لم تشف بعد نظرة مجتمعنا الشرقي للسيدة التي قررت أن تقتنص حقها في الإنفصال والطلاق ، فلازلنا نحكم علي المطلقة بأنها “خطافة الرجالة” أوإنها إنسانة “خرابة بيوت” وغير سوية ، وإنها حتما إنسانة سيئة السمعة ، وأنانية لم تفكر سوى في ذاتها وقامت بهدم بيتها ، حتى إنه يتعسر علي الكثيرين قبول حقيقة غير تلك التي قرروا مسبقًا رسمها في أذهانهم عن أية انسانة قررت أخذ القرار بالطلاق، وكأنما لا بد للمرأة أن تتحمل الخيانة والايذاء النفسي والبدني دونما تئن لمجرد أنها تحمل شرف لقب زوجة فلان وأنه “ضل راجل ولا ضل حيطة” وتتحمل أن تعيش حياتها علي هذا الأساس خوفًا من نهش المجتمع لسمعتها ونيله من شرفها وإحترامها. ناهيك عما تجده المرأة من عواقب كثيرة جدًا في الحصول علي الطلاق وحضانة الأبناء التي تنتقل علي الفور إلي أمها أو أختها أو تعود للأب حال فكرت في الزواج مرة أخرى ، فضلا عما تعانيه نفسيًا من صدمة مابعد الطلاق وإعادة التكيف داخل المجتمع والتأهيل النفسي لتتمكن من إلعودة إلي المجتمع مرة أخري .
يأتي الطلاق في مرتبته الأولي على عاتق المرأة ويكون الثمن الذذي تدفعه باهظًا جدًا ، حتي أن الأهل قد يحكمون علي المطلقات بالمكوث في البيت وحساب كل تصرف تقوم به وكل حركة لها ، وكأنما علي المطلقة أن تدفن حية لطالما أصبحت مطلقة ، وكأن كلمة الطلاق في مجتمعنا مرادفة ل” ماشية علي حل شعرها”.
وعليه قامت السيدة نجلاء عياد ذات ال39 عامًأ ،ابنة محافظة الأسكندرية ومهندسة الديكور الجميلة منذ عدة أشهر وبعدما حصلت علي حقها في الطلاق وبعد ماعانته من مشاكل لاحصر لها ولاسيما ماجاء على الصعيد النفسي بإطلاق مبادرة “بداية جديدة ” هدفت من خلال مبادرتها دعم المطلقات نفسيًا وماديًا ، ضمت المبادرة في بدايتها 123 عضوة ولازال العدد يتزايد كل يوم ، لذا سعت وطني نت للحديث مع م/نجلاء والتي بدأ اسمها يبزغ في عالم الصحافة في الآونة الأخيرة ان تعرف علي بداية المبادرة وأهدافها وما تسعى له والداعمين للمبادرة فكان لها هذه الكلمات :لقد عانيت كثيرا من طلاقي حتى أنني أصبت بحالة إكتئاب حاد وإنعزلت عن العالم وأهملت أبنائي ، مما جعلني أتوجه لإعادة التأهيل النفسي لأتمكن من الولوج داخل المجتمع مرة أخرى ،مما جعلني بعدما تعافيت أوجه كل طاقتى للمطلقات واللائي يتعرضن لنفس ظروفي بدعمهن ، فكانت بدايتى بسلسلة مقالات نطقت من خلالها بلسان حال المطلقات في مجتمعنا والدفاع عن حقوقهن المهضومة في محاولة جادة لتصحيح نظرة المجتمع لهن .فيما أشارت “م/نجلاء عياد ” أن بدايتها مع الصحافة جاءت من خلال عملها كمهندسة ديكور، فجاءت مقالاتها الأولي تتحدث عن الأزياء والموضة والديكورات الحديثة ، حتى بدأت بكتابة مقالاتها مدافعة عن المرأة المطلقة .كما أضافت “عياد” أن المبادرة انطلقت بعدما وجدت أن حالات الطلاق في تزايد مطرد ولاسيما في القاهرة التي أرتفعت حالات الطلاق فيها إلى 900,000 حالة خلال العام الواحد وفي الأسكندرية وصلت إلى 800,000 حالة خلال العام الواحد ، فيما تسجل محافظة الشرقية حالة طلاق كل ساعة حسب البيانات الأخيرة لمركز التعبئة والإحصاء، مما يعني هدم الكثير والكثير جدا من الأسر.فجاء ذلك محفزًا قويًا ل “عياد” في الدفاع عن حقوق المرأة المطلقة المهضومة وتمكينها منها ، ولاسيما بعد تعرضها شخصيًا لصدمة مابعد الطلاق والكثير من المشاكل الحياتية وصعوبة الخروج من شرنقة الطلاق ومعاناته.
واستطردت كلامها قائلة إن إحكام قبضة الرجال علي النفقات وممارستهم للكثير من الضغوط علي المرأة بعد الطلاق ولاسيما فيما يتعلق بحضانة الأبناء من أبرز المشاكل التي تواجهها المرأة ، فالرجل بعد الطلاق يمضي في حياته ويبدأ في تكوين حياة جديدة وزواج جديد بينما تكبل حركة المرأة بالأبناء وإن حاولت قنص حقها في الزواج يتم نقل حضانة الأبناء عنها وماينتج عنه من مشاكل أخري فيما يتعلق بالرؤية.
