أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أعقاب التفجيرات الإرهابية الدموية التى ضربت كنيستى “مارجرجس” بطنطا والكنيسة “المرقسية “بالإسكندرية يوم الأحد الموافق عيد دخول السيد المسيح أورشليم ” أحد السعف ” ، اتخاذ قرار بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف بمصر، على أن يتم إصدار قانون لتشكيله بهدف إعطاء هذا المجلس صلاحيات فى تنفيذ استراتيجية قومية لمكافحة الإرهاب والتطرف.. فهل سيكون المجلس الأعلى لمواجهة الارهاب داعماً أساسياً فى مواجهة الأفكار المتطرفة والظلامية؟ , وهل سيعيد النظر فى المناهج التعليمية والدينية وتغيير الخطاب الدينى؟.. وما هى مهام المجلس وكيفية تشكيله والدور الذي يقوم به الفترة المقبلة وما أولوياته…. ففى ضوء هذا الإعلان الهام لرئيس الجمهورية تحدثت “وطنى” والمختصين أمنياً وقانونياً إجتماعياً للوقوف على تصورهم ورؤيتهم لهذا المجلس.
من جانبه قال اللواء طلعت مُسلم الخبير الإستراتيجى والأمنى : اتصور أن تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف سوف يتكون من ممثلى القيادة السياسية والقوات المسلحة والكنيسة والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ، كذلك يُمكن تمثيل وزارة الإنتاج الحربى لإمكانية المساهمة بدورها فى الجوانب الفنية والتكنولوجية المتعلقة بالتسليح الآلات والأجهزة الأمنية المتطورة.
مشيراً إلى أن المجلس سيكون منوطاً ببحث سُبل مكافحة الإرهاب فنياً وإجتماعياً والعمل على مواجهة الأعمال الإرهابية على ارض الواقع ، منوهاً أن للمجلس سيكون له دور كبير على مستوى المعلومات الأمنية والإستخبارتية فيما يتعلق بالمعلومات الخاصة بمكافحة الإرهاب سواء فى الداخل أو مع أطراف خارجية العالم إقليمياً وعالمياً
مضيفاً أن المجلس قد يضم فى تشكيله ممثلين عن المنظومة الإعلامية للقيام بدوره فيما يتعلق بالواجب إيصاله للمجتمع و الرأى العام ككل ، منوهاً أنه غير مُستبعد وجود ممثلين عن التعليم كهمزة وصل مع المؤسسات التعليمية والنشئ كذلك وزارة الخارجية للتعاون الدولى والتواصل مع الخارج فى مجال مكافحة الإرهاب العالمى والإقليمى ، أيضاً ممثل عن البنك المركزى .للتعامل مع الجوانب الخاصة بتمويل الإرهاب وتعقب حركة تلك التمويلات
يرى اللواء طلعت مُسلم في نفس الوقت أنه إذا زاد عدد ممثلى الجهات المعنية بشكل كبير فى تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف ، فإن ذلك قد يصبح عبئ كبير فيما يتعلق بإنتظام إنعقاد جلسات وإجتماعات المجلس ، مما ينعكس بالسلب على دوره فى التواصل من أجل تحقيق أهدافه .
فيما يتعلق بالجوانب القانونية التى ستسبق تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف يرى اللواء طلعت مُسلم أنه سيتم أولاً إصدار قانون تشكيل المجلس واللوائح المنظمة له ، والفروع التى ستنبثق منه ، منوهاً أن العمل التحضيرى لكل ذلك سوف تستغرق وقتاً ، مُطالباً بأهمية نفكر أولاً بهدوء لوضع كل التصورات والتطورات والتحديات على الورق ، ومن ثم ننطلق للتنفيذ .
إقراره من الرئيس والمجلس
أوضح المستشار أمير رمزى رئيس محكمة جنايات القاهرة أن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف الذى أعلن الرئيس عبد الفتاح عنه تشكيله ، سوف يصدر بقانون يٌقره رئيس الجمهورية بعد مراجعته من قبل مجلس النواب ومن ثم صدور اللائحة المنظمة لعمله ، مؤكداً أنه من المتوقع أن تكون له مساحة كبيرة من الإختصاصات بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المختلفة ، خاصة النواحى المتعلقة بسلاح التوعية ضد مخاطر الإرهاب والأسباب المودية لتلك التصرفات مثل الكراهية ، نظراً لوجود أعداد كثيرة بالمجتمع تحتاج لجهود كبيرة من الدولة تتعلق التوعية .
