نزول الروح القدس على الرسل : ولمّا أتى اليوم الخمسون … ( أعمال الرسل ٢ : ١ – ١١ ) …..” فامتَلأُوا جَميعًا مِنَ الرُّوحِ القُدس، وأَخذوا يتكلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم… ويُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ ” (أعمال الرسل ٢ : ٤ – ١١ ).
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. هذا هو العيد الجميل الذي نتذكّر فيه اليوم كيف أُرسل الرُّوح القدس إلى الرُّسل القديسين وإلى جميع من كانوا مجتمعين معهم، وهو اليوم الذي أُعيد لنا الكنز الجميل الذي تسبب مكر العدّو والعجز البشري بخسارتنا له في الجنّة الأرضية.
إنّ الطريقة التي حصل فيها هذا الأمر العجيب رائعةٌ من الخارج، أما السرّ المحجوب والمغلق عليه في الداخل تحت هذه الروائع فما من عقل أو فكر أو خليقة يمكنها أن تعرفه أو تُدركه أو تقوله. إن الرُّوح القدس هو عَظَمَةٌ كبيرة جدًّا وعذبةُ جدًّا أكبر من باقي العظائم الّتي لا يستطيع العقل إدراكها بمحدوديّته. ورغم ذلك تبدو هذه العظائم كلا شيءٍ مقارنةً به. في مقابل عظمة الرُّوح القدس. تضمحل السماء والأرض وكل ما يمكننا أن نستوعبه. لذا كان لابد من أن يُحَضِّر الروح القدس بنفسه المكان الذي سيستقبله، وأن يعمل بنفسه على جعل الإنسان قادراً على استقباله..
فما يجب أن يُصبح له ويتحوّل إلى مكانه وقدرته على الاستقبال هو عمق الله الذي لا يُوصف . ” فمَلأَ جَوانِبَ البَيتِ الَّذي كانوا فيه ” (أعمال الرسل ٢ : ٢ )
هذا البيت يمثّل بالدرجة الأولى الكنيسة المقدّسة التي هي مقام الله. ولكنّه يمثل بالدرجة الثانية كلّ إنسانٍ يقيم فيه الرُّوح القدس. وكما أن المساكن والغُرف كثيرة في هذا البيت، فإن الإنسان يتمتّع بالكثير من الكفاءات والإحساس والطاقات المختلفة : والرُّوح القدس يزورها جميعها بصورة مميّزة .
وما إن يصل حتى يدفع الإنسان ويُحثّه ويوقظ في نفسه توجّهات محددة ويعمل عليه ويُنيره. وكلّ شخص يختبر هذه الزيارة وهذا الحدث الداخليين بصورة مختلفة، وعلى الرغم من أن الرُّوح القدس موجود في داخل الناس الطيّبين جميعهم، إلا أن الشخص الذي يرغب أن يَعي عمل الرُّوح ويشعر حضوره ويتذوّقه ، فعليه أن يتأمّل في نفسه.. في هدوء وصمت.. وكلّما سلّم الإنسان نفسه لهذا التأمّل، كلّما زاد وعيه بهذا الحضور الداخلي للرُّوح القدس ونمّوه الدائم والذي قد أُعطي له مع ذلك بكامله منذ البدء .
فهلُمّ أيُها الروح القدس واملأ قلوب مؤمنيك، أضرم قلوبهم فيخلقوا فيتجّدّد وجهُ الأرض .