قال أبوبكر الديب الكاتب الصحفى المتخصص فى الشأن الاقتصادى : لم يكن إعلان حكومة شريف اسماعيل، في يوليو الماضي، عن حاجتها لقرض من صندوق النقد الدولى، لتحسين الإقتصاد، وسد الفجوة التمويلية، وتقليل عجز الموازنة، الأول من نوعه، فقد كان أول إعلان بعد ثورة يناير 2011، عندما تفاوضت حكومة عصام شرف، في فترة حكم المجلس العسكري، مع الصندوق للحصول على 500 مليون دولار، وأوشكت علي التوقيع علي القرض، لكن ذلك الإتفاق لم ير النور، نظرا لإنتقال الحكم في منتصف 2012، إلى الرئيس المعزول محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي سعت حكومته برئاسة “هشام قنديل”، لإقتراض 4.5 مليار دولار من الصندوق، ولم يكتمل ذلك الإتفاق أيضا، لعزل “مرسي”، في منتصف 2013، ثم جاءت حكومة حازم الببلاوي، لتعلن عن سعيها للإتفاق علي قرض الصندوق، وكانت أسباب جميع الحكومات السابقة تتشابه في أسباب سعيها للحصول علي أموال الصندوق.
حيث أعلنت الحكومة الحالية أواخر يوليو 2016، عن حاجتها لتمويل برنامجها الإقتصادي، بنحو 21 مليار دولار على ثلاث سنوات، بما في ذلك 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ليأتي إعلان اليوم من طرفي الإتفاق “الصندوق”، و”الحكومة” علي الموافقة علي قرض الـ”12 مليار دولار”، مؤكدين أن الإتفاق سيخضع لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق خلال الأسابيع المقبلة.
وأضاف “الديب” قائلاً : تكافح مصر شديدة الإعتماد على الواردات، لإنعاش اقتصادها منذ 2011، التي أعقبتها “قلاقل” أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح – “المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة” – بجانب انخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، ونزلت الإحتياطيات الأجنبية المصرية، من 36 مليار دولار في 2011 إلى نحو 15.5 مليار دولار في يوليو، فيما استقر التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية دون تغيير عند 14%، في يوليو الماضي، بينما تراجع التضخم الأساسي بشكل طفيف لكنه ظل عند أعلى مستوى في سبع سنوات عند 12.31 %، مع استمرار تأثير خفض قيمة العملة هذا العام، مشيراً أنه لمصر مع صندوق النقد الدولي حكاية تمتد لعشرات السنين، وبالتحديد منذ انطلاق المؤسسة الدولية، والتي تمثل وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، أنشئت بموجب معاهدة دولية في عام 1945، مع نهاية الحرب العالمية الثانية للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، والسعي لبناء نظام اقتصادي دولي جديد أكثر استقرارا، ويقع مقرها في واشنطن، بأمريكا وتشمل 188 بلدا، حيث انضمت مصر للصندوق في نفس عام انشاءه، ورفعت مصر حصتها لدى صندوق النقد الدولى، لنحو 2.9 مليار دولار خلال العام الجارى، بدلا من حوالى 1.5 مليار دولار، قبل ذلك.
واستطرد ك الصحفى المتخصص فى الشأن الاقتصادى قائلاً : أنت أول محاولة مصرية للإقتراض من المؤسسة الدولية، في عهد الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، ففي عام1977، أقدمت مصر على اقتراض185.7 مليون دولار، وفي 17 يناير 1977، أعلن عبد المنعم القيسوني، رئيس المجموعة الإقتصادية لحكومة السادات، أمام البرلمان اتخاذ قرارات اقتصادية “ضرورية”، تتضمن زيادة أسعار بعض السلع لنسبة 50%؛ مما أدى لموجة احتجاجات شعبية أجبرت السادات على التراجع عن تلك القرارات، وفي عام 1991، أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، اقترضت حكومة عاطف صدقي 375.2 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وفتح هذا الإتفاق باب خصخصة القطاع العام، امتثالًا لشروط صندوق النقد الدولي كما قيل وقتها من خبراء اقتصاديون.