تهميش ….. ظلم …. عدم مساواة …. نظرة متدنية …. أعباء فوق الطاقة …. هى كلمات كثيرا ما توصف بها الفتاة المصرية حالها منذ نعومة أظافرها وحتى نهاية حياتها ، فهل هذه هى الحقيقة؟!! أم أنها مجرد أوهام لا توجد إلا فى خيال الفتاة ؟ وإذا كانت هذه هى الحقيقة فما الذى أوصالنا إلى هذا الحال ؟ و متى ظهر هذا التمييز ؟ لماذا تفضل الأسرة إنجاب الذكر وتربي الفتاة بطريقة مختلفة عنه؟ من المسؤول عن ذلك ؟ هل المستوى الثقافى أوالاجتماعى أوالتعليمى للأسرة له دور ؟ و ما مدى مسئولية المرأة نفسها عن ذلك …. عندما تضاربت الأقاويل كان علينا اليوم – الحادي عشر من أكتوبر – … اليوم الذي خصصته الأمم المتحدة للاحتفال بالفتاة حول العالم لذلك كان علينا أن نحتفل بالفتاة المصرية أيضا ، و أن لا نحتفل به فقط بعرض أغنية ” البنات البنات ألطف الكائنات ” أو عرض بعض الخطب العصماء عن ما وصل إليه القلائل من فتيات مصر من مناصب عليا بل علينا أن نقف وندقق في شكاوى الفتاة المصرية و نرصد ونحلل ما يعانيه المجتمع المصري من ذكورية وقهر لفتياته …. لذا لوطني هذه اللقاءات : –
المرأة المصرية عبر التاريخ
قال د / محمد رحيل ، الباحث والمؤرخ , وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ، أن المرأة المصرية كان لها شان عظيم قديما مثل ” كليوباترا ” و ” حاتشيبسوت ” و “شجرة الدر ” وكذلك ” ست الملك ” التى أدارت شؤون البلاد فى العصر الفاطمى بعد موت أخيها إلى أن كبر أبن أخيها ” الحاكم بأمرالله” وتقلد أمور الحكم ، كما كانت المرأة فى كثير من العصور هى التى تحرك كل أمور البلاد ولكن بشكل غير معلن من وراء الكواليس .
المشكلة الحقيقية فى ” التأريخ ” نفسه
وأضاف رحيل ، أن المشكلة الحقيقية التى رسخت الذكورية فى المجتمع و ظلمت المرأة وجعلتها تشعر أنها مواطن من الدرجة الثانية هو ” التأريخ ” نفسه لأن أغلب المؤرخين كانوا من الرجال ودائما ما كانو يركزون على الحاكم وإنجازات الذكور فقط ويغفلون دور النساء فى الحياة ماعدا عدد محدود جداً منهن ، فظلت المرأة بعد ذلك مؤمنة بأنها خلقت لكى تخدم الرجل وأنها ” يجب أن تكون مكسورة الجناح” لكى تعرف أن تعيش وعليها دائما أن تمشى خلفه وليست بجواره وتشاركه الحياة ; فصدقت الفكرة وعاشت بيها دون أن تقاوم ، و أيقنت أن هذا هو الطبيعى وغير هذا شذوذ عن المجتمع وربما خروج عن الشرع ، بل وغرثت هذا الفكر فى ابنتها وربت الولد على أنه ” سى السيد ” .
المرأة تحب إنجاب الذكر لأخذ كرامة زائدة
وأرجع رحيل حب المرأة المصرية لإنجاب الذكر والفرحة به إلى إرضاء زوجها وأخذ كرامة زائدة فى المجتمع ، فكثيرا ما نقرأ عبر التاريخ عن أن المرأة انها كانت تحيك العديد من الخطط والدسائس لكى يصل ابنها إلى أعلى المناصب فى المملكة لأن ذلك سيعود عليها ويجلب لها مكانة خاصة فهى” أم فلان ” الذى يشغل هذا المنصب ، ويرجع أيضا الى بعض المورثات الصعيدية كأخذ الولد بالثأر او راعيته لأرض أبيه حتى لا تذهب الأرض إلى عائلة غريبة ” عائلة زوج البنت ” ، وكذلك فى المدينة الولد هو الذى يدير ورشة أبيه ويكون خليفته فى تجارته التى تعب فيها سنين عديدة .