يرى رمزى أنه من المتوقع أن تكون للمجلس قرارات هامة تتعلق بإجراءات مكافحة الإرهاب على المستوى الأمنى والتشريعى بالتعاون مع الحكومة ، منوهاً أن سلطته قد تضلهى سلطة مجلس الوزارء .
“الرقابة المباشرة على الخطاب”
قال المستشار روفائيل بولس رئيس حزب مصر القومى : إن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف سوف يكون له صفة رسمية بقرار جمهورى وتشكيله سيكون من مجموعة من المسلمين والمسيحين وأن قراراته فعالة.
عن أهم أولويات المجلس قال بولس : إرغام الازهر على الرقابة المباشرة على الخطاب الدينى واجتماعات الأئمة بالمساجد والاجتماعات التحريضية ضد المسيحين, كما سيتخذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بتنقية المناهج التعليمية ,بحيث يتم استبعاد أى أحاديث تحد على التطرف وكراهية الآخر, فضلا عن أعطاء صلاحية واسعة للمجلس الاعلى لمكافحة الارهاب فى محاربة التطرف , موضحا أن هناك فرق بين بيت العائلة والمجلس الاعلى لمكافحة الارهاب فبيت العائلة والجلسات العرفية كيانات غير رسمية تتم بشكل ودى ما بين أطراف النزاع .
“سلطات واختصاصات واسعة”
فيما قال المستشار نابليون حبيب غبريال رئيس محكمة رئيس محكمة بنها: إن المجلس الاعلى لشئون الإرهاب سيكون له سلطات واختصاصات واسعة وتحت إشراف رئاسة رئيس الجمهورية مباشرة، مشيرا الى انه سيضم فى تشكيله العنصر العسكرى والقضائى والشرطة فضلاعن العنصر الدينى ،
اضاف: سيحدد تشكيله قانون يعد حاليا وسيصدر قريبا موضحا أن من سلطاته اقتراح مشروعات قوانين وانه سيضع تعريف ماهو الإرهابى والمقصود بالعمل الإرهابىب، مؤكدا انه سيكون مثله مثل اللجنة العليا للانتخابات وأن عمله سيكون مستمر، واوضح غبريال أن القضاء العادى يحكمه قانون الاجراءات الجنائية والذى يعد مكبلا بالقيود كحكم الدرجة الاولى والنقض وغيره أما المحاكم العسكرية ذات الإختصاص الإستثنائي سريعة فى احكامها، فيما يخص الجرائم التى ترتكب فى حق المنشاءات العسكرية .
“القضاء على ظاهرة الإرهاب”
قال المستشار عبدالله قنديل رئيس مجلس أدارة نادى مستشارى النيابة الإدارية: أن المجلس الاعلى لشئون الارهاب هو عبارة عن تشكيل سياسى يبحث فى اسباب وجود الظاهرة الارهابية وكيفية مكافحتها والقضاء عليها وهو الذى يقوم بالتنسيق مع الجهات الاخرى، موضحا أن الاجراءات القانونية والصلاحيات التشريعية و القضائية، من اختصاص السلطة القضائية.
مشيرًا أن من ضمن اختصاصاته يؤخذ رأيه فى مشروعات القوانين ، واللوائح المتعلقة بها، وبمجال أعمالها ويزيل الاحتقان بالأضافة الى البحث فى عوامل تفشى ظاهرة الارهاب وكيفية القضاء عليها.
“الإنتهاء من صياغة قانون”
قال المستشار بهاء أبو شقة،رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب، إن اللجنة ستعكف على الانتهاء من صياغة قانون المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف , موضحا أن القانون سيوضح طريقة تشكيله واختصاصاته.
