إحتفلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، في جميع كنائسها صباح اليوم ، بعيد تجلي السيد المسيح ، وهو من الأعياد السيدية ويصلي فيه بالطقس الفرايحى .
ففي هذا اليوم تعيد الكنيسة بتذكار تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح علي طور طابور ، وكان معه في ذاك الوقت تلاميذه ” بطرس ويعقوب ويوحنا ” ، وهم الذين عناهم بقوله : ” إن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا إبن الإنسان أتيا في ملكوته ” (مت 16 : 28 ) ، وقد أكمل وعده هذا . فإنه بعد ستة أيام من قوله هذا أخذ التلاميذ الثلاثة وصعد بهم علي جبل عال منفردين ، وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور ، وإذ موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه .
وقد قصد السيد المسيح بذلك أن يعلمنا بأنه رب موسى ومقيمه من الأموات وإله إيليا ومنزله من السموات . وفي قول بطرس : إن شئت نُقيم هنا ونصنع ثلاث مظال ضعف وأدب . أما الضعف فلتفكيره أن الرب في حاجة إلى ما يستره من الشمس . وأما الأدب فلأنه لم يطلب لنفسه ولمن معه من التلاميذ ما طلبه للمسيح وموسى وإيليا . ولا تعجب من نقص علم التلاميذ فانهم لم يكونوا قد أكملوا بعد . ولما قال هذا أتت سحابة وظللتهم ، ليري بطرس أنه غير محتاج إلى مظال مصنوعة بالأيدي . وأتاهم صوت ليثبت في نفس التلاميذ ألوهيته قائلا : ” هذا هو أبني الحبيب الذي به سررت . له إسمعوا “
ولما سمع التلاميذ ذلك سقطوا علي وجوههم فلمسهم يسوع بيده المباركة وقال لهم : قوموا ولا تخافوا . فرفعوا أعينهم ولم يروا أحدا إلا يسوع وحده (مت 17 : 1 – 8) .
- وعن عيد_التجلى يقول القديس مار افرام السرياني :
إن اولئك القوم الذين قال عنهم الرب انهم لن يذوقوا الموت حتى يروا مثال مجيئه ، هؤلاء هم الذين اخذهم معه الى الجبل واراهم الحالة التي سياتي بها في اليوم الاخير وهذا المجد الذي ظهر في التجلي هو مجد القيامة لذلك اوصى المسيح تلاميذه ان لا يعلموا احد بما رأوا حتى يقوم ابن الانسان من الاموات مشيرا بذلك ان ما رأوه هو حالة نورانية الجسد التي تحدث في القيامة والهدف من ظهور المسيح بحالة مجد القيامة قبل حدوث القيامة هو ان نعرف ان المجد الذي سيظهر في القيامة هو موجود اصلا قبل القيامة لانه مجد الالوهية الذي كان يحجبه الجسد ، ثم بعد الصليب فاض هذا المجد وظهر في جسد المسيح القائم من بين الاموات وفي هذا المجد عينه صعد يسوع الى السماء ، وهو الان في مجد وبهاء ونور يفوق الوصف والتصور ، هذا المجد الذي رآه استيفانوس عندما شخص الى السماء وقت استشهاده وهو النور الذي ابرق حول شاول الطرسوسي في طريق دمشق ( نور افضل من لمعان الشمس ) حتى فقد بصره من شدة النور ، والذي رآه يوحنا في الرؤيا ” وجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها ” هذا المجد نفسه مجد المسيح موجودا في الكنيسة التي هي جسده ولكنه مجد خفي لا يحسه الآن الا الذين ينير الروح القدس عيون قلوبهم ليروا المسيح حيا فيهم وفي وسطهم بمجده وهذا هو المجد نفسه الذي سيظهر به في مجيئه الثاني ، وفي مجيئه الثاني سيغير اجساد المؤمنين ليكونوا على صورة جسد مجده كما يقول الرب نفسه : ” وحينئذ يضيء الابرار كالشمس في ملكوت ابيهم ” ( متى 13 : 43 ) .
اذاً فتجلي المسيح لا يرينا فقط حالة المجد التي سيأتي بها المسيح في مجيئه الثاني ، ولكنه يرينا ايضا الحالة التي سيكون عليها اولاد الله في الدهر الآتي عند مجيء المسيح ، وهذا ما يصرّح به يوحنا الرسول ” الان نحن اولاد الله و لم يظهر بعد ماذا سنكون و لكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو و كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر” ( رسالة يوحنا الاولى3 : 2 – 3 )
ان ظهور موسى وايليا في مشهد التجلي ليبين لنا ان يسوع المسيح ليس هو موسى ولا ايليا ولا واحد من الانبياء كما كان يظنه البعض بل هو رب موسى والانبياء ، ولذلك ظهر ايليا الحي وموسى من عالم الاموات ليحققا لنا ان يسوع المسيح هو اله الاحياء والاموات .
عيد التجلي هو عيد نرفع فيه أبصارنا نحو العُلا ، ننظر فيه إلى المسيح الكلي القدرة والمجد، نطلب إليه أن يرحمنا ويخلصنا. لذلك نحن مدعوون للتغيير والتحول، وتجلينا الحقيقي يكمن في الحياة حسب ارادة الله والسير حسب وصاياه وشرائعه.