الفتاة منذ الصغر لديها شعور غير حقيقى بالنقص
و من ناحية أخرى قال د / جمال فرويز إستشارى الطب النفسى ، أن البنت يترسخ منذ صغرها شعور غير حقيقى بالنقص فطفلة الأربع والخمس سنوات لديها عقدة” نقص العضو الذكرى ” هذه هى البداية ، وثم تأتى مرحلة البلوغ حيث الإضطرابات الهرمونية التى تحدث فى هذه المرحلة فتشعرها أن هذا نوع من أنواع العقاب الإلهى وتتسأل ” لماذا لا يتعذب الولد مثل هذا العذاب الذى أنا أعانيه كل شهر ؟ ” ، ثم يأتى الزواج والحمل ومتاعبه وألام الولادة … كل هذا يرسخ فى نفسها إحساس بالقهر والظلم والإحباط والدونية ….. ” وهى لا تشعر باكتمالها إلا إذا كان هناك ذكر فى حياتها سواء كان أب أو زوج أو أبن لأن الرجل يمثل لها رمز للقوة …..
ما يفعله إحساس الظلم فى الفتاة
وأكد فرويز أن المرأة كائن عاطفى تأخذ كل الأمور على مشاعرها أكثر من عقلها وهذا ما يجعلها تخسر فى أحيان كثيرة ، فتعاملها مع واقع ترفضه و يشعرها بالظلم والضغط النفسى يؤدى إما إلى سلوك ظاهرى يخرج منها فى صورة نرفزة وغضب أو كتمان وكبت و اكتئاب يؤدى إلى العديد من الأمراض مثل الضغط والسكر وأمراض القلب وقرحة المعدة وكذلك إلتهاب فى المفاصل والعضلات .
التميز ضد الفتاة داخل الأسرة يتأثر بعدة عوامل
وعن التميز ضد البنت داخل الأسرة قالت د/ سامية خضر ، أستاذ علم الإجتماع بكلية التربية جامعة القاهرة ، أنه يتأثر بالعديد من العوامل منها درجة وعى كل أسرة ومستواها التعليمي والثقافى والاجتماعي وكذلك مكان معيشتها سواء فى الريف أو الحضر ، فرقى المستوى التعليمي والثقافى يؤدى الى نوع من العدل فى الأسرة وعدم التساهل فى حق الأنثى داخلها ، كذلك قد يقل انحياز الأسرة للولد فى الحضر عن الريف . ولكن ركزت خضر بشكل كبير على درجة وعى الأم ومستواها التعليمى بالتحديد فالأم المتعلمة ستكون على قدر عالى من إدراك ما تقوم به فسنجدها تكتفى بإنجاب طفلين إى كان جنسهم ولا تفرق فى التعامل بين ابنها وبنتها .
الأم الواعية المتعلمة …. تفرق فى حياة أبنتها
وأضافت خضر ، أن الأم الواعية المتعلمة هى التى تهتم ببنتها وتحميها من عادات المجتمع والمورثات الثقافية الخاطئة فلا تقول يوماً أن الولد هو الذى سيكمل تعليمه و تكتفى أن تحصل البنت على قدر بسيط من التعليم لأن البنت مصيرها الجواز والبيت ، ولا تخضع لمطالبات الأهل بعملية ختان البنت بل ستحاول أن تربيها وتعلمها وتترك لها حرية نوع دراستها وعملها وستثق فى اختيارها لشريك حياتها ، وقالت خضر أن حسن تربية الفتاة هى مساهمة فى تربية المجتمع كله لأنها هى التى ستربى الذكور والإناث فيما بعد ، وهى التى تحمل على عاتقها مسئولية البيت بأكمله حتى ولو قالت المرأة للرجل أنه هو ” الكل فى الكل ” ولكن الحقيقة غير ذلك لأنها هى التى تحدد ماذا سيأكلون وماذا سيشربون وهى التى تهتم بتربية الأطفال وتعليمهم ومدرسهم ولكنها يجب أن تكون لديه لباقة وكياسة فى كلامها معه و أن تقدره وتحترمه .
