أيمن سمير: مصر بالنسبة لأمريكا صوت الحكمة بالمنطقة و العنصر المستقر
نشأت الديهى : الإدارة الأمريكية منقسمة , فمايريده الكونجرس , لا يرغبه البيت الأبيض
حسين هريدى : زيارات متكررة و لا تتعدى الإطار الروتينى و الموسمى
محمد حسين : أمريكا تبحث عن مصالحها , و لو لدى الإرهاب ستتحالف معه
تكررت زيارات الكونجرس إلى مصر , منذ تولى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مقاليد الحكم , فى تأكيدٍ حقيقي على علاقات قوية موطدة وانتواء إستراتيجية جديدة تجاه مصر وقياداتها, حيث زار مصر أول أمس وفد من الكونجرس ترأسه لنائب الجمهورى دانا رورباخر, واستقبله الرئيس “عبد الفتاح السيسي” واستعرض معه مجمل تطورات الأوضاع بمصر, مشيداً بالإنجازات المصرية , و فى مقدمتها الدستور المصرى و ما يحويه من مواد خاصة بالحقوق و الحريات , معرباً عن سعادته بالعلاقات التاريخية بين البلدين. فى المقابل عّبر وفد الكونجرس عن سعادة أمريكا بتوطيد علاقاتها مع مصر مرحباً بمزيد من الإستثمارات فى مختلف المجالات, مؤكداً على أهمية مساندة مصر والوقوف بجانبها فى محاربتها الإرهاب وبلوغها التنمية الشاملة.
أيضاً خلال اللقاء تم التطرق إلى أهمية تضافر الجهود الدولية من أجل وقف مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة، فضلاً عن محاربتها جميعاً دون انتقائية لاسيما أنها جميعاً تعتنق ذات الفكر المتطرف.
الزيارة بدورها تمكنت من خلق حالة من الجدال بين العديدين من المتابعين للعلاقات المصرية الأمريكية , ففى الوقت و الذى فسر البعض الزيارة على أنها تأكيد على إستراتيجية حقيقية , و توطيد لشراكة بين البلدين ,_ إن لم تكن أعتراف أمريكى صريح بمصر و دورها الريادى , بل و ثقلها السياسى و الإستراتيجى بالمنطقة _, آرتأها البعض الآخر بالزيارة بالروتينية و التقليدية و التى تأتى من وقت لآخر فى إطار خدمة المصالح الأمريكية و التعرف على بواطن الأمور و مجريات الأوضاع .
شراكة إستراتيجية
فى البداية قال د. ” أيمن سمير ” _ أستاذ العلاقات الدولية و المتخصص فى العلاقات المصرية الأمريكية _ لا شك بعد 30 يونيه تراجعت العلاقات المصرية الأمريكية , و تدهورت بشكل ملحوظ , على إثر تصريحات الإدارة الأمريكية عن مواقف مصر وقتها , وما أسموه بالإنقلاب, بعدها عُلقت المساعدات الأمريكية و الممنوحة لمصر, و خصوصاً العسكرية , لكن تدريجياً و بعد استقرار الأوضاع المصرية, عادت أمريكا تعترف ب 30 يونيه و بإرادة الشعب المصرى وذلك خلال لقاءات و مهاتفات بين الرئيس ” السيسي ” و الرئيس الأمريكى ” أوباما ” , حيث جمعهما لقاء سبتمبر 2014 , تلاه مكالمة هاتفية من اوباما إلى السيسي مارس 2015 , بعدها تسلمت مصر المساعدات العسكرية طائرات الأباتشى و بناءً عليها اعتمد الكونجرس ميزانية أمريكا 2015 : 2016 , و معها جاءت لقاءات جمعت وزير الخارجية المصري و نظيره الأمريكى , و استكمل ” أيمن ” منه توطدت العلاقة المصرية