هائل، والحديث عن منظمات وهيئات تقوم بعمل تدريب للمعلمين، فحقيقة الأمر أن هذه المنظمات والهيئات لا تستوعب أكثر من 200 : 300 معلم اي “نقطة في بحر” من عدد المعلمين.
لدينا بانوراما معقدة كثيرًا ومشاكل عدة، فديوان الوزارة وحده به 8000 موظف وهيئة الابنية التعليمية بها 7000 موظف وغيره من ارقام كبيرة وبالتالي كي تتعامل مع كل مجموعة، فالمشكلة ليست تقنية فقط او المناهج اوفي تصميم الكتاب، ولكن الامر كبير جدًا.
وكانت اجابة الوزير عند سؤاله من أين سنبدأ، أن الامر ليس يسيرًا ولن يأتي بضغطة زر ولكنه يحتاج إلي تكاتف من جميع الجهات المنوطة بالتعليم والسعي في طريق واحد نحو اتخاذ خطوات حقيقية في الحل.
أول اهتماماتي تنصب نحو العنصر البشري، نحتاج ادارة أفضل ومعلمين أفضل وتواصل مع أولياء الأمور والتحدث مع الناس حول ما يحدث، وهذا ما اعمل عليه لعدد ساعات طويلة من خلال “الواتس آب والفيس بوك” وغيرهما، وأقوم بمقابلة الشباب والطلبة وأولياء الأمور والمعلمين، لأضعهم في الخطة التي تعد لتطوير التعليم، ولكن هذا لا ينفي أن العدد ضخم جدًا.
فنحن لدينا نحو 516.000 ملف لمعلمين يطالبون بالترقيات المستحقة، كذلك تثبيت معلمين منذ عام 2008 وحتي 2016 ، بعض المدرسين المنتدبين الذين يسعون للعودة ،وبعض المدرسين الذين يسعون للنقل من المحافظة التي يعملوا بها لمحافظة أخرى، والمسابقات المحلية، والتظلمات، وابنائنا خارج مصر الذين يسعون للعودة هنا، والطلبة من خارج مصر الذين يريدون الحصول علي الثانوية العامة من مصر ،وعدد لا حصر له من هذا النوع من المشاكل، التي تسحبك بدورها إلي التظاهر عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وإثارة القلق، فيبدأوا بعمل مجموعات علي الواتس آب والفيس بوك تحت مسميات عدة منها “تمرد”
وهناك الكثير من مجموعات “تمرد” علي صفحات التواصل الاجتماعي، كما ان لدي عدد هائل منها علي هاتفي المحمول والتي تتهافت علي الاسئلة بل وربما شتمي وقذفي بالعبارات المسيئة، واتهامي بالتقصير من قبل البعض علي الرغم انني توليت مهامي منذ مدة وجيزة جداً، فكيف أحاسب علي إرث 50 عام مضت بكل مشاكلها، نحن نسعي أن نطور ونزحزح هذه الحجارة عن قبور مشاكلنا خلال 5: 6 سنوات ولكن مستحيل أن يتم هذا في أيام.
ولكن علي الرغم من هذا فإننا لدينا عدد من الأمور التي حققناها ومنها ترقية 123.000 معلم من أصل516.000 ملف وسنقوم بترقيتهم جميعًا، بما في ذلك من تكلفة ولكن أمهلونا قليلًا من الصبر والوقت ،كذلك قمنا بتثبيت 7.000 معلم من المتضررين من الدفعات السابقة، وهذا يعد انجاز كبير، كما قمنا بإعادة انتداب البعض مرة أخري بعدما خرجت من الوزارة، وقمنا بحل مشكلة المعلمين المغتربين، وسيتم عرضها علي مجلس الوزراء، وسيتم حل مشكلة التعريب، وعدد من المشاكل، والتعامل مع شرط محو الأمية ،ونقوم بحل مشاكل ابنائنا في الخارج ولكن كل دولة علي حدا، حيث قامت وزيرة الهجرة بالسفر إلي الكويت وتم ارسال البعض معها لحل مشاكل ابنائنا هناك، كل هذا خلال 6 أسابيع فقط.