وأشارت خضر إلى أن الأم الواعية هى التى تستطيع أن تخرج للحياة بنت واعية مثلها ، ولكن إذا كانت الأم تسهم فى إهدار حق البنت ستخرج البنت تظلم ابنتها وهنا يحدث انكسار لتقدم المرأة وحتما سيؤثر ذلك على المجتمع كله بوجه عام .
المرأة سبب رئيسي فى التكوين الذكورى للمجتمع
وأكدت مارجريت عاذر ، عضو مجلس النواب وأمين عام المجلس القومى للمرأة ، على أن هناك جزء كبير يقع على عاتق المراة فى التكوين الذكورى للمجتمع وعلى أن الأم تعامل الأبن بشكل مختلف تماماً عن البنت وترى فيه السند والمسئولية وأهميته للبيت أكثر من أخته ، فأخته موجودة فى المنزل لخدمته وليس العكس ولابد أن تكون كلمته مسموعة على أخوته البنات حتى ولو كان هو الأصغر سنا ، وغالباً ما يأخذ رأيه قبل أى شئ وقبل رأى أخوته البنات ، كذلك أخطاء الولد مسموح بها لكن البنت أخطائها موضوعة تحت المجهر ، وعادة ما تبرز الأم أمام الناس صفات الولد بأنه جسور ويستطيع أن يفوز فى معارك حياته وفى عمله ولكن الفتاة يجب أن تكون خاضعة ومنكسرة .
العلاج الحقيقى… يبدأ من تربية الأسرة والمدرسة
وترى عاذر أن العلاج الحقيقى لهذا التميز يبدأ من طريقة تربية الأسرة و المدرسة ثم يقع جزء كبير على عاتق وسائل الإعلام ، وأن يعلم الجميع ” أن كل مواطن متساوى فى الحقوق والواجبات وأن يرسخون ذلك كلا بطريقته فى نفوس الولد والبنت ، كما يجب على المجتمع المدنى العمل على زيادة وعى الأمهات والشباب والتأكيد على ضرورة تعليم وتربية الفتاة بشكل سوى وترسيخ فكرة أنه لا نهوض للمجتمع بدون الفتاة لأنها نواة المجتمع فكلما حصلت المرأة على حقوقها أستطاعت أن تعطى للمجتمع حقه فلا يوجد أنسان يهدر حقه يستطيع أن يقبل على الحياة ويعطى
لا مانع من اشرك الولد في الأعباء المنزلية
وعن تربية الولد بطريقة سليمة دون إشعاره بالأفضلية أو التسلط علي أخته الفتاة أكد دكتور نادر أنسى ، أخصائي المشورة الأسرية علي أهمية أن تشرك الأم أبنها منذ صغره في الأعباء المنزلية وكذلك مهام خارج المنزل ، فتطلب من أبنها أن يساعدها في إعداد الطعام أو غسل الأطباق، فهذا سيبث لديه شعور بالقيمة والمساواة ، فكما تطالب الأم الأبنة أن ترتب سريرها بعد الاستيقاظ وتغسل طبقها بعد الأكل كذلك عليها أن تطالب الولد بنفس المهام .
