تتجه الانظارغدا الخميس لبريطانيا حيث يقترب موعد الاستفتاء حول عضويتها في الاتحاد الاوروبي و تشهد البلاد انقساما على الصعيد الجغرافي ايضا اذ تؤيد غالبية المدن الكبرى في اسكتلندا البقاء في أوروبا بينما تفضل الحملة الانجليزية الخروج منه واختصر الرئيس السابق لمعهد يوغوف لاستطلاعات الرأي بيتر كيلنر الموقف بالقول : انه الريف الانجليزي ضد لندن واسكتلندا وايرلندا الشمالية فالمال يشكل عصب العديد من الحروب والاستفتاء المقرر غدا حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي ليس استثناء في معركة بين معسكري البقاء والخروج
من القضايا الاساسية التي يحركها مؤيدو الخروج هي تزايد اعداد المهاجرين باكثر من الضعف بين 2004 و2015 ليبلغ ثلاثة ملايين شخص بحسب مرصد الهجرة وهذه الزيادة مرتبطة بانضمام بولندا ورومانيا والمجر الى الاتحاد الاوروبي وايضا بوصول اعداد كبيرة من الايطاليين والاسبان بسبب الازمة الاقتصادية في هذين البلدين التابعين لمنطقة اليورو منذ اواخر سنوات العقد الاول من الالفية
اعتبر وزير العدل مايكل غوف المؤيد لخروج البلاد انه اذا بقيت بريطانيا في اوروبا فانها ستشهد وصول اكثر من خمسة ملايين مهاجر في السنوات الخمس عشرة المقبلة مما سيشكل عبئا لا يحتمل على قطاعي الصحة والتعليم الا ان هذه التوقعات تفترض انضمام تركيا والبانيا وصريبيا ومونتينيغرو الى الاتحاد الاوروبي بحلول 2020 بينما استبعد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ان تنضم تركيا قبل عقوبات
يقول انصار خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ان المساهمة البريطانية في موازنة الاتحاد الاوروبي تبلغ 350 مليون جنيه استرليني اسبوعيا اي 454 مليون يورو الا ان هذا الرقم يتجاهل الحسم الشهير الذي حصلت عليه رئيسة وزراء بريطانيا انذاك مارغريت تاتشر العام 1984 وعليه فان بريطانيا تدفع اسبوعيا 280 مليون جنيه الى الاتحاد الاوروبي بحسب ايان بيغ الباحث لدى كلية لندن للاقتصاد في عام 2015 دفعت لندن 12.9 مليارات جنيه مساهمة في موازنة الاتحاد الاوروبي بدلا من 17.8 مليار مقررة دون الحسم بحسب تقديرات البرلمان البريطاني وفي المقابل حصلت بريطانيا على نحو 6 مليارات جنيه من الاعانات المخصصة للزراعة والابحاث العلمية ويشدد مؤيدو البقاء على انه مبلغ لا يستهان به بينما يرى معسكر الخروج ان الحكومة البريطانية ستنفق هذه الاموال بشكل افضل بالقياس الى المساهمة الصافية اي الفارق بين المساهمة في الموازنة الاوروبية والاعانات التي تتلقاها بريطانيا بالمقارنة مع حجم اقتصادها فانها ليست الخاسر الاكبر وتحل في المرتبة التاسعة للدول بحسب ارقام المفوضية الاوروبية للعام 2014 بينها هولندا والمانيا
يمثل الاتحاد الاوروبي ليس الشريك التجاري الاول لبريطانيا وشكل 44% من صادراتها للعام 2015 و5% من وارداتها بحسب ارقام الحكومة وتقول الحكومة البريطانية ان ثلاثة ملايين وظيفة مرتبطة بالتجارة مع الاتحاد الاوروبي بشكل مباشر او غير مباشر ويحتسب هذا الرقم بناء على القيم المضافة الى اجمالي الناتج الداخلي من خلال انتاج سلع وخدمات يتم تصديرها الى الاتحاد الاوروبي
