بمرور 126 عاماً تدخل أقدم الكنائس ببورسعيد كنيسة “سانت أوجيني”(دير الفرنسيسكان) ضمن سلسلة الأثار الإسلامية والقبطية، بعد موافقة المجلس الأعلى للآثارعلى تسجيلها, حيث إنشأت كنيسة “سانت أوجيني” فى عام 1890 على أنقاض كنيسة قديمة كانت مشيدة من الأخشاب عام 1867 على قطعة أرض تنازلت عنها شركة قناة السويس إلى الآباء الفرنسيسكان لبناء الكنيسة عليها، وتتميز هذه الكنيسة بطراز معمارى فريد، حيث أنها مشيدة على الطراز الأوروبى والذى يجمع بين عناصر الطراز الكلاسيكى والطراز المستحدث، وتتميز واجهاتها بالضخامة وهى مبنية من الحجر ، بينما نفذت أرضيات أروقتها الثلاثة من الرخام، كما تتميز تلك الكنيسة بعناصرها الزخرفية المتأثرة بالطراز الكلاسيكى ، ويتكون برج الكنيسة من قاعدة مربعة بارتفاع 11 م تبدأ من سطح الأرض وحتى نهاية سطح الكنيسة عليها طابق ثان يحمل شرفة مستطيلة , بالإضافة إلى طابق ثالث تعلوه قمة مخروطية تنتهى بصليب لاتيني.
الطراز الأوروبي
قال طارق ابراهيم مديرعام الأثار ببورسعيد : في 27 مارس 1867م تنازلت ادارة شركة قناة السويس للآباء الفرنسيسكان عن قطعة أرض لبناء كنيسة أخري للكاثوليك ببورسعيد والتي عرفت فيما بعد بكنيسة سانت أوجيني وبعد اتمام بناء الكنيسة الأولي من الخشب 1875 م قام بتدشينها المطران “لويجي شورشيا ” باسم القديسة أوجيني الشهيدة العظيمة , وهو أيضا أسم امبراطورة فرنسا ، في 19 مارس 1890م أعيد بناء الكنيسة الحاليه من الحجر وقام المطران “جويدو كوربيللي ” بتكريس الكنيسة ، قام بوضع تصميمات الكنيسة والأشراف علي التنفيذ المهندس الايطالى ادوارسيبيك.
وأضاف: شيدت الكنيسة علي الطراز الأوروبي الذي يجمع بين عناصر الطراز الكلاسيكي الجديد وطراز عصر النهضة المستحدث كما صممت علي الطراز البازيلكي ، أقدم الطرز المعمارية في تخطيط الكنيسة , أنه نمط معماري مقتبس من ” البازيليكا الرومانية ” المعابد الرومانية” , وقد قسمت الكنيسه بواسطة مجموعة من الأعمدة الي ثلاث أروقة عمودية علي ما يسمي منطقة المذبح ، الرواق الأوسط أكثرها اتساعا ويسمي بالرواق الكبير وفي نهايته توجد الحنية الرئيسية.
كما أضاف: الكنيسة تحتفظ بكامل عناصر تخطيطها الأصلي فهي عبارة عن مساحة مستطيلة المسقط منتظمة الأبعاد تبلغ مساحتها الكلية 912،8م تم تقسيمها الي ثلاث أروقة أوسعها الرواق الأوسط بواسطة بائكتان تشمل كل بائكة علي سبعة عقود نصف دائرية تسير اتجاهاتها عمودية علي هيكل الكنيسة ناحية الجنوب وتستند علي سبع دعامات حجرية مربعة المسقط , يعلو البلاطة الأولي خلف المدخل (مقصورة المرتلين ) ومكان للأرغن , وعالج المعمارعدم وجود فتحات لشبابيك بجدران الكنيسة بإقامة فانوسان ” شخشيخة ” للتهوية والإضاءة في سقف الهيكل الشرقي والغربي .
وقال:اتسم التخطيط بالتماثل والتناظر من حيث النوافذ المحورية علي جانبي الرواق الأوسط كما يتفق الرواقان الشرقي والغربي في الاتساع والعمق .
يذكر ان حنية الكنيسة ( الهيكل ) يقع فى الاتجاه الجنوبى وليس فى اتجاه الشرق , كما فى جميع كنائس الارثوزكس ، وربما يعود ذلك لعدم تقيد الكاثوليك باتجه الشرق فى كنائسهم .
