تحت رعاية صندوق الامم المتحدة للسكان وبالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تم إطلاق مؤتمر “مسح التكلفة الإقتصادية للعنف القائم على النوع الإجتماعي في مصر ٢٠١٥” الذي تتعرض له السيدات والفتيات في الفئة العمرية ١٨-٦٤ سنة وتأثيره على صحتهم العامة والإنجابية وتأثيره على أسرهم، كما تم تقييم مسح التكلفة الاقتصادية الناجمة عن العنف ضد المرأة وأسرتها والمجتمع والدولة ككل.
ومن المتوقع أن يكون هذا المسح مرجع لواضعي السياسات والمخططين لصياغة إستراتيجيات وخطط عمل قائمةعلى الأدلة لمكافحة العنف القائم على نوع الاجتماعي الذي تتعرض له المرأة والفتيات في مصر.
قال د.مجدي خالد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان بمصر لقد أقر المجتمع الدولي بأن العنف ضد المرأة يمثل انتهاكا صارخا لحقوق المرأة من خلال إعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عام 1993.وحسب الإحصاءات الدولية تتعرض إمرأة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي أو كلاهما معا، مما يجعل هذا النوع من العنف ضد النساء والفتيات من أكثر الأنماط انتهاكا لحقوق النساء في العالم كافة.
وفي مصر أظهرت نتائج المسح الصحي الديموغرافي لعام 2014 أن ثلاثة من كل عشرة سيدات ممن سبق لهن الزواج فيما بين سن 15 -47 سنة تعرض لصور من العنف كالعنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي. ومع ظهور العنف وتزايده اهتمت الحكومة المصرية بتوفير الحماية للنساء، كما أن الدستور المصري يصون للمرأة كرامتها ويوفر لها الحماية من العنف.
وقالت غادة والي وزير التضامن الاجتماعي ان العنف لم يصبح عنف ضد المرأة فقط بل أصبح سمة هذا المجتمع وهو الذي كان معروف عنه لسنوات طويلة أنه مجتمع آمن ووديع، أصبح يصدمنا كل يوم بعنف غير مقبول وغير معتاد وغير مفهوم، العنف أصبح سمة هذا المجتمع ولابد لنا أن ننشغل بهذا الموضوع ونناقشه. العنف أيضا لم يعد موجه ضد المرأة فقط بل موجه ضد الطفل، ضد الرجال، وضد المدرسين في المدارس وضد قطاعات وظيفية مختلفة، وهذا يستحق مننا ان ندرسه ونتخذ إجراءات تحد منه.
وأضافت غادة أن حقوق المرأة هي حقوق الانسان وحقوق الانسان هي حقوق المرأة والحقوق لاتتجزأ، وبالتالي فكرة العنف ضد المرأة فكرة شديدة الخطورة وخاصة إذا كان العنف له أوجه متعددة وعندما يكون هناك جزء غايب عنا لا نراه وعندما يكون هذا العنف له أثر اقتصادي واثر اجتماعي واثر نفسي وعندما يكون هذا العنف جزء من عادات المجتمع.
تعد ظاهرة العنف ضد المرأة مشكلة عالمية تتخذ أشكالاً كثيرة، وتسبب معاناة كبيرة ليس فقط للسيدات بل وأسرهن ومجتمعاتهن ، ونظراً لما يشهده المجتمع المصري من تفاقم لهذه الظاهرة في الأونة الأخيرة والتي تمثل خروج عن عادات وتقاليد الشعب المصري، فقد حظيت قضية العنف ضد المرأة بإهتمام من الدولة وكفل الدستور المصري حقوقاً للمرأة المصرية تضمنت الحق بحياة خالية من العنف، وإلتزام الدولة بحمايتها من كافة أشكال العنف. ولكن من ناحية أخرى تعاني الأبحاث القائمة من فجوة عند تناول قضية العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي المُقترف ضد النساء والفتيات في مصر، حيث لم يتم إجراء القدر الكافي من الدراسات والبحوث التي ترصد معدل إنتشار هذه الظاهرة وماينجم عنه من آثار تمس المجتمع والإقتصاد المصري. وفى هذا السياق، إستشعر كلٌ من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والمجلس القومي للمرأة، بدافعٍ من إهتمامهما المشترك بهذا الأمر، الحاجة المُلحة إلى توفير الإحصاءات الكافية أمام صانعي السياسات بهدف مكافحة ظاهرة العنف المتزايد في مصر ضد النساء والفتيات. وإيماناً من صندوق الأمم المتحدة للسكان بأهمية القضاء على هذه الظاهرة، فقد وجه الصندوق إهتمامه ومجهوداته إلى مكافحة تلك الظاهرة في جميع برامجه. ومن هذا المنطلق، اضطلع الصندوق بدور الشريك الرئيسي في دعم إجراء هذه الدراسة في جميع مراحلها.
لا يؤثر العنف على المرأة المعتدى عليها بشكل حصري، لكن يمتد أثره ليشمل أطفالها، أسرتها، مجتمعها، وشعور النساء الأخريات بالتهديد والخوف من تعرضهم أيضاً للعنف، يمتد إلى المعتدي نفسه. هذا التأثير يتعدى حدود الأذى الجسدي والنفسي، ولكنه يضع بصمة واضحة كتكلفة مادية، فإن الوعي بالتكاليف المادية الناجمة عن تلك الممارسات يساعد في تحديد الحجم الحقيقي للمشكلة وأثرها على المجتمع ويقدم بعداً جديداً وقوياً لفهم الآثار القانونية والصحية والتبعات الأخرى للعنف ضد المرأة والدعوة لإتخاذ التدابير اللازمة. وعلى الرغم من إرتفاع حجم التكلفة الإجمالية التى تدفعها المرأة و أسرتها، إلا إنه هناك ضعف واضح في لجوء المرأة لمؤسسات المجتمع المحلى أو لمؤسسات الشرطة، وتعكس هذه النتائج ضعف الوعي لدى المرأة،أو لعدم إنتشار ثقافة الإستعانة بهم، او لإعتقاد المرأة بعدم فاعلية المؤسسات فى الحد من العنف ضدها و خاصة العنف المنزلى ومن ثم لا تلجأ إلى هذه المؤسسات فى المقام الأول.
لاشك أن مشكلة العنف ضد المرأة خرجت من نطاق كونها مشكلة إنتهاك لحقوق الانسان او مشكلة صحة عامة وأصبحت مشكلة تنمية حقيقية تواجه الدول نظرا للنطاق الواسع لتأثيرها والتكاليف الواسعة التي تتحملها عدة قطاعات كآثار مباشرة وغير مباشرة، قصيرة وطويلة المدى فتستنزف رأسمال، عمالة، ومدخلات وموارد مادية وتؤثر على إمكانيات الدولة والإقتصاد كله سلبياً، خاصة في دولة نامية مثل مصر تحتاج إلى الحفاظ على كل مواردها النادرة لتوجهها نحو تنمية المجتمع. فالإهتمام بقضية العنف ضد المرأة لم يعد هدفاً من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين ولكنه هدف من أجل تحقيق تنمية وإستقرار المجتمع ككل.