إن كان بابا الإسكندرية الحالي وكثير من الأساقفة والكهنة والشمامسة قد تلقوا تعليمهم الكنسى ثم خدموا فى مدارس الاحد, فالفضل يعود إلى الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي أنشأ مدارس الأحد في كل القطر.
وفى محاولة لإعطاء هذا القديس مكانته التى يستحقها تقدم نيافة الحبر الجليل الانبا مارتيروس أسقف شرق السكة الحديد بمذكرة إشترك معه فيها قدس أبونا أنطونيوس إيليا راعي كنيسة العذراء عياد بك شبرا، لقداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث أثناء فترة مرضه الأخير، وفاتحه بالأمر وقد وعده بالنظر فيها وشجعه بالتقدم بنفس المذكرة إلي سكرتير المجمع المقدس نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي حيناذاك، الذي قدمها إلي لجنة الطقوس بالمجمع المقدس للدراسة والبحث
وبعد إنتقال مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة تحدث الانبا مارتيروس مع صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريركى، فأخبره أن هذا الأمر يحتاج إلي قرار من المجمع المقدس، وجاءت القرعة الهيكلية بإختيار قداسة البابا تواضروس الثاني، وأخبر نيافة الانبا مارتيروس قداسته بأهمية الموضوع فأمر بإرجائه إلي لجنة الطقوس ولجنة الإيمان والتعليم والتشريع بالمجمع المقدس، وتمت الدراسة بعناية شديدة وبحث الأمر من جميع جوانبه. وقد تم نقل الرفات إلى كنيسة العذراء بمهمشة فى يناير 2014 وجارى الان إعداد مزار خاص للرفات بالكنيسة
وقد حكى نيافة الحبر الجليل الانبا مارتيروس لوطنى قائلا ” هو بحق الأرشيدياكون المميز و المكلل فى جيلنا المعاصر بأعظم الأكاليل من أجل ما صنعه وقدمه لكنيسته القبطية الأرثوذكسية وهو فى تواضع القديسين فهو حامى الإيمان الأورثذكسى والكارز بالإنجيل ومروى الأرض المشققة من كثرة العطش وخادم إفريقيا الأول .
أنه حبيب جرجس منقوريوس ميخائيل شرابى وهو سليل عائلة قبطية مشهورة في بلدة ”أولاد إلياس ،مركز صدفا ،محافظة أسيوط.
ويفخر حى الشرابية بالقاهرة حيث أن إسمه ينتسب إلى شرابى الجد الأكبر للأرشيدياكون حبيب جرجس لقد إنتقل أبناء الجد الأكبر شرابى وهو إختصار لإسم شاروبيم إلى القاهرة ربما كلهم أو بعضهم وهم منقوريوس وعبد المسيح وهيرمينا وإبراهيم شرابى من بلدتهم أولاد إلياس إلى القاهرة وإستقروا بالمنطقة التى عرفت فيما بعد بإسم الشرابية وكان دواعى ذلك ربما من أجل لزوم تجارتهم والبحث عن عيش أفضل وإلحاق أبنائهم بالمدارس الخديوية
أما عن نشأته فإستكمل نيافته قائلا …
ولد سنة 1876 م وفي سن السادسة من عمره، إستيقظ فزعاً علي صوت صراخ في البيت، لم يستطع أن يميز ما إذا كان صوت أمه أم لا، لأنها كانت المرة الأولي التي يصحو فيها ليس علي صوت أمه الحنون، الذي تعود عليه بل علي صراخ أزعج أذانه
دخلت عليه سيدة بوجه مضطرب ، طارت منها الإبتسامة المعتادة لأى طفل، وإلتقطتته بين يديها تحمله إلي الخارج، وإخوته أيضاً غالي وكامل ومرثا، وعلي مقربة من البيت طرقت باب أحد البيوت، خرجت منه سيدة وصار حديث بينهما لم يدركه الطفل غير أنه سمع أن أبيه سافر إلي السماء، لم يفهم الطفل شيئاً ولا سبب ما يحدث …. فقط علم أن أبيه سافر لعله يرجع ليقدم له الحلوي كعادته .
إن الدور الذي ألقي علي هذه السيدة كان دوراً ثقيلاً، وهي من بلدة البياضيه مركز البداري أسيوط وهى سيدة بسيطة وبحسب إيمانها البسيط تركت مصيرها للأيام بحسب مشيئة الرب
فكانت الأم في أوقات فراغها ، تجمع أطفالها لتعلمهم وتقرأ لهم في الكتاب المقدس وتحكي لهم عن الشهداء والقديسين، وحكايات إنغرست في وجدانهم وعملت مفعول السحر في نفوسهم، فصار الكتاب المقدس محور حياتهم وسير القديسين نماذج حية أمام عيونهم، فشبعوا من فيض التعاليم الروحية وبدأت الحياة تشرق لهم
وكان ترددهم على الكاتدرائية القديمة ومقابلاتهم مع قداسة البابا كيرلس الخامس يهون عليهم الكثير والكثير من وحدتهم وشعر حبيب وإخوته ان البابا كيرلس هو الأب الحنون فإرتبط بشخصه وتتلمذ على يديه بطريقة عفوية أدارها الله لقصد يختفى فىه إرادة عليا بعيدة
كان حبيب على أبواب الدخول إلى المدرسة الإبتدائية فإلتحق بها عام 1883م وكانت مدرسته هى مدرسة الأقباط الكبرى بالكنيسة المرقسية الكبرى بكلوت بك حيث مقر أبيه الروحى قداسة البابا كيرلس الخامس فى عام 1892م تخرج حبيب بتفوق من مدرسة الأقباط الكبرى بالكنيسة المرقسية الكبرى وكان ذلك سبب فخر شديد لوالدته التى رأت ثمر تعبها وحرصها على تربية أبناءها تربية مسيحية ملتزمة
ويذكر أن أربعين طالبًاً تقدموا للإلتحاق بالمدرسة الإكليريكية ولكن أختير منهم إثنى عشر طالباً فقط وكان أولهم حبيب جرجس وتتلمذا على يد القمص فيلوثيؤس إبراهيم الشهير بوعظه وكان مدرساً لمادة الدين واللاهوت لحبيب جرجس.
