الثانوية العامة مأساة الاسرة المصرية على مدى السنين ..كنت احلم عندما كان اطفالى صغارا بأن اجد تلك السنة الكابوسية زالت فلا يتمرر بها ابنائى عندما يصلونها.. ولكن لم يتحقق الحلم بل صار كابوسا عندما صارت الثانوية العامة سنتين (تانية ثانوى وتالتة ثانوى) ..وظللت في هذا الكابوس اربع سنوات على التوالي اذ يفصل بين ابنتى وابنى عامان ، واعترف باننى لم اتجرع المرارة كاملة اذ كانا متفوقين وملتزمين بدراستهما غير مدمنين للدروس الخصوصية وبنعمة ربنا أصبحت الابنة صيدلانية والابن طبيبا.
ولكن كأس الثانوية العامة دائما مر، لان ربع الدرجة تغير مصير الطلبة من كلية لاخرى ، وبورصة المجاميع جعلت من يحصل علي 90% يهوى ارضا لانه لايعد متفوقا وتضيع عليه كليات كثيرة .!!
وكنا نشعر بالظلم عندما نسمع ان الغش شاع في بعض اللجان ليتساوى من اجتهد بمن قضاها طولا وعرضا ، وان كنت دائما مقتنعة ان الغش قد يؤدى الى النجاح لكن التفوق قصة كفاح .
كانت شكاوى الثانوية العامة تدور في : أسئلة خارج المنهج ..طول الامتحان ..اخطاء في الطباعة ..اخطاء في الترجمة ..تأخر في توزيع ورقة الأسئلة في بعض اللجان ..حالات غش جماعى ..ومايتبع ذلك من اغماءات بعض الطلبة واخبار انتحار وماإلى ذلك مما كان يكون صورة الكابوس للثانوية العامة
اما اليوم فقد توارى كل ذلك وطرح ارضا امام غول ضخم هو تسريب امتحانات الثانوية العامة علي الصفحات الالكترونية لبعض الشباب الذين يرفعون الامتحان ليصبح في يد الطلبة قبل اللجان ، وتظهر الحرب الالكترونية علي اعلي مستوى ..وبالبطبع يجيدها ويتقن ادواتها هؤلاء الشباب وليس وزارة التربية والتعليم.
الغريب ان التسريب يوميا لكل المواد!! والأغرب انه يرفع علي تلك الصفحات باجاباته النموذجية.!!. والاغرب ان ادمن الصفحة يعلن علي صفحته ان عنده 3 نماذج أعدتها الوزارة للامتحان فلذلك سيرفع الامتحان النازل علي الساعة 8 وعشرين دقيقة صباح الامتحان باجابته حتى لايتسنى للوزارة تغيره !!
القضية هنا ليست تربية ..القضية هنا جريمة كبرى تكاد تتعلق بالامن القومى والمجرم ليس هو أدمن الصفحة فقط.. فهو أداه للمجرم الحقيقي الذى لابد ان يكون من داخل وزارة التربية والتعليم ذاتها الذى سرب الامتحانات باجاباتها النموذجية للمجرم الالكترونى او المجرم المنفذ .
انه تحًد جديد وضخم امام الدولة لتثبت سيادتها وسيادة القانون .