حرب أكتوبر هى أعظم حرب خاضتها مصر في تاريخها الحديث، نستطيع الأن ان نرى بعد هزيمة كبيرة في العام 1967انكسر فيها الجيش المصرى كسرة كبرى فقد سلاحه الجوى واندكت مطاراته وخسر قوته الضاربة البرية في معارك الانسحاب المهين من سيناء كلها إلى حدود منطقة قناة السويس، خسر فيها الجيش المصرى نفسه ووجوده وكرامته نستطيع ان نورد مئات الاسباب التاريخية لتلك الخسارة فشل القياده وإنعدام الكفاءة او الثقة المفرطة بلا حذر ولاتجهيز او سوء الحسابات السياسية وربما اسبابا أكبر من باب اننا كنا نواجه كما اورد الرئيس الراحل السادات عن حق قلعة امريكية متقدمة من الطراز الأول هى دولة اسرائيل.
فى حقيقة الأمر متقدمة في الافراد والسلاح والتكنولوجيا وادوات تخابرها هو الحقيقة، دولة من العالم الأول تواجه دولا من العالم الثالث او الرابع النتائج هنا منطقية ومعروفة تماما ولكن الشعب المصرى ليس اى شعب ومصر ليست اى دولة، الشعب المصرى المجروح المذبوح من الوريد إلى الوريد انذاك رفض الهزيمة ولملم اشلاء جنوده وجراحه وأعاد بناء الجيش وخاض اعظم معارك استنزاف العدو الذى كان يبنى أعظم خط دفاع عسكرى على الضفة الأخرى للقناة المانع المائى العظيم، ثم خاض أعظم حروب مصر على الاطلاق بقوة الروح لابقوة السلاح بالتنظيم والكفاءة في حدود تدنى الامكانيات بالابداع المصري الفريد في العديد من التفاصيل العسكرية من أول المناورات الشهيرة لمواعيد الحرب حتى فتح ثغرات الساتر الترابى بالمياه وتطوير أسلحة دفاعية لتكون هجومية، فالفرد المقاتل بسلاح صغير مثل المولوتيكا يواجه دبابات هجومية متقدمة في مسافة القتل تماما ..أشرقت روح مصر العظيمة في تلك الملحمة العسكرية هى الروح العظيمة لمصر عندما تشرق فتغير الموازين والحديث حول اكتوبر احيانا تشوبه الخرافات يقع الناس اسرى بين التمجيد الشديد بلا موضوعية او الافتئات العنيف بلا عدل،
فمثلا خضع العقل السياسى المصري طويلا للمقولات الرئيسية للكاتب الصحفى هيكل الذى كان على خصومة شخصية مع الرئيس السادات فأنتقم ببراعته العبقرية من الرجل حتى كاد ان يحوله إلى أضحوكة مقولات مثل الصلح المنفرد وعدم استغلال النتائج العسكرية في نتائج سياسية وكثير من المقدمات الهيكلية تعامل معها البعض على انها حقائق تماما، والحقيقة انها كلها لاتصمد الأن امام اى عقل منصف الأمر لايخلو من الاخطاء بالفعل هنا وهناك فالعمل بشرى في ظروف وإمكانيات وتعقيدات دولية وعسكرية والسادات نفسه كان يرى افول العصر السوفيتى بوضوح وهو ماأعتمدت مصر عليه عسكريا وكانت رؤية السادات عميقة للاوضاع الدولية كان رجل سياسى في الحقيقة من طراز فريد هذا الطراز النادر من القادة الذى يمتلك الرؤيه تستطيع الان ان ترى ذلك بوضوح فبعض المقولات العبثية خاصة لليسار الثورى انذاك من قبيل هل كانت أكتوبر حرب تحريك ولم تكن حرب تحرير؟
تكاد تضحك بالفعل من تهاوى اى منطق متماسك واقعى لها فماضير حرب تحريك وكل امكانياتك قاصرة الا عن بلوغ مدى معين لابد ان تحميه قوات دفاع جوى تتحرك على أرض صعبة وحتى كلاوزفيتر معبود الاستراتيجيين وهيكل يعرف كل حرب انها حرب تحريك وحتى ايقونة العسكرية المصرية الشاذلى كان يتعامل عسكريا مع حرب تحريك ..الحقيقة اننا هنا لسنا بصدد جدال عسكري ولااستراتيجي عن وقائع حرب عظيمة قادت إلى نتائج عظيمه لم تكن تملك بادواتك المحدودة ترف امتلاك نتائج اعظم منها ربما في التفاصيل هنا وهناك وللتحليل التاريخى المدقق نرى الاخطاء الصغيرة ونرصدها لكن السياق العام للتاريخ كما نراه الأن ان النتائج عظيمة ومنطقية، انت لاتفاوض ايضا عدوا بسيطا انت تفاوض الولايات المتحدة الأمريكية وقاعدتها العسكرية المتقدمة اسرائيل فلا يشتط بك الخيال والحماس كثيرا حتى تقفز على الحقائق الاساسية فالعالم ليس مسئولا عن احلامك وانت بالفعل تحارب عدو متقدم فكريا وعسكريا وتخابريا وسياسيا هذه هى الوقائع وتلك هى النتائج.
ممكن ان نقول ان استثمار نتائج حرب اكتوبر على المستويات السياسية والاقتصادية الأخرى كانت رديئه لم نستطع انجازتنمية اقتصادية المجتمع الخارج من الحروب الدامية عكف على الاستهلاك الترفى الرهيب تهتك القادة بعد ذلك في الفساد الشخصى، وأصبح الفساد مرضا مستوطنا على سائر المستويات يحتاج إعادة ايقاظ الروح المصرية العظيمة لاعادة البناء والتطهير على أسس صحيحة وربما كانت تلك رسالة ثورة يناير التى لم يسمعها احد بطريقه ملائمه الانقاذ واعادة البناء فالمجتمع الذى انهكته الحروب تهالك على الاستهلاك والفساد والترف والكسل وكل القيم السلبيه وهو مرض معروف بعد الحروب الطويلة ويحتاج إلى ثورة انقاذ بالفعل وتملك الروح المصرية العظيمة شفرة الاحساس بالخطر والتوحد عنده وذلك الأمل يجد مقاومة من قوى الفساد المترسخة وهى مقاومة لن تستمر فكل العوامل الموضوعية تقول اننا أمة في خطر وانه لاريب ان تستيقظ روح الشعب التى تجلت في لمحات اسطورية في اكتوبر العظيم لتطهر الوطن وتنقذه وتعيد البناء من جديد على أسس صحيحة وعادلة.