ساعات قليلة وينطلق سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، وسط ترقب حذر بما ستفسر عنه النتيجة، خاصة وأن نظرة المجتمع الأمريكي بل والعالمى ينظر إلى المرشحين الديمقراطية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب باعتبارهما خيارين مخيفين، وأحلاهما مر، خاصة وأن الفترة الأخيرة كشفت عن تدنى الخطابات الصادرة منهما بشكل لم تشهده الانتخابات الأمريكية من قبل.
والملاحظ إنه بالرغم من ظهور توقعات بحسم كلينتون للسباق الرئاسي مبكرا فى ضوء تقدمها فى كافة استطلاعات الرأى الأخيرة، إلا أن ترامب حقق مفاجأت كثيرة جعلته فى دائرة الضوء، وربما يخالف التوقعات ويحالفه الحظ بالفوز، أما إذا خسر الانتخابات فلن يكون لقمة سائغة كما كانت التوقعات من قبل، فسبق وأن تفوق على المرشحين الآخرين فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
وحسب أحدث استطلاعات الرأى قبل الانتخابات، كشف استطلاع شبكة “NBC” وشركة “Survey Monkey” المختصة في تصميم البرامج الإلكترونية لتحليل المعلومات تقدم كلينتون على ترامب بـ6 نقاط، حيث دعم 47 بالمئة من المستطلعين المرشحة الديمقراطية، في ردهم على السؤال “من هو المرشح الذي ستصوتون لصالحه في حال إجراء انتخابات الرئاسة 2016 اليوم؟”، بينما أيد 41 بالمئة دونالد ترامب.
وبلغة الأرقام، على المرشح تأمين حصوله على 270 صوتا في المجمع الانتخابي للحصول على أغلبية تؤهله لمنصب الرئيس القادم من إجمالي ممثلي الولايات الذين يصل عدد أصواتهم إلى 538 صوتًا، وبعد ان التوقعات تشير إلى أن كلينتون كانت قريبة من تحقيق هذا الرقم، إلا أن حملة ترامب أنفقت الملايين من الدولارات وكثفت من تواجده فى ولايات كولورادو، فلوريدا، أيوا، مين، ميتشيجن، نيو ميكسيكو، نورث كارولينا، أوهايو، بنسلفانيا، ويسكونسون، فيرجينيا، نيفادا وولاية نيو هامبشير، مع التركيز على الولايات المعروفة بالتأرجح، وهو ما يعزز من موقفه فى الانتخابات حتى الآن، حيث تضمن ولايات فلوريدا وأهايو وكارولينا الشمالية وأيوا حصول ترامب على 260 صوتًا ، بينما تظل الأنظار معلقة على الولايات الكبري وخاصة بنسلفانيا وينسكنسون وفيرجينيا وميتشجن وحصول ترامب على أصوات المجمع الانتخابي لأي منها يجعلها في المقدمة مما يساعده فى تحقيق المفاجأة والاطاحة بكلينتون المدعومة من غالبية الصحف ووسائل الاعلام الأمريكية.
وخلال زيارتى الأخيرة للولايات المتحدة، لاحظت أن هناك تزايد لكتلة الأغلبية الصامتة والتى لم تعلن بعد عن دعمها لأى من المرشحين، وكثير من المواطنين الأمريكيين يتفقون مع تصريحات ترامب ومحاولة استعادة مجد الولايات المتحدة وتنامى الأفكار اليمينية فى اوروبا وأمريكا ، والكف عن التدخل فى حروب خارجية، إلا أن تصريحاته المثيرة للجدل وعلاقاته مع النساء تخجل البعض من الكشف عن نيتهم فى التصويت له.
أما هيلاري كلينتون عليها ضمان الفوز بكل من كارولينا الشمالية وفلوريدا وأوهايو، خاصة وأن معظم الناخبين في ميشيجان وبنسلفانيا لم يدليا بأصواتهم مبكرا وهو ما صعب من عملية توقع ميل أصوات هذه الولايات، فى الوقت الذى عبرت فيه حملة كلينتون عن مخاوفها من ضعف مشاركة النساء والأفارقة والمواطنين من أصول لاتينية، خاصة وأن هذه الفئات الأكثر دعما لكلينتون وتراجع التوصيت يصب فى مصلحة ترامب، إلى جانب عدد لا يستهان به أعرب عن فقدانه الثقة فى كلا المرشحين لما شاب سباق الانتخابات من تدنى مستوى الحوار والكشف عن كثير من الخلافات والفضائح.
وتنفست حملة كلينتون الصعداء بعد أن كشفت مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (إف.بي.آي) أن مجموعة الرسائل عبر البريد الالكترونى الشخصي لكلينتون لم يقدم شيئا جديدا يستحق المحاسبة، وهى نفس النتيجة التى توصلت لها التحقيقات فى يوليو الماضي، خاصة وأن اعلان مكتب التحقيقات عن الوصول إلى رسائل جديدة وضع الحملة فى مأزق، خاصة فى ضوء تزايد الوثائق التى كشف عنها موقع ويكيليكس بشأن الرسائل الالكترونية وكذلك حصول مؤسسة كلينتون على مليون دولار من قطر، وكذلك رسائل متبادل مع رئيس حملتها فيما يتعلق بدول الخليج وتنظيم داعش.
أما الفئة الأكبر والتى بدأت تضع لها قدما فى سباق الانتخابات فهى فئة الشباب، ففى أحدث تقارير لمركز بيو للأبحاث والدراسات أشار فيه إلى أن جيل الألفية يمثل 31 % تقريبا من عدد مواطني الولايات المتحدة الذين لهم حق التصويت على قدم المساواة للمرة الأولى مع جيل طفرة المواليد الذي يشمل الفئة العمرية بين 52 و70 عاما. ويوجد نحو 225.8 مليون ناخب مؤهل للتصويت في الولايات المتحدة.
الرهان الآن لمن يحصل على 270 صوتا، فالمواطنين الأمريكان لا يصوتون للمرشح مباشرة، بل يصوتون للمندوبين، الذين بدورهم يصوتون فيما بعد لاختيار الرئيس، ومن يحصد 270 صوتا على الأقل، من أصوات المجمع الانتخابي، البالغ عددها 538 صوتاً، سيكون الرئيس الأمريكي القادم.
لكل ولاية عدد معين من المندوبين، والمرشح الذى يحصل على النسبة الأكبر فى كل ولاية من المندوبين، يضاف له كل أصوات المندوبين بالولاية، باستثناء ولايتى ماين ونبراسكا حيث يعتمد النظام النسبي فيها، فى حين هناك 12 ولاية تصنع الفارق فى الانتخابات، ويمكن أن تغير النتيجة النهائية نظراً للآلية التي تجري وفقها الانتخابات الأمريكية، مثلا ولاية فلوريدا تعتبر صانعة للفوز ومحبطة له، أحياناً بفارق بضع مئات من الأصوات مثلما حدث في المنافسة بين جورج بوش وآل جور عام 2000، إلى جانب أوهايوا وبنسلفانيا وكارولاينا الشمالية تليها كولورادو ونيفادا وأريزونا ونيوهامشير وأيوا.