كل هذا تم في زمن قياسي احترامًا للمعلم، ولكن ليس عن قناعة شخصية مني تجاه القرار ولكننا نحتاج إلي تهدئة الأمور لتطمئن القلوب وتسكن، فنبدأ في مرحلة التدريب والسعي تجاه الحلول وتطوير التعليم.
هذا بجانب سعينا إلي الموافقة هذا العام علي مطالبات أولياء الأمور بتخفيف المناهج وتعديل جدول الامتحان وعدد الاسئلة والاسئلة الاختيارية ووقت الامتحان وغيرها، وليس لأن هذا اسلوب صحيح ولكننا نحتاج أن نهدأ لكي نبدأ، فهناك حالة غليان عند جميع الاطراف، والامر ليس بـ”جرة قلم”.
وأحد نماذج الواقع الحالي، هو مطالبة البعض بل والتظاهر ممن “لا يستحقون وغير مؤهلين للعمل في هذا المجال” بالتثبيت، وعلي الرغم كوننا أعطيناهم فرصة للالتحاق بتدريب لمدة عامين الا انه لم يسع لهذا التدريب إلا عدد قليل جدًا منهم، فقمت بمحاولة غض البصر عن الاخطاء المشتركة التي انجبتها سنون سابقة ومحاولة رفع بعض الشروط لاستيعابهم في سوق العمل.
وكذلك لدينا مشكلة المعلمين المغتربين والتي نتجت عن مسابقة الـ 30 ألف مدرس وعدد اخر من المشاكل بسبب هذه المسابقة، وعند النظر إلي كل هذه المشاكل نجد أن لا علاقة لها علي الاطلاق بالتعليم، والامر لا يتعدى كونه إداريات فقط.
هذا ونسعي لتغيير بعض الافكار وبعض الوجوه لكي نستعد لتطبيق فكر جديد، ففكرة أن يظل شخص بعينه علي كرسيه لمدة طويلة ليست أمرًا جيدًا، ونحتاج الاعتماد على القيادات الشابة، وعليه قمنا بإدخال 20 شاب من البرنامج الرئاسي.
ولكن هل هناك طاعة عمياء تجاه هذه القرارات، فمن الصعب قبول أن تعفي شخص قديم من مهامه الوظيفية ووضع شاب مكانه، من المؤكد أن هناك حالة من الغليان، لذلك صرح “شوقي” أن وزارة التربية والتعليم تقوم بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية بالاهتمام بالعنصر البشري في مقدمة اهتماماتنا، ولاسيما المعلم، وحل جميع المشاكل.
كما سنقوم بإرسال بعثات من مديري الإدارات في كل محافظة لتلقي تعليم بالخارج والاطلاع علي سياسة التعليم وبحث تطويره ، نعمل في المقدمة علي العنصر البشري وتأهيله نفسيا وبدنيا.
وعن سؤاله عن دور الوزراء قبله ،قال معالى الوزير: “هناك دورين في العمل إما تضميد الجراح والعمل علي تطفئة الحرائق ولكن هذه ليست الوظيفة وليست الطريقة المناسبة كما يعتبرها البعض.
ولكننا نعمل بالتوازي مع اخماد هذه الحرائق الكامنة علي بناء 100 مدرسة علي النموذج الياباني، و100 مدرسة اخري “مدارس النيل” ، و100 مدرسة للمتفوقين، ليصبح في كل محافظة امكانية اختيار للطلاب، كذلك نعمل علي مشروع إعادة بعض المعاهد ،والمدارس التي كان لها تاريخ مثل القومية وآمون والخديوية وبورسعيد وغيرها التي نسعي لإعادة إحياؤها، كذلك هناك مجموعة مدارس تحترم وتختص بأطفال التوحد والتربية الخاصة والاعاقات، وكل هذا بدأنا العمل عليه وهناك أراضي متوفرة لها وعمالة مجهزة لها ،كما سنقوم بتوقيع اتفاقية النيل، ووقعنا اتفاقية اليابان، ونسعي خلال هذا العام لبناء 25 مدرسة من كل نوع من هذه المدارس.
وبالنسبة لملف الثانوية العامة لأنه أكثر ما يقلق الناس، لذا وافقنا علي طلب أولياء الأمور بالتيرم المنتهي وقمنا بعمل جدول بما يتوافق مع الجميع، إلي جانب 4 تدريبات قومية علي البوكليت، وتعاقدنا مع جهات في الدولة لطباعة وتأمين الامتحانات، لتفادى حالات الغش.