وعن معاناة “عياد” مع الطلاق تحكي أن الأهل لطالما خافوا عليها ورفضوا فكرة الطلاق خوفًا من نظرة المجتمع لها إلا أنهم أصبحوا هم ذاتهم الداعمين لها اليوم والذين شجعوها علي مبادرتها “بداية جديدة”.وصرحت “عياد” لوطني نت أن المبادرة تسعى لمساعدة المطلقة علي الإنخراط في العمل والتعايش المجتمعي وبداية مرحلة جديدة من حياتها ، فربما كان النهايات هي بداية لفجر رائع جديد في حياتها ، مؤكدة علي أن أهم الأهداف التي تسعي إليها المبادرة هي مساعدة المطلقات اللائي ليس لديهن نفقة ثابتة وتوفير معاش شهري للمرأة المعيلة ومساعدتهن للحصول علي فرص عمل مناسبة وتوفير مكان إقامة لهن ولإطفالهن، فيما تسعي المبادرة للحصول علي قطعة أرض تكون مركز رئيسي لهم ويتم من خلالها إنشاء جمعية تحت إشراف حكومي وتخصيص رقم حساب بنكي للمساهمة في التبرع للمطلقات ولاسيما أولئك اللائي ليس لديهن دخول ثابتة للإنفاق عليهن وأبنائهن، كذلك محاولة توفير قروض ميسرة للمطلقات لتتمكَّن من انشاء المشروعات الصغيرة والإنفاق منها، كما سيتم إعادة تأهيل المطلقة نفسيًا والتأكيد علي كونها عنصر فعال مجتمعيًا له ما له من حقوق وعليه ما عليه من واجبات.هذا وأشارت “عياد” إلي أن المبادرة تسعى لتسليط الأضواء علي أزمة الطلاق في مجتمعنا ونشر التوعية المجتمعية وتحسين صورة المطلقة والتأكيد علي كونها انسانة سوية لم يزدها الزواج شرفًا وكرامة ولم ينقصها الطلاق شرفًا وكرامة ، مؤكدة علي ضرورة تسليط الأضواء علي السيدات اللائي إنفصلن وعملن علي تربية ابنائهن بكل الحب والتفاني والصمود ولم يعبأن لنظرة المجتمع لهن.فيما أضافت علي إمكانية توفير فرص عمل للمطلقات من خلال بعض رجال الأعمال وسيدات الداعمين للمبادرة ونشاطها في الشركات والمصانع المختلفة.وعن المشاركين لنجلاء عياد في مبادرتها قالت :” إن لديها عدد لابأس به من القانونيين والحقوقيين واستشاريين الصحة النفسية ومدربات التأهيل المهني ورجال وسيدات الأعمال ، فيما ناشدت عياد بدورها الإعلام بكافة وسائله علي ضرورة التوعية المجتمعية والدينية قبل الزواج ، مؤكدة علي ضرورة الخطاب الدينى للشباب ومشيرة بدورها بضرورة الأقتداء بتجربة الكنيسة في توعية ابنائها وعمل دورات تأهيلية لهم قبل الزواج وضرورة إجتياز الدورة لتعليمهم ما هو الزواج ومسئوليته وبناء بيت سوي ، وهو ما لا يقوم به الأزهر حتى الآن مما ساهم في تفكك الكثير من الأسر وفقدان معني الاسرة والبيت والشريك لدي الشباب .مشيرة بدورها إلي التجربة الماليزية أيضا التى نجحت من خلال مثل هذه الدورات للشباب في خفض نسبة الطلاق من 37% وحتي 7% فقط علي عكس مايحدث لدينا من تزايد مطرد في نسب الطلاق علي مدار الساعة الواحدة .مؤكدة علي الثقافة المجتمعية الخاطئة التي تنشئ الأمهات عليها بناتهن في أن الزواج هو المفتاح السحري لحياة أبرح وأكثر حرية فتصطدم الفتاة بالأمر الواقع وكذلك الحال بالنسبة للشباب وتأثرهم بمواقع التواصل الإجتماعي وصورة الزوجة التي يتناقلونها بينهم ، فيخرج الشاب والفتاة للواقع بمفاهيم هشة حول الزواج وبالتالي بيوت هشة تنفصم مع أول خلاف .فيما أشارت عياد بدورها إلي ما اسمته ب”الطلاق الصامت” وهو لك الإنفصام الذي يحدث داخل البيت الواحد فكل طرف يعيش حياته بعيدًا عن الطرف الآخر بل لربما تمر الأيام عليهما دون حوار حقيقي ، وأرجعت عياد السبب إلي ذلك إلي مواقع التواصل الأجتماعي التى ساهمت بشكل كبير في تزايد حالات الطلاق والخيانة والإنفصال .كذلك أرجعت أحد أهم اسباب الطلاق هو الزواج المبكر للطرفين اللذين لم يعرفا بعد ماهو الزواج ولا مسئولية تكوين أسرة سوية ، فسرعان ماينهدم البيت ، مناشدة عضوات مجلس النواب بضرورة النظر فيما يتعلق بحقوق وقوانين المرأة ولاسيما حقها في الحضانة الذي لابد من إعادة النظر فيه حتي تكون الحضانة الكاملة للأم إذ تزوجت أو مناصفتها مع الأب بالإتفاق.فيما صرحت “عياد” لوطني نت بإنعقاد ” غرفة حكي ودعم للمطلقات ” يوم الجمعة القادمة الساعة الرابعة عصرًا ويشارك فيها د/ أحمد محمد عبد الرحمن الأستشاري النفسي والأسري والإجتماعي ، ويتم الإجتماع بمنطقة مصر الجديدة ، والتواصل يكون من خلال صفحة المبادرة علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.