الأمريكية عادت لإستراتيجيتها تزايدت الاستثمارات الأمريكية فى مصر حتى تجاوزت المليارى دولار , إلى جانب التجارة الثانوية بين البلدين و التى تخطت ال7 مليارات دولار , و الأهم مصر مصنفة الشريك رقم 53 من بين الشركاء الأجانب للولايات المتحدة , و هو مركز لا يستهان به , أمريكا أيضاً أعطت مصر العديد من المزايا التفضيلية بمجرد دخول المنتجات و السلع المصرية إلى أمريكا , و كلها تأكيدات على شراكة حقيقية بين البلدين على كافة المستويات سواء اقتصادية , سياسية , عسكرية و دبلوماسية , و ما نستطيع الجزم به هو احتياجنا لهذه العلاقات الإستراتيجية مع دولة بحجم أمريكا و استكمل ” سمير ” الاستماع لوجهة النظر المصرية بالنسبة لأمريكا أمر لا يمكن الاستغناء عنه , فمصر بالنسبة لهم صوت الحكمة و ر غبتها الدائمة فى استخدام الحلول السياسية فى معظم بلدان المنطقة الملتهبة سوريا , العراق , ليبيا و غيرها , ساهمت بشكل كبير فى صورتها الإيجابية ليس فقط أمام أمريكا و لكن أمام العالم كله , و يكفى أنها عنصر الاستقرار الوحيد بالمنطقة , و كثيراً ما يرحب بها الكونجرس و يصفها بالصديق المستقر بالمنطقة.
و تابع “سمير” حادث أورلاند الإرهابى الأخير و الذى وقع بمدينة فلوريدا الأمريكية, جعل امريكا تتجه و بشكل جدى إلى محاربة الإرهاب, بعد أن كانت تردد عن مهاجمات وهمية ضد داعش من خلال تحالفها الدولى لمحاربته و الذى لم يسفر عن أية نتائج إيجابية, حتى اوباما لم ينتوى فى أمر و خلال خطابات الحرب الحقيقية على هولاء , و لكن بعد أن ذاق و اكتوى بنيرانهم , اتجه و بشكل واضح لمحاربتهم , و يعلم جيداً أن خير حليف له فى هذا الأمر هى مصر , و بديهى أن يرى العالم محاربة حقيقية لداعش و جماعته بعد أن توفرت إرادة أمريكا السياسية للقضاء الإرهاب, و ربما بدأت حالياً بشن هجماتها المختلفة على مناطق الفلوجة و الرمادى بالعراق و سوريا، و اختتم ” سمير ” الزيارة هامة و ضرورية و تعد تأكيد قوى على علاقات موطدة بين البلدين .
زيارة روتينية
يختلف معه السفير “حسين هريدي” _ مساعد وزير الخارجية الأسبق _ بقوله الزيارىة تاتى فى إطار روتينى بحت , كما أن المتعارف عليه هو قيام الكونجرس بزيارات موسمية لبلدان معينة , يتمكن من خلال الحديث مع قياداتها الإطلاع على بواطن الأمور و معرفة ما وراء الكواليس , كما أن وفود الكونجرس و القادمة لمصر هى نفسها قيادات بلجان الكونجرس و المعنية بالموازنات و المساعدات و الاعتمادات الخارجية , و منه جاءت سببية الزيارة , و تابع “هريدي” أمريكا لها سياسات الإستراتيجية تجاه مصر و المنطقة , و بديهى أن تكون الزيارات المتكررة فى إطار متابعة هذه السياسات , و نفى ” هريدى ” أن يكون ثمة انقسام بين البيت الأبيض و الكونجرس , مؤكداً كلاهما يصب فى مصلحة الآخر , كما أن المرحلة القادمة فى الولايات المتحدة, و لا سيما بعد انتخاب الرئيس الجديد نوفمبر المقبل , ستشهد استقلال تام للكونجرس .
