انتشرت أخبار، بعد انهيار مئذنة مسجد ابن خلدون بالإسكندرية، تقول إن المسجد أثري، حتى نفت ذلك وزارة الآثار.
ويؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء، أن القضية لا تكمن فى أنه أثري أو غير أثري، فهناك انهيار لمئذنة مسجد.
وكذلك حين تعرّض كنيسة لانهيار أو أحد القصور أو المسارح التراثية، فالأصل أن هناك حالة فقدان لمبنى تراثى لا يمكن تعويضه بأي حال من الأحوال ونحن نبحث عن تحديد المسئولية وكفى، لذا يجب حل جذري لهذا الانهيار الذي يمثل انهيار في الهوية الثقافية.
ويضيف “ريحان” أن المباني الأثرية هي المبانى المسجلة فى عداد الآثار وتخضع للقانون 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010.
أما المبانى التراثية بمصر فهى المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز أو المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تمثل حقبة تاريخية أو التي تعتبر مزارًا سياحيًا والتي تخضع للقانون رقم 144 لسنة 2006، وهي مهددة بالاندثار من جرّاء التعدي عليها وإهمالها، حيث تحول معظمها لأماكن مشبوهة جرّاء عدم تفعيل وتطبيق القانون رقم 144 لسنة 2006 والخاص بتنظيم هدم المباني والمنشأت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري لعدم وجود آلية لتسجيل المباني التراثية ليتضمنها هذا القانون وترك الأمور مفتوحة للتسجيل في أي وقت حتى تتلاشى هذه المباني تمامًا أو يحصل أصحابها على تصريح بهدمها.
ويشير “ريحان” إلى أن هذا القانون يحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمنشآت ذات الطراز المعماري المميز إلا بترخيص يصدر، وفقا لأحكام هذا القانون على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بمعايير ومواصفات المباني والمنشأت المشار إليها فى القانون، وذلك بناءً على إقتراح الوزير المختص بشئون الثقافة بالاتفاق مع الوزراء المختصين وبعد موافقة مجلس الوزراء ويصدر بتحديد هذه المبانى والمنشآت قراراً من رئيس مجلس الوزراء.
وتكفل المادة الثانية من هذا القانون تقدير التعويض عند نزع ملكية المبنى أو المنشأة بلجنة تشكل بقرار من الوزير المختص بشئون الإسكان وفى الحالتين يجوز أن يكون التعويض عينيًا، بناءً على طلب المالك وتتعهد الدولة بموجب هذا القانون بصيانة وترميم المباني التراثية.
ويتابع أن المادة الرابعة من القانون حددت كيفية تسجيل المبانى التراثية بكل محافظة عن طريق لجنة دائمة تشكل بقرار من المحافظ تتضمن ممثل من وزارة الثقافة يتولى رئاسة اللجنة وممثل لوزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية وشخصين من المحافظة المعنية وخمسة من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المتخصصين فى مجالات الهندسة المعمارية والإنشائية والآثار والتاريخ والفنون على أن ترشح كل جهة من يمثلها وتختص اللجنة بحصر المبانى والمنشآت المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون ومراجعة هذا الحصر بصفة دورية ويرفع المحافظ المختص قرارات اللجنة إلى رئيس مجلس الوزراء وحدد القانون طريقة الإشراف على المبانى التراثية فى المادة 11 من القانون عن طريق رؤساء المراكز والمدن والأحياء والمهندسين القائمين بأعمال التنظيم بوحدات الإدارة المحلية ولهم صفة الضبطية القضائية فى إثبات مايقع من مخالفات لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية واتخاذ الإجراءات اللازمة فى شأنها ويكون للمحافظ المختص أو من يفوضه أن يصدر قرارًا مسببًا بوقف أعمال الهدم غير المصرح بها أو التى تتم دون مراعاة أحكام هذا القانون.
و يوضح “ريحان” أنه رغم صدور القانون منذ عام 2006 حتى الآن لم يتم الحصر الكامل للمباني التراثية بكل محافظات مصر، لعدم وجود مدة إلزامية فى القانون لحصر المبانى التراثية، مما أدى لهدم الكثير منها واحتراق بعضها مثل مسرح المنصورة وعند حدوث أية كوارث بهذه المبانى تتصارع الآثاروالثقافة فى المسئولية، وهذا طبيعى فالآثار مسئولة عن المبانى المسجلة وتخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 وما دون ذلك فهى مبانى تراثية إما مهملة وغير مسجلة ضمن المبانى التراثية أو مسجلة وتخضع للقانون 144 لسنة 2006 ولا توجد آلية لحمايتها وتطويرها وترميمها وفتحها للزيارة.
كما يعيب هذا القانون ضعف العقوبة حيث نصت المادة 12 من هذا القانون على معاقبة كل من هدم كليًا أو جزئيًا مبنى أو منشأة مما نص عليه فى الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لاتقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد خمسة ملايين جنيه وأطالب بتغليظ العقوبة خصوصًا فى الغرامة لتصل إلى مليار جنيه أو مبلغ يفوق ثمن الأرض الخاصة بالمبنى التراثي؛ لأن الهدم تحكمه مصالح شخصية لا تعبأ بقيمة التراث التى لا تقدر بثمن وفقدانها هو فقدان جزءاً من الهوية والشخصية المصرية.
ويطالب “ريحان” بتفويض الجهاز القومى للتنسيق الحضاري بصلاحيات أكثر واعتماد ميزانية خاصة وكافية له وتنظيم لوائح جديدة تمكنه من الإشراف على المبانى التراثية وحمايتها وترميمها وتطويرها وفتحها للزيارة ووضعها كمواقع هامة على خارطة السياحة المحلية والعالمية وتحويلها لمعاهد ومتاحف لنشر الثقافة والوعى الأثرى والسياحى والعمرانى والحضارى وتكون مسئوليتها كاملة عن كل المبانى التراثية بمصر وتتكفل بتسجيل كل المبانى التراثية بمصر بالتعاون مع المحافظين وتضع آلية واضحة ومحددة تمكنها من تطبيق القانون 144 لسنة 2006 واللوائح المنظمة وذلك لحماية تراث معمارى فنى فريد متميز بمصر فى طريقه للاندثار وتزخر محافظات مصر بالعديد من المبانى التراثية حيث تضم بور سعيد وحدها 505 مبنى تراثى مسجل.
وبخصوص قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 وتعريف الأثر فى المادة 2 ” الأثر كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان منذ عصور ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائة عام متى وجد على أرض مصر وكانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التى أنتجت أو قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها “.
وأوضح “ريحان” أن هناك علماء آثار، ناقشوا في مؤتمر الاتحاد العام للآثاريين العرب الماضى بجامعة المنصورة، استثناء شرط المائة عام لتسجيل الآثار، خاصة أن العديد من الآثار ذات قيمة فنية ومعمارية وتاريخية هامة ولم يمر عليها مائة عام وتستحق التسجيل كآثار؛ لأن قانون حماية الآثار أقوى من قانون المباني التراثية بوضعه الحالي.
وهناك طلبة دراسات عليا يقومون بتسجيل رسائل ماجستير ودكتوراة في مباني تراثية لم يمر عليها مائة عام، وقد نوقشت رسائل قيمة فى هذا المضمار لذا فقد حان الوقت لفض الاشتباك بتعديل بنود قانون حماية الآثار وقانون المبانى التراثية.