توشك معضلة العام المنصرم الشائكة التي واجهت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” على الزوال ولو من وجهة النظر النفطية المحضة ، فبعد أقل من ستة أشهر على رفع العقوبات الغربية المفروضة على إيران تقترب طهران من استعادة مستويات تصدير النفط الطبيعية مما يضخ مزيداً من النفط في السوق بطريقة سلسة على نحو غير متوقع .. لكن مصادر ومندوبين في أوبك يقولون – بحسب رويترز – إن هذا التطور لم يفعل شيئا يذكر إلصالح الحوار ناهيك عن المساعدة في التوصل إلى إتفاق بشأن الإنتاج عندما تعقد “أوبك” اجتماعه الألسبوع المقبل .
وتشير أرقام وكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج إيران بلغ مستويات ما قبل فرض العقوبات بسبب برنامجها النووي. وتقول طهران إنها لم تصل إلى تلك المستويات بعد.. لكن مندوبين في أوبك يقولون إنه في حين أن إيران ربما ترغب أكثر في الحوار الأن فإن صعود أسعار النفط قللت الحاجة الملحة لتعزيز السوق.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن إيران رفعت إنتاجها إلى 56.3 مليون برميل يوميا في أبريل وهو المستوى الذي حققته آخر مرة في نوفمبر تشرين الثاني 2011 قبل تشديد العقوبات.. وتظهر البيانات التي تقدمها السعودية الأوبك أن إنتاجها اقترب من مستوى قياسي مرتفع عند 26.10 مليون برميل يوميا في أبريل وأن المملكة حافظت على إنتاجها مستقراً نسبياً خلال العام المنصرم.
التأثير على مصر:
من جانبه يرى المركز المصؤى للدراسات الاقتصادية أنه على الرغم من كون مصر ليست أحد كبار منتجي النفط بل هي أحد المستهلكين الرئيسيين له في الشرق الأوسط إلا أن عمق تأثرها بالمتغيرات فيه يرتبط بالعلاقات الاقتصادية مع دول الخليج المنتج الأول له. فرغم التحسن النسبي في أسعار النفط على مدار الفترة الأخيرة على خلفية آمال هشة بخفض المعروض النفطي إلى أن الأسعار لازالت عند مستويات متدنية، و لهذا لازالت مصر مستفيدة من تراجع أسعار النفط من خالل خفض تكلفة استيراد النفط ومشتقاته التي تستخدم أساساً في مدخلات الإنتاج وبالتالي فإن الحكومة لديها فرصة لخفض العجز في موازنتها، ومن ثم تخفيف الضغوط التضخمية ، كما إن الإنخفاض الأخير في أسعار النفط يأتفي صالح الحكومة في خضم سعيها لخفض العجز في الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري.
ورغم هذه الإستفادة إلا أنه من ضمن المخاوف الأخرى ضغط الشركات الأجنبية العاملة في مصر في قطاع الطاقة، بعد أن انخفضت أرباحها في الآونة الأخيرة، وربما قد يدفعها إلى الضغط على الحكومة المصرية والمطالبة بمستحقاتها المتأخرة بالإضافة إلى وضع تدفقات االستثمارات الأجنبية من دول الخليج و وضع العمالة المصرية وتحويالتها.
وأشارت الورقة البحثية التى أصدرها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية إن تراجع أسعار النفط في العامين الماضيين مما أدى إلى تراجع نسبة إيرادات النفط والغاز في إجمالي إيرادات موازنات دول المنطقة خاصة الخليجية مع استمرار النفط أعلى مورد من إيرادات الموازنة. وهو ما أدى كذلك إلى الحد من سياسات الإنفاق الحكومي لدول مجلس التعاون وظهور العجز في الموازنات مجدداً بعد أعوام من التوازن أو الفوائض. كما يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي التي تربط عمالتها بالعملة الأمريكية أن تضع سياسات نقدية تحافظ على الإستقلالية ومسافة من السياسة النقدية الأمريكية والتى تبعها في كل خطواتها لأن السياسة النقدية الأمريكية معاكسة لتوجهات سياسة تنويع الاقتصاد الذي ترغب دول الخليج في تحقيقه ، هو وفرة المعروض مع التوسع في الإنتاج عند مستويات أكثر عمقاً بالواليات المتحدة والتي إن أكثر ما يؤرق أسواق النفط حالياً بالمحيطات، وطفرة النفط الصخري في التصدير بالإضافة إلى تزايد معدل الإنتاج تجعلها منافساً من دول مثل كندا والبرازيل والعراق وكينيا وأوغندا، كما أن تراجع استهلاك دول أوروبية بفعل تحسين كفاءة مركباتها لتكون أقل استهلاكاً للوقود، خاصة تحديث تقنيات السيارات الصديقة للبيئة.
وفي ضوء هذه المتغيرات أصبح من الضروري على الحكومة المصرية مراجعة الأساس الذي استندت إليه في تحديد سعر 40 دولار كمتوسط لسعر برميل البترول في الموازنة الجديدة لعام 2016-2017 حيث إن هذا الرقم قد يتم تجاوزه إذا ما تم التوصل لإتفاق ما بين المنتجين .