يلتفت البرلمان الى ان هذا التقدير مرتبط بالتجارة مع الدول الاخرى لذلك ليس الامر نفسه عندما نقول ان اكثر من ثلاثة ملايين وظيفة مرتبطة بالعضوية في الاتحاد الاوربي
لندن العاصمة البريطانية التي يبلغ عدد سكانها 8.6 ملايين نسمة تعتبر بحسب كل الاستطلاعات مؤيدة لبقاء البلاد في اوروبا بنسب تقارب ال60% وبفضل حي الاعمال “ذي سيتي” الذي يؤيد بغالبيته الاتحاد الاوروبي، تملك بريطانيا احد اكبر المراكز المالية في العالم كما انها مدينة متنوعة ولد 37% من سكانها في الخارج
اوضح البروفيسير رون جونستون المتخصص في جغرافيا الانتخابات الاماكن الاكثر تأييدا للاتحاد الاوروبي في بريطانيا هي الاكثر تنوعا والتي سكانها معتادون على التبادل مع أوروبا وهم أفضل تعليما واكثر تقبلا للعولمة بشكل عام وما ينطبق على لندن ينطبق ايضا بشكل أقل على المدن الانجليزية الكبرى الاخرى وقال معهد يوغوف في دراسة ان : المدن الجامعية ذات السكان الشباب مثل ليفربول ومانشستر ويورك وبريستول تعتبر من الاكثر تاييدا لاوروبا
اظهر استطلاع اجراه معهد ايبوس موري مؤخرا ان 64% يؤيديون البقاء في مقابل 36% يفضلون الخروج واشار جونستون الى ان : اسكتلندا تقيم منذ زمن علاقات وثيقة مع اوروبا خصوصا فرنسا مضيفا ان :أدنبرة وليس لندن كانت في صلب قرن التنوير البريطاني وجامعات أدنبرة وسانت اندروز وغلاسكو اقدم من غالبية الجامعات البريطانية وبالتالي فهي اكثر تنوعا
ويستند الحزب الوطني الاسكتلندي اس ان بي الى هذا التيار المؤيد لاوروبا في المطالبة باستقلال البلاد حيث يعتبر جونستون أن تاييد أوروبا فرصة للبعض من اجل التخلص من الانجليز
ايرلندا الشمالية: أما ايرلندا الشمالية فمؤيدة ايضا بغالبيتها لاوروبا واكد تشارلز باتي استاذ الجغرافيا في جامعة شيفيلد أن وضع ويلز مثير للاهتمام فهو ليس اكثر تاييدا للخروج من انجلترا لكن بالتاكيد اكثر ميلا لهذا الخيار من اسكتلندا وايرلندا الشمالية و يشكل الريف الانجليزي او الحزام الاخضر بمساحاته الخضراء التي تطوق المدن الكبرى المعقل الاساسي لمؤيدي خروج البلاد
يعيش السكان في هذه المناطق الذين يشعرون بانهم اكثر عرضة للتهديد من الهجرة لانهم سيفقدون من اراضيهم بالاضافة الى ما سيترتب على قدومهم من اعباء على الخدمات العامة.
وحذر كريس غيرلينغ رئيس مجلس العموم الذي يعتبر من كبار مؤيدي الخروج من ان الهجرة باعداد كبيرة سترغمنا على البناء في قسم كبير من الحزام الاخضر لتلبية الطلب على المساكن
اشار باتي الى أن هناك تاييد اكبر للخروج في قلب انكلترا خصوصا المناطق الوسطى حول المدن الصناعية القديمة في الشمال والسواحل الجنوبية والشرقية للبلاد أما عن المنتجعات أو المدن الساحلية تعتبر مؤيدة لاوروبا وتشكل المكان المفضل الذي يشن فيه حزب يوكيب الشعبوي المشكك في اوروبا حملاته ويقع معقل النائب الوحيد للحزب دوغلاس كارسويل في كلاكتون على الساحل الشرقي