تشهد صناعة الصحافة فى الفترة الحالية الكثير من التحديات خاصة بعد إجراءات تحرير سعر صرف “تعويم الجنيه” ، حيث تقوم هذه الصناعة العملاقة على عدة صناعات أخرى منها صناعات الطباعة والورق والأخبار والزنكات .. وغيرها من التجهيزات التى تُعد مُدخلاً أساسياً فى هذه الصناعة ، فمنذ أشهر زادات أسعار هذه المُدخلات بشكل جنونى نظراً لأن أغلبها يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة .. مما أنعكس بالسلب على صناعة الصحف حيث زادت تكلفة “الطباعة” لأكثر من 80 % عنما كانت عليه منذ شهور قليلة ، الأمر الذى قد يُنذر بتعثر بعض الصحف عن الصدرور نتيجة هذه الزيادة الرهيبة فى التكلفة … لكن رغم هذا الوضع فإن هناك أهمال كبيرة على مستوى التصنيع المحلى بعد توقيع اتفاقية بين مؤسسة “الأهرام” مُمثلة فى أحمد السيد النجاروشركة “كينشان أند هواسين” الصينية للورق والصندوق الصينى الأفريقى وذلك بتكلفة إجمالية تقدر بـ مليار و250 مليون جنيه لإنتاج الورق من قش الأرز بالمنطقة الصناعية فى رشيد، باستخدام أحدث التكنولوجيا العالمية بالموجات فوق الصوتية .
وأوضح المهندس رزق عبد السميع مدير مطابع أخبار اليوم أن مدخلات الإنتاج المحلية لصناعة الطباعة فى مصر لا تتعدى الـ 5 % على أقصى تقدير سواء بالنسبة للورق أو الأحبار أو الزنكات أو محاليل الترطيب الكيميائية ، وأضاف : أما باقى مدخلات الصناعة والتى تزيد عن 95 % فهى استيراد بالكامل ، وهذا الحجم من الإستيراد أنعكس بالسلب على صناعة الطباعة ومن ثم صناعة الصحافة الورقية ، حيث زادت التكلفة لـ 100% ووصلت فى بعض المدخلات لـ 150 % ، مشيراً إلى أن الورق يُشكل 75 % ، بينما تشكل نسبة الأحبار 10% والزنكات 10 % بالإضافة لخامات أخرى ، منوهاً أن مصاريف الإنتاج بـزادات بقدار 350 مليون جنيه .
وأشار المهندس عبد السميع إلى إمكانية زيادة المكون المحلى بهذه الصناعة الضخمة لكن هذا يحتاج إلى دعم حكومى كبير ، فى ظل تلاشى وجود اسستثمار فى الجانب التصنيعى فى هذا المجال ، منوهاً إلى أن شركات الأحبار والورق العالمية ليس لها أفرع بمصر فى حين أن أكبر علامتين تجاريتين فى تصنيع الأحبار أصبح لديهم مصنعين بتركيا لتنطلق منها لأسواق الشرق الأوسط وأفريقيا ، وأضح مدير مطابع أخبار اليوم أن “الأخبار” تجرى دراسات مع شركاء صينيين لإقامة مصنع للورق فى مصر وكذلك صناعة الأحبار ، مشيراً إلى أن توجه “الأخبار” فى الاستثمار فى هذا المجال يتكامل مع توجه مؤسسة “الأهرام” ولم يتعارض من الناحية الاقتصادية ، خاصة وأن المكون المحلى فيهما يقترب من الصفر % ، وبالتالى فإذا اُضيف 40 % مُكون محلى لهذه الصناعة المتشعبة أفضل من أن تكون 20 % ، حيث أن نوعية الورق الذى سيتم إنتاجه يختلف من حيث الإستخدام . وأكد المهندس رزق أن ورق الصحف يتختلف كثيراً عن ورق الكتابة والطباعة بـ”الأفرخ” ، إذ أن الأول يتحتاج إلى تكنولوجيا فائقة للغاية واستثمارات ضخمة فضلاً عن أن صناعة ورق الصحف بالتحديد يعتمد على “لب خشب” ميكانيكى غير متوافر إلا فى غابات الدول الإسكندنافية .. من ناحية أخرى يرى أن التجارب المصرية فى التصنيع فى ماكينات الطباعة أو على مستوى الآلات والتجهيزات محدودة للغاية ، خاصة وإنها واجهت الكثير من المصاعب فى التصنيع والتمويل أمام المستورد فائق التكنولوجيا ، كما أن تجارب تصنيع قطع الغيار إنحصرت فى تصنيع قطع صغيرة لماكينات قديمة قد يكون توقف إنتاجها فى الدول الأوروبية مصنعة هذه الماكينات .