مشيرًا إلى أن المجلس سيكون له صلاحيات واختصاصات واسعة بما يتفق مع الضوابط الدستورية, وأن المجلس له الصلاحية في إصدار أي قرارات أو قوانين، خاصة في مجالات الإعلام والقانون والخطاب الديني،
قالإن مشروع القانون الخاص بتشكيل المجلس ، سيخرج من مجلس النواب بضوابط محددة للخطاب الديني والمناهج التعليمية، ليضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب و التطرف
“التنسيق بين الأجهزة”
فيما قال اللواء محمد رشاد خبير أمنى: المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب سيكون له دور التنسيق بين الأجهزة العاملة في المنظومة الأمنية ومكافحة الإرهاب، ولكن لابد من إصلاح الجهاز الأساسي، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية أولًا، أضاف: أن المنظومة الأمنية تعمل دائما من الأسفل إلى الأعلى وليس العكس، ويجب أن تحكمها قاعدة معلومات جيدة بكافة التفاصيل عن الإرهاب، وبغيرها لن يكون الأمن مستقرا فالمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب لن يكون له أي دور فعال في ظل عدم تواجد قاعدة معلومات تمتلكها المنظومة الأمنية , فالمنظومة الأمنية لابد أن تمتلك المعلومات الكافية للتعامل مع الأحداث، مؤكدا أن المجلس لن يكون له فائدة في ظل عدم وجود القاعدة الساسية التي يجب العمل على اساسها وهي توافر المعلومات الكافية عن عناصر الإرهاب.
“ينحصر في عمل الأجهزة الأمنية والسيادية”
أختلف أحمد عطا، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن الإرهاب له خصوصيته ولا يمكن أن يتم طرح مشاكله على العوام لآن بها جزء كبير يتعلق بالأمن القومي المصري، وهذا ينحصر في عمل الأجهزة الأمنية والسيادية التي تتعامل مع هذا الملف باحترافية وقال : لابد من ترك المجال للاجهزة الآمنية كى تتحرك بعيدًا عن المجالس والنشرات والمؤتمرات والتوصيات، فعمل مجلس لمكافحة الإرهاب غير مجدية لأن مشكلة الإرهاب معقدة جزء منها تاريخي وأخر إقليمي وجزء دولي، ولكن نحن في أمس الحاجة لوجود قناة دولية تؤثر في الأخر بشكل محترف ومنها مشكلة الإرهاب، منتقدا تشكيل مجلس للإرهاب على غرار المجلس القومي للسكان والمرأة.
“دوره وقائي قبل أن يكون علاجي”
قال الدكتور صلاح هاشم أستاذ التخطيط والتنمية بجامعة الفيوم ورئيس الاتحاد المصرى لتنمية السياسات الاجتماعية: لن يقتصردوره فقط على الجهود الآمنية ولكن تجديد الخطاب الدينى وعمل خطاب مجتمعى لتغير الفكر المتطرف فى الاوقات العادية حيث ان دور المجلس لايقتصر على وقت الازمات فقط , موضحا أن دور المجلس وقائى قبل أن يكون علاجى يقوم على سياسات وتجفيف منابع التطرف والارهاب من خلال المتابعة المستمرة بشكل لايهدر الموارد والجهود والوقت، موضحا أن دوره تغيير الفكرالمجتمعى الذى يخرج عن الاعراف والتقاليد، حيث مجتمع يقوم على أحترام الاخر.
“أليات إجتماعية لمكافحة التطرف الفكرى”
من جانبها قالت الدكتورة سامية قدرى أستاذة علم الإجتماع السياسى بجامعة عين شمس : إن التطرف الفكرى يُؤدى إلى تطرف سلوكى ومنه “الإرهاب” ، لذلك فإن المجلس الأعلى الذى أعلن عنه الرئيس عبد الفناح السيسى فى أعقاب أحداث كنسيتى “مارجرجس” بطنطا والكنيسة “المرقسية “بالإسكندرية ، مكون من جزئين الشق الأول يتعلق بمكافحة الإرهاب والثانى خاص بالتطرف فى كيان واحد ، مؤكدة أن هذا المجلس أصبح مطلوب للغاية ، خاصة وأن هناك العديد من المجالس المتخصصة فى مصر مثل المجلس القومى للأمومة والطفولة ، والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وغيره من المجالس المتخصصة المتعددة .
ترى أنه لأبد من تضمين المجلس للممثلى التخصصات المختلفة والمعنية بهذه القضية الهامة وعلى رأسها الأجهزة الأمنية المتعددة وكذلك عُلماء الإجتماع والنفس لدعم صناع ومتخذى القرار فى مصر ، مؤضحة أن عُلماء الإجتماع يستطيعون تقديم للمجلس المقرر تشكيله الدراسات والأبحاث المختلفة سواء المتعلقة بأسباب الإرهاب وخصائصه والإصضرابات النفسية والدوافع السلوكية للأفراد المؤدية للجوء الشباب وغيرهم للإنضمام للجماعات المتطرفة و القيام بإرتكاب الأعمال للإجرامية .