أشار “شوقي” في حديثة عن الغش حيث قال : لن استطيع أن أجزم بانتهاء الغش من الامتحانات هذا العام ،فظاهرة الغش ليست ظاهرة تعليمية فحسب وانما هي ظاهرة أوسع نطاقًا من هذا المفهوم الضيق، ولكنها ظاهرة مجتمعية، فبعض أولياء الأمور يتعرضوا بالضرب للحراسة لفتح مجال الغش لأبنائهم، ولا يقلقني أمر الغش وسأضيف معلومة لأولياء الأمور علها تريحهم من هذا الهاجس، يوجد لدينا تقنيات وأمور تم عملها لمواجهة الغش، ولكن بطريقة علمية من الصعب أن تصل بالغش إلي مرحلة الـ 0%.
الغش له 3 أسباب مختلفة:
-غش طالب يحتاج إلي ارقام فيقوم بالغش من زميله، وهذا يعتبر الغش المألوف والمتعارف عليه.
-غش لإحراج الدولة، وغش من المنبع لإحراج الوزير .
– غش انتقامي ،”دمر الامتحان وجو الامتحانات بأكمله”.
فالغش أصبح ممنهج ويأتي لتحقيق أهداف من وراءه، مثل تشويه صورة وزير واحراج الدولة والرئيس، ولم يعد هذا النوع الساذج من الغش الذي كان متعارف عليه سابقًا.
من الممكن محاربة الغش من خلال تكثيف الحراسة، ولكن ما نحتاج اليه عمليًا هو معرفة لماذا الغش؟
فنجد أن اهم اسبابه طريقة الامتحان ،والهيستريا التي يصنعها البعض للامتحان، لذا نحتاج إلي أن نقتلع جذور الأسباب والمخاوف.
و”البوكليت” تم وضعها في محاولة لتحجيم الغش، كما سعينا هذا العام لوضع أكثر من نموذج للامتحان، بنفس الاسئلة ولكن بترتيب مختلف، كذلك منع دخول الهواتف المحمولة وغيرها، ولكن هناك الغش الإجرامي الذي نقف عنده.
وذكر معالى الوزير في حديثة ظاهرة ” شاومينج” التي كانت تضع نماذج الامتحانات علي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ،ولكنه طمئن الجميع حيث قال : في ضوء الاجراءات الاحترازية التي قمنا بوضعها هذا العام أتصور أن الامر سيكون صعبًا، فنحن لدينا إجراءات كثيرة ويتدخل فيها جهات مختلفة وليست الوزارة فحسب، علي الرغم أنني كنت أتمني ألا نبذل كل هذا الجهد والمصروفات علي هذا الأمر، ولكننا نجزم أن احتمالية الغش لهذا العام عن العام الماضي أقل بنحو 85% : 90%.
ولا يغب عنا أننا محاصرون بعدد هائل من المشاكل، ليست الادارية فقط وإنما إذا تطرقنا للكتاب المدرسي والمدارس القومية والخاصة والدولية والجاليات.
فسنجد علي صعيد ملف الكتب أنه ملف معقد جدًا وربما يحتاج إلي حلقة حوارية وحده ولكن النقطة الأبرز في هذا الملف هي: كأول مرحلة خلال سبتمبر القادم أي “العام الدراسي الجديد” أنه تم الاتفاق داخليًا علي تقليل ما يتم طباعته من الكتب، لن نستغني كليًا عن الكتاب ولكن سنقلل من حجمه، وفي حقيقة الأمر أن الناس لم تكن تدعي كثافة المناهج والحشو بداخلها، حتي علي عقول أطفال الابتدائي وهو ما لمسته شخصيًا من خلال مراجعتي للمواد التي يتلقونها، وأؤكد أن هذه المناهج سيتم اقتصاص نحو 30%: 40% من حجمها دون تأثير علي مخرجات التعليم “هذا دش مقصود به أسباب أخرى”، أي أن زيادة عدد وحجم المطبوعات وبالتالي زيادة المكاسب لفئة بعينها، وزيادة العبء علي الطالب.