كما لا يجد أنسي ، أى مانع من أن تقوم الفتاة بإحضار احتياجات الأسرة من السوق أو السوبر ماركت
بالتناوب مع أخيها ، أو أن يشركوا بعض في احضارها ، كما نوه أنسي أن هذه الطريقة في التربية ما ينادى به في علم المشورة الأسرية لنستطيع أن نصنع من هذا الأبن وهذه الأبنه زوج وزوجة قادرين علي تحمل المسؤوليات والأعباء دون تخبط أو إلقاء كلا منهم بالأمر على شريك حياته.
لا توجد تربية حديثة واخرى قديمة للفتاة…. التربية هى التربية
وعن التربية الحديثة للفتاة قالت د / سلوى موريس صابر ، مديرة كلية رمسيس للبنات و خادمة بخدمة ” أسر حديثة ” ، أن التربية هى التربية فلا وجود لتربية حديثة وأخرى قديمة ، فالتربية هى تعليم قيم ومبادئ وسلوك يسيج بالدين ….. فالمبادئ والسلوك لا تتغير عبر الزمان ، فيجب علينا فى كل وقت أن نربى الفتاة على كل ما هو حق وعلى الإستقامة وعلى قول الصدق ، فقد تتغير بعض مظاهر الحياة وأساليب التربية لكن المحور واحد .
البيت السوى لا يفرق فى التربية بين الولد والبنت
وعن التميز فى التربية بين الولد والبنت ذكرت صابر ، أن البيوت السوية لاتفرق فى التربية بين الولد والبنت ، فقد نخاف بعض الشئ على الفتاة فتوضع قواعد لموعد عودتها إلى البيت مبكرا حيث أكدت صابر ، على احترامها لهذه التقاليد التى تعطى البنت وقارها وتحميها.
تربية فتاة قوية دون خروج عن قواعد الأدب والأحترام … له قواعد
ولكى نخرج فتاة ذات شخصية قوية ولكن دون خروج عن قواعد الإحترام والأدب شددت صابر، على ضرورة تعليم الفتاة ثقافة إتخاذ القرار وتحمل مسؤوليته وتنمية القدرة على التراجع عن الخطأ و الاعتزار عنه ، وثقافة قبول الآخر وإحترام النفس وعدم التراجع تحت إى ضغط من أى شخص فيما يخص القرارات المصيرية ، وأن نعلم الفتاة فى بيوتنا ومدارسنا كيف تقول رأيها ولكن يجب أن تلتزم بقواعد اللياقة والأدب والإحترام وقالت صابر ” انا ليس لدى مانع ان تخالفنى أحدى الطالبات الرأى لكن بأدب وليس لدى مانع أن أتراجع عن رأى لو رأى الطالبة هو الأصح بشرط أن لا تخرج الفتاة عن قواعد الحوار المهذب “
هناك سيدات تعشقن الحدود
و قالت صابر أننا نعيش فى فى مجتمع ذكورى يحب أن يحد المرأة ، فهناك سيدات تعشقن هذه الحدود وتشعر بكفايتها داخلها ربما تكون هذه وسيلة حتى تحصل على كل ما تريده لأن الرجل يحب المراة الضعيفة أمامه ، ولكن هناك نوعية من النساء تعرف متى تتنعم ومتى تتأسد لتحقق طوحها الذى قد يكون سقفة أعلى من الحدود المرسومة لها من المجتمع ولكن حين ذاك عليها أن تتحمل لأن المجتمع سيتعامل معها ليس كأمراة ولكن كرجل فى ثوب أمراة .
تركيبة المرأة النفسية عامل مؤثر فى قدرتها علي القيادة
واضافت صابر ، أن المجتمع لكى يعطى المراة فرصة القيادة فى أى مكان هذا يتوقف على تركيبة المرأة النفسية وصلابتها وقدرتها على مواجهة الصعاب دون أن تبكى أو تنهار أو تلجئ للأخرين ، وعلى قدرة المراة على تحديد هدفها دون تزبزب فلا تنتظر أنفعلات الأخرين حتى تحدد انفعلاتها
للمزيد عن هذا الموضوع