عندما نتناول أو نتأمل أحد روائع الفن القبطى النابعة من معجزات وحياة يسوع المسيح له المجد و رحلة الصوم الكبير وطريق الآلام .. ومعناها التشكيلي والذي يعبر عن مرحلة روحية وإيمانية .. لابد للفنان من إظهارها بواسطة النور في وسيلة رسمها.. كما يتبع الطرق الرمزية للتعبير عن آيات وأحداث الكتاب المقدس.
تعددت اللوحات والأيقونات التي صورت دخول المسيح أورشليم ”أحد السعف“ منها ما هو أثري يعود للقرون الأولى للميلاد ومنها ما هو معاصر .. أحد هذه الإبداعات القبطية النادرة والمنقوشة علي الخشب توجد بالمتحف القبطي وتعود إلى القرن الرابع عشر للميلاد .. نرى في النصف الأعلى منها المسيح يدخل اورشليم ليبارك أهلها وعلى وجهه ارتسمت الوداعة والبساطة، مانحاً لهم الحب والفداء .. راكباً على حمار “أتان” وهم يستقبلونه ك”ملك” بأغصان الزيتون رمزاً للسلام، و يهتفون ”أوصنا لإبن داود ، مبارك الآتي باسم الرب“ … وفي النصف الأسفل نجد الرسل مع شعب أورشليم وفي المنتصف زخارف غائرة وبارزة (حشوات خشبية) لأغصان النخيل والسعف رمزاً لنقاء قلوبهم وهم يستقبلونه بفرح وحب مهللين “يا ملك السلام خلصنا”.
نلمس في هذا العمل سمات البناء القديم وملامح الأشكال الجديدة .. برموز وأشكال بسيطة تربط بين موروث الفن القبطي من إبداعات آبائنا الفنانين الأوائل .. كما نجد فيها الإحساس بالروحانية وإبراز الحدث الجليل .. وهكذا تمت أقوال النبوات وإتمام الفداء على الصليب، وسحق الموت بنور القيامة المجيدة.
تتميز أيقونات الفن القبطي برموز كثيرة يحار في تفسيرها الكثيرين .. فالتراث القبطي وإبداعاته غنية بالرمز الذي يدل على معاني روحية ودينية وفنية.. كما تتجلى قيمة وعبقرية الإبداع في سحر غموضه وبساطة وتلقائية تكوينه .. حيث صور الفنان القبطي العيون واسعة كرمز لعين الفنان الباطنة تبصر الأشياء من خلال الوجود وتنظر ماهو وراء العالم المادي (الأبدية) .. وتعبر عما وراء الأشياء من خلال الخطوط والألوان والتي تشع طهراً يسري سحرها في النفوس، فينيرها مبددًا ظلمة الشر .. وعين المشاهد تري تلك الابداعات المنيرة روحيا ولونيا.. ترى فيها موعظة روحية .. مصاغة بلغة الألوان من خلال رحلة حياة وانتصار يسوع المسيح علي الأرض .. لكي يخلص البشرية من خطيئة آدم وحواء، لقد أحبنا الله حتى بذل نفسه فداء عن كثيرين، عربون للحياة الأبدية.
في العصر القبطي تألقت المسيحية ومازالت تشرق كشمس جديدة كل يوم .. فهي شمس البرالتي يقصدها السيد المسيح له المجد كما جاء في الكتاب المقدس، والفنان القبطي أضاف في إبداعاته بعدا روحياً ومعنويا جديدا إلي البعد المرئى، وهكذا كان للفن القبطي دور عقائدي بالغ الأهمية بالإلهام والصفاء مع الله.