كذلك سنعمل علي ربط مناهج العلوم والرياضيات في المرحلة الثانوية بمحتوى بنك المعرفة الرقمي، مما سيقلل نحو 70% من المطبوع، أي أنني لن احتاج لطباعة نحو 30 صفحة عن الخلية في الوقت ذاته الذي يفي بالغرض صفحة أو اثنتين، ويستقي الطالب باقي المعلومات من خلال فيديوهات وصور وقراءة وعمل ورق بحثي.
جاري أيضًا عمل مفاوضات لتقليل تكلفة طباعة الكتب باللغة الأجنبية، ومن خلال ما سبق حول الكتاب المدرسي تمكننا من توفير نحو 700 مليون جنيه، ويمكننا الوصول لأفضل من هذا، ولا يغب عنكم أن هذه الامور ليست يسيرة وهناك الكثير والكثير من المقاومة ولكن الهدف هو توفير هذا الحجم الهائل من الميزانية المعدة لنا، في الوقت ذاته الذي يسعي فيه العالم حثيثًا نحو السكة الرقمية، كما أن لدينا بنك المعرفة والذي يوجد فيه برامج على كفاءة عالية في الرياضيات وغيرها لخدمة الطالب، ولكنها غير مستخدمة علي الرغم أننا جلبنا 20 مليون نسخة من بنك المعرفة لأبنائنا ولكن في حقيقة الامر لم يتم استخدامها في الفصل والمدارس.
والمانع الحقيقي في هذا هو من خلال واضعوا المناهج، الذين يرفضون هذه التقنية من التعليم، مما يحول دون تعلم الطالب إياها، إلا أننا كوزارة سنعمل علي ربط هذه المناهج بالتكنولوجيا المعدة لها، وقمنا بإدخال بعض المبرمجين المصريين الذين قاموا بعمل برامج رقمية رائعة سيتم وضعها جميعا علي بنك المعرفة، وأؤكد للطلبة أنهم سيجدوا ما يسرهم العام القادم في مناهج العلوم والرياضيات.
فالحلم الذي نسعي إليه ونطلق عليه “نظام تعليم مصري جديد” هو تغيير شامل علي جميع السنوات الدراسية قلبًا وقالبًا.
ولكن يبقي الكلام هو أيسر الأمور ولكن عند التنفيذ الأمر صعب جدًا، لأن النظام الأول الذي لازلنا عليه حتي اللحظة يحتوى علي 20 مليون شخص، في مراحل مختلفة، من الصعب أن تقوم بالتغيير المفاجئ لهم بهذا الشكل، ولكن الحل الذي نسعي إليه هو عمل خط موازي لما نحن عليه الأن يستوعب الاطفال الجدد الذين سيبدأون مراحلهم التعليمية في السكة الجديدة، في الوقت ذاته الذي نسعي فيه تطوير النظام الحالي وتحسين الموجود باستخدام كل الادوات المتاحة لدينا وبأقل التكاليف كخطوة أولي.
وأبرز ما نسعي اليه هو “الثانوية العامة والتنسيق”، فنحن نحتاج لاستبدال هذه الطريقة من التقييم لأبنائنا بطريقة أخري، من خلال رجوع الطالب للمدرسة وترغيبه في التعليم، والخروج به من دائرة الامتحانات وفزع الثانوية العامة، وأيضًا رجوع المدرس لفصله، فنصل بالطالب لمرحلة التعليم الحقيقي، فليس من الصعب إلغاء الثانوية العامة، ولا بأس من تطبيق النظام الجامعي في التقديرات والتقدير العام لسنوات الدراسة علي المرحلة الثانوية، فنخرج من قبضة السنة الواحدة، ويكون هذا من خلال جزء الكتروني وجزء شخصي وجزء من خلال المعلم المدرسي، فأقيم ابنائي بشكل واضح وصحيح، وتكون مرحلة إعداد وتأهيل وتعليم، كما يأخذ الطالب شهادته وتكون صالحة لمدة خمس سنوات، إذا أراد الطالب العمل لوقت أو التفكير أو الالتحاق بالجامعة بشكل مباشر، أو تعليم كورسات في مجالات مختلفة أو الالتحاق بأي جامعة بالخارج، كما يتم عمل بعض الاشتراطات والاختبارات في كل جامعة تكون مسئولة عن نظام القبول للطالب فيها.
