الصفات اللازمه في سلوك الانسان المسيحى حتى تكون صورته حسنه يفرح بها السيد المسيح ..
اولاً : أنه يكون على صوره الله ومثاله :
الانسان خلق على صوره الله في القداسه ، وذلك قبل السقوط الذى لأبوينا أدم وحواء حيث بالخطيه فقد الانسان قداسته ، وبالتالى فقد صورته الإلهيه . وأصبح الانسان أسير ثنائيه عجيبه تلازمه وتلاحقه هى : الخير والشر ، الحلال والحرام ، وما يتبع ذلك من الحياه والموت . وهكذا قال الله : ” هوذا قد جعلت اليوم أمامك : الحياه والخير ، والموت والشر … البركه واللعنه ، فأختر الحياه لكى تحيا ” ( تث 30 : 15 ، 19 ) .
وإذ فقد الانسان صورته الإلهيه بفقدان القداسه ، فقد النقاوه والبساطه ، بل فقد المعرفه لهذه الصوره الإلهيه أيضاً … وجاء السيد المسيح ” صوره الله غير المنظور ” كو 1 : 15 ) – فأعاد الينا بتجسده صوره الله حتى نحاكيها .. ودعانا أن نكون قديسين ” نظير القدوس الذى دعاكم ، كونوا أنتم أيضاً قديسين فى كل سيره ” ( 1 بط 1 : 15 ) . واضاف : ” كونوا قديسين لأنى أنا قدوس ” ( 1 بط 1 : 16 ) – أى أرجعوا إلى صورتكم الإلهيه …
ثانياً : الأنسان المسيحى : يجعل الله الأول في كل أهتماماته :
الأنسان الروحى يجعل الله بأستمرار هو الأول فى حياته وفى أهتماماته ، ولا يسمح لأى أهتمامات أن تعوقه عن محبه الله أو أن تحظى بالاوليات فى حياته …
قال السيد المسيح لمرثا : ” أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيره ولكن الحاجه الى واحد ” ( 1 كو 10 : 41 ) – أما مريم فقد أختارت النصيب الصالح ، أهتمت به . الانسان الروحى يجعل الله أولاً فى الطاعه ويقول مع الرسول ” ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس ” ( أع 5 : 29 ) .
أنظروا … الى قصه يوحنا المعمدان ، الذى لما ظهر المسيح ، تخلى يوحنا عن كل خدمته ، وعن كرازته ، وعن تلاميذه أيضاً ، وسلم العروس للعريس ، ووقف من بعيد يفرح كصديق للعريس ، قائلاً : ينبغى أن هذا يزيد وأنا أنقص . ” ( يو 3 : 30 ) .
والانسان الروحى ، يخرج من دائره الذات ، لكى يهتم بالأخرين ، ويهتم بهم بأسلوب روحى .. ويكون أهتمامه من عمق القلب من عطاؤه يصل الى حد البذل للنفس ، والراحه من أجل راحه غيره .
ثالثاً : الانسان المسيحى من صفاته العمق :
فنجده له صفات خاصه منها العمق … مثلاً
+ العمق في الصلاه
الصلاه العميقه من كل القلب والعاطفه ، عمق الاسغاثه ، مثل صلاه يونان النبى وهو فى بطن الحوت … من الاعماق صرخت اليك لأنه لا يوجد غيرك مخلص ومنقذ ..
وصلاه الشعب عند نقل جبل المقطم – حيث صلاه يتوقف عليها مستقبل الكنسيه كلها … وصلاه داود فى قلبه … وهم يلقونه فى جب الاسود … أو الصلاه فى قلب الثلاثه فتيه وهم يلقونهم فى أتون النار … وكصلاه إيليا وهو يطلب نزول الماء على محرقته ( 1 مل 18 ) وهكذا .. مثل صلاه العشار وصلاه اللص اليمين – صحيح كانت صلاه قصيره ولكنها عميقه … صلاه أنسان فى ساعاته الأخيره وهو على حافه الموت ، ومن أعماقه يتطلع إلى أبديته .. فيطلب من ربنا أن يذكره وهى جمله بسيطه يقولها الأنسان بعمق ” يارب أرحم ” – فيتقدم واحد من الاربعه والعشرين قسيساً فيأخذ هذه الصلاه فى مجمرته الذهبيه ويصعد بها الى عرش الله كرائحه بخور مع صلوات القديسين ( رؤ 5 : 8 ) .
+ العمق في العطاء :
أنه العمق السخى فى العطاء الذى حدث مع أبراهيم أبو الأباء عند تقديمه لأبنه اسحق .. ياله لعمق المحبه لله .. وأنه فى نفس الوقت عمق العطاء ولا يوجد عطاء أعمق من هذا ، أن يقدم أبنه الوحيد – أبن المواعيد …
ومن أمثله عمق العطاء أيضاً ما قدمته الأرمله التى قدمت فلسين لذلك مدحها الرب وقال إنها أعطت اكثر من الجميع ( مر 12 : 41 – 44 ) .
ولعله ما قدمته أرمله صرفه صيدا لإيليا النبى ، كل ما قدمته هو ” ملئ كف دقيق وقليل من الزيت فى الكوز ” ( 1 مل 17 : 12 ) .
