ربما من عمق إيمانها بهم , و إيقانها الشديد بأن دمائهم هى من وضعت جذور المسيحية , و رسخت لمبادئها , نظمت الكنيسة ضمن أهم طقوسها و مراسمها اليوم الأول من شهر توت القبطى من كل عام للاحتفال بعيد شهدائها , ” عيد النيروز ” أو عيد رأس السنة القبطية , …..لعيد النيروز العديد من القيم الروحية , و التى لا شك يبعث بها فى نفوس من عاشوه و احتفوا به , و ربما فى مقدمة هذه القيم الالمام بالمعانى الحقيقة للاستشهاد و بركاته , و فى هذا الصدد يحدثنا أبونا ” تادرس يعقوب ملطى ” عن هذه المعانى و بركاته فى كتابه عن عيد النيروز فيقول متساءلاً ما حاجتنا للاحتفال بعيد النيروز ؟! …..
بعد أن انقضى الوقت و الذى كان يكال فيه شتى أنواع العذابات لمن يشهد للمسيح و يعترف به , إذن ما حاجاتنا للاحتفال بعيد للشهداء , مؤكداً على أن الاستشهاد اختبار يومى يحيا فيه المؤمن , حتى و إن لم يكن له مضطهدون أو أعداء من البشر .
فتلك هو الهدف الرئيسى و الذى من أجله رتبت الكنيسة الاحتفال بعيد النيروز ,
صورة الاستشهاد
مشيراً إلى أن الاستشهاد صورة تجلت واضحة فى معركة الصليب , طرفاها الله و عدو الخير , حرب غير بشرية , لكنها توجد أينما وجد الإنسان , أذن فالاستشهاد نصرة لمقاومة الشيطان لعمل الله فينا كأولاد الله , الاستشهاد أيضاً حب , و إن كان ارتبط لدى الكثيرين بسفك الدم , و لكن فى كيانه لا يرتبط بالمظهر , فالصليب قوته تبرز فى الحب الإلهى .
و هكذا الاستشهاد يرتكز فيما يكنه قلب الشهيد من حب داخلى منسكب فيه بالروح , فثمة أيضاً من امتلأت قلوبهم بحب الإله و استشهدوا بدون سفك دم , كالرهبان و اللذين امتلأت بهم البرية و ازدهرت فى فترة أعقبت فترة الاستشهاد .
فقد عرف القديس ” بولس الرسول ” كيف يستشهد كل يوم قائلاً ” من أجلك نمات كل النهار “, فالاستشهاد فى جوهره حب عميق ينبع من الداخل .
و قد يقول قائل , مضى زمن الاستشهاد ماذا أفعل ؟! , ربما يظن ان الموت على عود الصليب فقط هو من يوجد الشهيد .
لو كان ذلك صحيحاً لحرم أيوب من اكليله .
استعذاب الألم
و فى هذا الصدد أيضاً يقول قدسه بهر الشهداء العالم ليس فى قبولهم للألم و قط , إنما فى فرحهم و قبولهم له .
فى الاستشهاد شركة لآلام المسيح , و الكنيسة كجسد للمسيح , لا بد لها من سماته المسيح حتى يكون لها الحب الحقيقى .
الاستشهاد شركة فى آلام الحب , فالمسيح على الصليب قبل الآلام بحب , معلناً اكتمالها .
و عن هذا الجزء يختتم قدسه متمنياً أن تكون آلامنا لأجل برنا و ليس لخطايا ساكنة فينا .
الانشغال بالسماويات
من أهم بركات النيروز الانشغال بالسماويات , الصليب كان مؤلماً , و لكن ما وراءه جاء الفرح و السرور .
النظرة إلى العالم
اختلفت نظرة الشهداء إلى العالم , و لعلها من أهم البركات .