وقد صرح “شوقي” إذا اكتمل نظام “التقييم البديل” سنقترب من نظام الثانوية العامة في أقرب وقت، لأننا لن نستطيع تغييره علي طالب وصل المرحلة الثانوية، إنما يمكن تطبيقه علي الطلبة الجدد الذين سيلتحقون بالمرحلة الثانوية.
وأعتقد أن هذا الأمر يستوجب التفكير لسببين هما:
-أنك ستتمكن في الخروج من فزع شبح الثانوية العامة علي الطلبة الجدد وكذلك المستقبليين الذين سيلتحقون بعد عام أو أكثر بالمرحلة الثانوية، وستقضي علي الغش والدروس، وستتحول العملية التعليمية إلي متعة دراسية بعكس ماهي عليه الآن.
-سيكون لدي الطالب عدد كبير من الفرص لتغيير تقديره وتحسينه، وهو أمر يسترعي الاهتمام.
وعند اجابته على سؤال هل سيقوم النظام علي أعمال السنة التقديرية طوال الوقت؟ اجاب الوزير بأن هناك نظم جديدة في التقييم، فنية جدا ونعمل علي تجميع عدد من الخبراء للقيام عليها، بعضها أنشطة وبعضها امتحانات كتابية، وابحاث.
وعليه نقوم بالتوازي بإعداد مدرسين لهذا الامر، فلدينا يوم 30 أبريل الجاري سيتم تخريج 10.000 مدرس “هم سفراء التغيير” تابعين لمشروع المعلمون أولاً، وسيتم زيادة هذا العدد ليصل الي نصف المليون في يونيه 2018، سنعمل علي تدريبهم عقب تخرج الدفعة الأولي بنحو أسبوعين.
وبالتوازي مع هذه التدريبات نقوم بتطوير كل المناهج رقميًا ووضعها علي بنك المعرفة في جميع المواد، لنصبح جاهزين بالمدرس والمحتوى التعليمي.
وبالتوازي مع ما سبق والواقع لدينا وحال المعلم، من الصعب أن أخاطب الدولة اليوم في رفع أجور المعلمين ولو بنسبة 10%، ويرجع سبب هذا إلي أنني اذا أخذت هذه الزيادة بالضرب في عدد 1مليون و200 ألف مدرس ، هم عدد العاملين لدي في المنظومة التعليمية بالضرب في 12 شهر سنويا سيخرج رقم هائل ومن غير الممكن سداده الآن.
لذا حاولنا أن نقوم بشيء آخر، من خلال اتفاق “لن أفصح عن مجمل تفاصيله الآن ” ولكنه يعد محاولة لإيجاد وسيلة للمعلم يتم من خلالها إثابته من خلال نقاط على ما يقوم به وينجزه مثل “قيامه بالالتحاق بالتدريبات المعدة للمعلم، واستخدام بنك المعرفة في التدريس، مستوى الطلبة لديه فاق حد معين ، نسبة الحضور…إلخ يتم الحصول علي نقاط تحفيزية له.” ،والامر شبيه لنقاط شركات المحمول حيث سيتم تحويل هذا النقاط إلي مبالغ مالية، وتكمن أهمية هذا في كونه يحفز المعلم علي العمل بشكل أكبر، وأخرج من دائرة الكادر والمحسوبيات، وهذا يعد إنجاز كبير في حد ذاته، وهو خلق ثقافة الاستحقاق الحقيقي.
وجاري العمل علي هذا النظام مع وزارة التخطيط والبنوك وعدد من الداعمين، وننتظر أن يكتمل نموه حتي نخرج به للإعلام ، وكل هذه الامور ستغير من ديناميكية التعليم بشكل كامل.
هذا إلي جانب العمل مع وزارة التعليم العالي برئاسة الدكتور خالد عبد الغفار والدكتور أشرف حاتم علي نظام القبول في الجامعة بدلًا من نظام التنسيق، وعلي الرغم من صعوبة كل ما سبق إلا أننا لابد أن نتخطى حاجز الخوف ونقترب من هذه الامور لحلها.