وصار أشهر واعظ في جيله بعد القمص فيلوثيؤس إبراهيم، وكان في وعظه جهوري الصوت، قويًا، غزير المعلومات، يؤثِّر في سامعيه.
قام بإنشاء جمعيات للوعظ وجمعيات خيرية جديدة، كما قام بتشجيع الجمعيات القائمة.
المعلم الأول: من الأرشيدياكون حبيب جرجس الى البابا شنوده الثالث.
مرَّ وقت كان فيه حبيب جرجس هو المعلم الأول حتى أخرج للكنيسة جيلًا من المعلمين. وشمل عمله في التعليم الكلية الإكليريكية ومنابر الكنائس والجمعيات، كما علَّم بقلمه من خلال الكتب التي ألفها. وتعتبر مدارس التربية الكنسية من أهم ميادينه في التعليم.
ويستكمل الانبا مارتيروس عن كِتاباته وعطاءه قائلا …
أصدر حبيب جرجس مجلة الكرمة كما أصدر أكثر من ثلاثين كتابًا في شتى العلوم الدينية: في الروحيات والعقيدة والتاريخ والإصلاح الكنسي
أصدر أيضًا كتبًا في الترانيم وفي الشعر.
ووصف الانبا مارتيروس القديس حبيب جرجس قائلاً “نور أشرق في الظلمة” .
بتأسيسه مدارس الأحد… حيث روى الحكاية وبدأها
أنشأ مدارس الأحد سنة 1918 لتعويض النقص الذي يعانيه الطلبة الأقباط في دراسة مادة الدين في المدارس الأميرية وبعض المدارس الأهلية. فإنه وإن كان قد نجح مرقس بك سميكة في تقرير دراسة الدين المسيحي في المدارس الأميرية سنة 1908 لكن عدم وجود أساتذة متخصصين واعتبار مادة الدين إضافية أدى إلى إهمال تدريسه.
فحددت اللجنة العليا لمدارس الأحد هدفها الذي تركز في خلق جيلٍ محبٍ للكتاب المقدس والحياة الكنسية والسلوك المسيحي بروح وطني، مع الاهتمام بالرحلات الدينية والخلوات الروحية.
وتقدمت مدارس الأحد بسرعةٍ فائقةٍ، فصار لها في سنة 1935: 20 فرعًا بالقاهرة، 18 بالوجه البحري، 44 بالوجه القبلي، 30 بالسودان.
في عهد المتنيح البابا كيرلس السادس سيم نيافة الأنبا شنودة أول أسقف على المعاهد الدينية والتربية الكنسية، وباختياره بابا للإسكندرية اصبح أيضًا مسئولًا عن هذه الأسقفية.
الكلية الإكليريكية وفكرتها فى حياة الارشيدياكون القديس.
يُعْتَبَر القديس حبيب جرجس المؤسس الحقيقي للإكليريكية في عصرها الحاضر، فهو الذي اشترى لها الأرض وأسس لها المباني في مهمشة، وأعد القسم الداخلي لمبيت الطلبة. أنشأ الإكليركية في 29 نوفمبر 1893 والتحق بها, وصار الواعظ الأول ومدرس اللاهوت بالكلية في الربع الأول من القرن العشرين. وتسلم نظارتها سنة 1918 إلى نياحته سنة 1951.وأنشأ كذلك القسم الليلي الجامعي سنة 1946 م. وكان أول أستاذ لعلم اللاهوت في الكلية الإكليريكية، وتولى تدريس زملائه وهو طالب.
ترشيحه للمطرانية:
اختير عضوًا للمجلس الملّي العام، ورُشِّح مطرانًا للجيزة سنة 1948 م. ولكن لم يقبل البابا يوساب رسامته لأنه لم يكن راهبًا.مرض لمدة عام قبل أن يتنيح ليلة عيد السيدة العذراء 16 مسرى 1667ش. الموافق 21 أغسطس سنة 1951 م.وقد اعترف المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بقداسة حبيب جرجس في جلسته بتاريخ 20 يونيو 2013م.
عزيزى القارى لمعرفة لماذا إعترف المجمع المقدس بقدسية حبيب جرجس ومعرفة المزيد عنه من الانبا مارتيروس والقمص إفرايم كاهن كنيسة العذراء مهمشة …شاهد هذا الفيديو .
[T-video embed=”EaFh862B6_I”]