+ العمق في الكرازه :
حيث بدأت المسيحيه تاريخها الكرازى بالعمق – والذى تركز فى أثنى عشر رسولاً ، بعضهم من جهال العالم والمزدرى وغير الموجود ( 1 كو 1 : 27 – 28 ) – ولكنهم بكل جديه وأمانه والتزام دخلوا فى الخدمه ، بكل جهد وتحملوا ، الجلد والسجن ، والأضطهاد لكى يوًّصلوا كلمه الله إلى كل أحد … وهنا يعبر القديس بولس الرسول عن عمق هذا العمل الكرازى فيقول : ” فى كل شئ نظهر انفسنا لله ، فى صبر كثير ، فى شدائد ، فى ضرورات ، فى ضيقات ، وضربات ، فى سجون فى أضطهادات ، فى أتعاب ، فى اسهار فى أصوام ” كمضلين … كمجهولين … كمائتين … كحزانى ” ( 2 كو 6 : 4 : 1 ) .
+ عمق التوبه :
كثيرون تابوا ، ورجعوا كما كانوا ، لأن توبتهم لم تكن بعمق ، أما الذين تابوا بعمق ، فلم يعودوا إلى الخطيه مره أخرى – الذين لا تصطحب توبتهم مشاعر الانسحاق والندم ، والشعور بعدم الأستحقاق هؤلاء ليس لهم عمق فى التوبه … وما أسهل رجوعهم للخطيه …
+ عمق الأيمان :
الايمان العادى يدعيه الكل ، ولكن ليس كل مؤمن عميق فى أيمانه ، بطرس الرسول أمن إلى حين ، ومشى مع المسيح على الماء ، ثم ضعف أيمانه فسقط ، ووبخه الرب قائلاً : ” ياقليل الايمان لماذا شككت ” ؟ ( متى 14 : 31 ) … الايمان العميق لا يشك ولا يخاف ، بل يمكن أن ينقل الجبال ( مت 17 : 20 ) – وأعظم ما قيل عن الايمان العميق قول الرب : ” كل شئ مستطاع للمؤمن ” ( مر 9 : 23 ) …
رابعاً : الانسان المسيحى قلبه مع الله :
الانسان الروحى ، حياته ليست مظهريه من الخارج ، وليست هى مجرد ممارسات يمارسها ، ولا مجرد ناموس ووصايا ينفذها حرفياً ، أنما هى حياه روحيه قبل كل شئ ، هى ” حياه القلب مع الله ” . لأن الرب يقول : “ يا أبنى أعطنى قلبك ولتلاحظ عيناك طرقى ” ( أم 23 : 26 ) . وجاء فى أنجيل متى ” طوبى لأنقياء القلب . لأنهم يعاينون الله ” ( مت 5 : 8 ) .
ولقد قال المرتل فى المزمور ” خبأت كلامك فى قلبى لكى لا أخطئ اليك ” ( مز 119 ) ..
خامساً : الانسان المسيحى يحىًّ بالروح لا بالحرف :
أنه يضع أمامه على الدوام قول الرسول : ” لا للحرف بل الروح ، لأن الحرف يقتل ولكن الروح يُحىَّ ” ( 2 كو 3 : 6 )
بمعنى الانسان المؤمن يهتم بروح الوصيه لا بحرفيتها … أنه الحرف الذى يقتل ، لأنه يدل على عدم فهم لروحانيه الوصيه .
سادساً : الانسان المسيحى من صفاته ضبط النفس :
يجب على الانسان الروحى – المسيحي – أن يملك نفسه ويظبطها أى لا يعطيها كل ما تريد ، بل يقف ضدها .. عملاً بقول السيد الرب ” من يحب نفسه ، يهلكها ، ومن يبغض نفسه فى هذا العالم يحفظها الى حياه أبديه ” ( يو 12 : 25 ) . وأن ضبط النفس يشمل بلا شك عناصر كثيره أهمها :-
والذى يضبط نفسه يحبها المحبه الحقيقيه .
سابعاً : من صفات الانسان المسيحي – أن يكون ناجحاً :
كل نجاح هو سبب فرح لكثيرين ، فأولها يكون فرح للشخص الناجح وفرح لأسرته وأحبائه وفرح للكنيسه كلها وربما فرح للمجتمع بوجه عام . وفرح للملائكه ، وفرح لارواح القديسين وفرح لله نفسه …
يوسف الصديق – مثلاً كان ناجحاً ويقول الكتاب ” كل ما يعمله ينجح فيه ” … ” كل ما يصنعه كان الرب ينجحه ” … وهو كان ناجحاً ومحبوباً فى كل شئ …
ثامناً : الانسان المسيحى يحيا بمبدأ : ان عشنا فللرب نعيش
كتب القديس بولس الى أهل روميه يقول : ” ان عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت . فإن عشنا أو متنا فللرب نحن ” ( رؤ 1 : 8 ) .
كذلك فأن تكلمنا فللرب نتكلم ، وأن صمتنا فللرب نصمت . وكل عمل نعمله ، ومن أجل الله نعمله ، نعمله له ، ومعه وبه …
تاسعاً : الأنسان المسيحى – يحيا حياه الغلبه والأنتصار :
نحن أعضاء الكنسيه المجاهده على الأرض . نجتاز هنا فتره أختبار نتعرض فيها لحروب كثيره ، شرحها القديس بولس الرسول فقال : ” إن مصارعتنا ليست مع لحم ودم ، بل … مع اجناد الشر الروحيه في السماويات ” ( أف 6 : 12 ) وقال عنها أنها حرب تحتاج إلى ” سلام الله الكامل ، لكى نقدر أن نثبت ضد مكايد إبليس ط ( اف 6 : 11 ) .
أن الله يريدنا أن ننتصر في هذه الحرب ، والسماء كلها ترقب جهادنا وتفرح إذ ترانا غالبين . – الملائكه وأرواح القديسين في السماء يصلون لأجلنا لكى ننتصر .. الانسان الروحى هو انسان منتصر .