ونظرا للخدمة الطقسية داخل الكنيسة فقد استغلت ست دخلات ثلاث بالجدار الغربى وثلاث بالجدارالشرقى فى اضافة ست مذابح يعلو كل منها ايقونة اوتمثالا لأحد القديسين المكرسين بالكنيسة الرواق الغربى مذبح السيدة العذراء ( السيدة المجدلية ) مذبح العذراء (السيدة الوردية) مذبح القديسة لوتشيا ، الرواق الشرقى , مذبح القلب المقدس , مذبح القديس انطونيوس البدوانى , مذبح القديس روكز ، ويعلو دعامات وجداران الكنيسة عدد اربعة عشر أيقونه سابقة الصنع من الخشب صنعت بواسطة الحفر البارز المجسم تمثل مراحل ”محاكمة السيد المسيح”.
طراز معمارى فريد
من جانبه قال الدكتور محمد عبد اللطيف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية:
أن الكنيسة مشيدة على الطراز الأوروبى ، تتميز بعناصرها الزخرفية المتأثرة إلى حد كبير بالطراز الكلاسيكى، فقد زخرفت الجدران والأسقف والعقود بالعديد من العناصر تتنوع ما بين أفاريز وكرانيش وأشكال الدروع والأشرطة وأفرع الأوراق النباتية والأزهار. أما برج الكنيسة فيتكون من قاعدة مربعة بارتفاع 11م تبدأ من سطح الأرض وحتى نهاية سطح الكنيسة عليها طابق ثانى يحمل شرفة مستطيلة , بالإضافة إلى طابق ثالث تعلوه قمة مخروطية تنتهى بصليب لاتينى .
ويذكر أن المجلس الأعلى للآثاروافق على تسجيل كنيسة سانت أوجينى أقدم كنيسة ببورسعيد ضمن عداد الآثارالإسلامية والقبطية , وقدست سانت أوجيني في الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرذوكسية ، وأسمها باليونانية يعنى (بالولادة النبيلة ) وعرفت القديسة كشفيعة ضد الصم والهوس،كما عرفت قصة أوجيني في القرن الثالث الميلادي علي أنها ابنة والي الأسكندرية الروماني.
فرنسيس الأسيزي مؤسس الرهبنة الفرنسيسكانية
وفيما يتعلق “بالرهبنة الفرنسيسكانية” أو”رهبنة الإخوة الاصاغر”, كما أراد أن يسميها مؤسسسها “القديس فرنسيس الأسيزي” صاحب الشخصية العجيبة وكان ظهوره في عصره المضطرب وكأنه هدية من السماء لأنقاذ الكنيسة التي كانت تمر بفترات عصيبة.
ولد فرنسيس في عام 1182 لأب إيطالي تاجر أقمشة ثري وأم فرنسية، وتربى فرنسيس في بيئة احاطته بكل أنواع التدليل ومرت سنوات صباه في لهو ومرح وانطلاق مع رفقائه. كان والده يعده ليخلفه في تجارته بينما كانت والدته تبث فيه محبة المسيح واحترام الكنيسة والعطف على الفقراء والمساكين , اشترك فرنسيس في الحرب التي قامت بين مدينته ” أسيزي ” ومدينة ” بيروجيا ” والتي انتهت بأسره، وهناك في سجون بيروجيا عاش فرنسيس أولى خبراته المؤلمة والتي كانت نقطة تحول في حياته، فقد بدأ يفكر فيمن هو السيد الحقيقي الجدير بأن يخدمه , وفي عام 1207 بدأ فرنسيس أولى خطواته في حياته الجديدة إذ تنازل لوالده عن كل شيء حتى عن ملابسه التي كان يستر بها عورته وأقام بجوار كنيسة القديس دميان المهدمة والتي بدأ في ترميمها، والتف حوله كثير ممن اعجبوا بسيرته الجديدة.
وكانت الآية ” لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا مزوداً …” (مت 10: 9) ذات تأثير كبير عليه فجعلها قانوناً لرهبنته الناشئة , في عام 1210 توجه فرنسيس مع نفر من رهبانه إلى روما ليطلب من البابا إعتماداً لطريقة حياته، فصرح لهم البابا بأن يبشروا بكلمة الله ودعوة الناس إلى التوبة , وفي العام التالي وبناء على رغبة الشابة ” كلارا ” أسس فرنسيس رهبنة نسائية ودعيت الرهبنة الفرنسيسكانية الثانية.
أما في عام 1219 فقد جاء فرنسيس إلى مصر والتقى بالسلطان الملك الكامل في مدينة دمياط حيث قاما بأول حوار بين الديانتين المسيحية والإسلامية، وقد منحه السلطان تصريحاً كتابياً يخول له زيارة الأماكن المقدسة في فلسطين حيث أسس الإقليم الشرقي الفرنسيسكاني.
وتنيح فرنسيس في الثالث من أكتوبر 1226 فأعلنت قداسته بعد نياحته بعامين، وانتشرت الرهبنة في معظم أوربا , وكانت إرساليات تجوب أماكن كثيرة من العالم للتبشير بالمسيح حيث استشهد العديد من الرهبان الذين وصل عددهم أثناء حياته إلى عدة آلاف.