انقسام أمريكى
و أضاف ” نشأت الديهى ” _ المتخصص فى العلاقات الدولية _ بقوله الزيارة أكدت انقسام الإدارة الأمريكية على نفسها , فما يرغبه الكونجرس , لا يريده البيت الأبيض , من وقت لآخر زيارات و تعزيز لعلاقات , و مع ذلك لا يرغبنا أوباما من الأساس لمصر و لا العرب , و هذه طبيعة الديمقراطيين , و من يقطن منهم البيت الأبيض عدم ميولهم للشرق , و اتسامهم بالميوعة السياسية فى قراراتهم كافة , فالمحرك الساسى لهم الفصيل الكاسب , و يتضح ذلك جلياً فى تدعيمهم للإخوان و الزج بهم فى الشرق لإدراكهم أن هذا الفصيل تمكن من اللعب بكافة الأوراق, بعدها أدركوا عجز الإخوان تخلوا هم أيضاً عن هذا الفصيل , دائماً الميوعة و عدم الاستقرار فى مبادئهم و أفكارهم , و تابع ” الديهى ” زيارات متكررة و مبالغ فيها و لكنها غير مطمئنة , فالبيت الأبيض غير مسقر , و حتى الانتخابات الرئاسية القادمة نوفمبر المقبل , ربما تختل الموازيين تختلف المعايير , يجد فى الأمور جديد , و كالعادة تخضع العلاقات بين البلدين للظروف السياسية المتغيرة و المتقلبة أيضاً بالمنطقة و العالم , و نوه ” الديهى” إلى أن مصلحة العرب ربما تكون فى تولى ترامب المرشح الجمهورى لمقاليد الحكم الأمريكى, كونه يتسم بالصراحة و الجدية منذ البداية بالرغم من انتهاجه العداء تجاه المسلمين و غيرهم من اللاجئيين, فأقصى ما سينتويه هو الميول للاستقلال مثلما فعلت بريطانيا فى خروجها من الاتحاد الأوروبى , أما كلينتون المرشحة الديمقراطية و التى طالما مارست سياسات أوباما و لم توقفه تجاه العرب و المنطقة , فن يستطيع أحد ان يتنبأ بسياساتها القادمة, و لكنها لن تبتعد كثيراً عن ميوعة الديمقراطيين و لعبها بالورقة الرابحة , و اختتم ” الديهى ” لكن بشكل عام و فى ظل القيادة الحالية , محاولة الإبقاء العلاقات فى مجملها تعد أمر إيجابى لمصر .
مصلحة أمريكا
و اختتم ” محمد حسين ” _ أستاذ العلاقات الدولية _ بقوله دولة بحجم أمريكا و نفوذها القوى , بديهى أن يكون لها مصالح مع الجميع, و من وقت لآخر يقوم الكونجرس بزياراته المتنوعة لخدمة هذه المصالح , فتعرف أمريكا بالدولة البراجماتية أى أن المحرك الوحيد لها هى نجاح مصالحها , و هذا لا يعيبها , و ربما يتجلى هذا المفهوم و بشكل قوى فى المرشح الجمهورى ترامب و الذى يسعى دائما و من خلال تصريحاته الفجة إلى حفظ مصالح امريكا , أىاً كانت النتائج , و اضاف ” حسين ” حتى عملية إدارة الأمور و القضايا سواء الداخلية و الخارجية , دائماً ما تدخل فى إطار توزيع الأدوار مابين البيت الأبيض و الكونجرس , و ليس ثمة ما يعرف بالانقسام بين الإدارات الأمريكية , و حالياً تتجه الإدارة الأمريكية إلى تسوية علاقاتها مع الجميع و ليس مصر و حسب , من قبلها كانت إيران على سبيل المثال , , و أشار ” حسين ” إلى الهدف الأمريكى الرئيسى , و هو المصالح المريكية بالأساس , بقوله , ما يحكم خطواتها و أهدافها هى مصالحها دون شريك , حتى لو مصلحتها مع الإرهاب , ستتحالف معه , و الدليل تعاونها مع الإخوان و الزج بهم فى الشرق .