وإذا تمكننا من القيام بهذا النظام سنحقق الكثير جدًا من التطوير في التعليم ونقضي علي الغش وغيره من مشاكل في منظومة التعليم.
في حقيقية الامر لن يرضى أياً منا لأبنائه أو احفاده أن يتلقى تعليم “كده وكده”، في الوقت ذاته الذي يمكن أن يتلقى تعليم أفضل كثيرًا، ولا يغب عننا أن أهالينا تعلموا بتكاليف أقل كثيرًا مما نعلم بها ابنائنا اليوم ولكنهم أفضل كثيرًا مما نحن عليه اليوم، فتعليم توفيق الحكيم وطه حسين لا يقارب تعليم طفل اليوم في ابتدائي من حيث التعليم والتكاليف، بالأمس كان التقييم الحقيقي للثقافة والمعرفة عكس مانحن عليه اليوم تماما.
كان أحد اسباب فزعي هو ما راودني به الاهالي حول شكل الاسئلة ونمطية السؤال، وهو ما يعكس جهل حقيقي، خروج عقول لا تعرف شيء عن التفكير والبحث العلمي والاستنتاج والاستنباط.
هذا ولابد أن نقيم الوقت المتاح لدينا لنعمل عليه، ونخرج من دائرة المشاكل الادارية، لنتيح لأنفسنا الفرصة لبناء مستقبل تعليمي جديد والاستفادة من اخطائنا، ولابد من اشراك المدرسين في الهدف الذي نصبو إليه وكذلك أولياء الأمور وشباب تحيا مصر.
وفي ختام الحوار صرح وزير التربية والتعليم ان هناك علاقة بالموظفين وبين الوزارة وأنا أحاول واسعى للتعرف علي أكبر عدد من الموظفين واستكشاف المواهب، وسأقوم بزيارة لكل المحافظات والتعرف علي المديرين، إلا أن الأمر ليس يسيرًا فالمنظومة التعليمية لدينا ضخمة.
وجدير بالذكر وفي خضم كل ما يتم عمله في المطبخ التعليمي، نسعى لعمل عدد من المبادرات لاستعادة دور الوزارة في التربية والثقافة ونتعاون مع وزارات الثقافة والشباب والرياضة والاعلام.
وسنعمل علي مبادرة تحت اسم “مقترح” بعنوان “مصر تناقش وتعمل” يتم من خلالها اختيار عدد من الموضوعات مثل “تذوق الجمال” والقيم، و “احترام الآخر” و “الطائفية وقبول الآخر”.
كما يوجد فكرة، نسعي من خلالها لمحاولة ادماج المجتمع والاسرة في الوزارة ومساعدتها، تحت مبادرة بعنوان “ادعم مدرستك”.
ولا أنفي ابدًا تعاطفي مع المدرس بكل ما يتكبده من معاناة، ولكننا نحتاج إلي القليل من الصبر، كما أن الدولة ليس بها هذه الموازنات التي تؤهل لرفع أجر المدرس الآن، كما أن التعليم برمته يحتاج إلي الكثير من العمل من المدرس قبل أن يطالب بموازنات جديدة، وألفت إلي أن بعض الطلبات غير مستحقة لذويها.
هذا ولا يغب عنا ضرورة الزيادة ولا ننكر حاجة المعلم لهذه الزيادات ، ولكن لابد من الصبر قليلا والعمل بشكل أكبر.
كما قمت بدعوة مجموعة من معلمي مصر وبحث شكواهم بدلا من الكتابة علي وسائل التواصل الاجتماعي.
ولدينا في الوزارة ايضا نحو 6 مجموعات من أولياء الامور المعترضون علي التعليم ونظام التعليم مثل “أمهات ضد المناهج” ،”منهجكم باطل” وغيرها، إلي جانب تفشي وباء البيروقراطية في كل أدراج الوزارة، وكل هذه الامور يلزمها الكثير والكثير من العمل.
ويتم الان اعداد قانون خاص بالمدارس الدولية ومصاريفها وتنظيم هذه الامور وفتح موقع الكتروني لها، وبكل الاستفسارات التي يحتاجها الأهالي.
وفي النهاية وبعد هذا الحوار مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، دكتور طارق شوقي نأمل أن يتحقق كل ما تحدث عنه ولا نجده بعد شهور درب من خيال.