بدأت أمس أولى فاعليات ورشة عمل “الإعلام بين الهيمنة الاقتصادية ونبض الشارع وسيادة الدولة” التى يثنظمها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع شعبة المحررين الاقتصاديين ببرج العرب بالإسكندارية ، تحدث فيها كل من عمر مهنى رئيس مجلس إدارة المركز و الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز و عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية و محمد نجم رئيس شعبة المحرريين الاقتصاديين بنقابة الصحفيين .
في البداية أشار عمر مهنى رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، إلى عدة قضايا تتعلق بالاقتصاد والاستثمار منها عدم وضوح الهوية الاقتصادية في مصر مُتسائلاً عن دور وزارة قطاع الأعمال العام في الوقت الحالى ، و أوضح “مهنى” أن متوسط الأجر في القطاع الخاص ً يُقدرسنويا بـ21 ألف جنيه بينما وفى القطاع العام يصل إلى 56 ألف جنيه ، وأضاف : لازلنا لم نطبق برنامج للإصلاح الاقتصادى ، وبالتالى فلا يكمن تطبيق قوانين مثل ضريبة القيمة المضافة فى ظل بعض المفاهيم السائدة ، كما يجب التعامل مع مسألة الزيادة السكانية في مصر التى أرتفعت مرة أخرى ، من ناحية أخرى أكد على أهمية الأخذ فى الإعتبار الاقتصاد الغير الرسمى يجب الذى أن نفكر فيه جيداً ونحن نتعامل معه نظراً لأنه يسند مصراقتصادياً وقت الأزمات ، مشيراً إلى أن 92 % من الأصول المصرية غير مسجلة وعلى رأسها الأراضى الزارعية .
وأستطرد رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية قائلاً : نحن نحتاج لجذب استثمارات أجنبية مباشرة بحوالى 20% من حجم الاستثمار فى مصر أى حوالى 40 مليار سنوياً ، مطالباً بألا نهمل سلاسل القيمة بل العمل على الاستمار فيها ، ويرى عمر مهنى أن المرجوه تحقيقه على مستوى السياسات النقدية أسهل من الاستثمارات والتشريعات التى اتخذت فى مجال الكهرباء ، كما أشار إلى إلى أن قضية الهاوية فى التعليم تفصح عن نفسها بوضوح كما هو الحال فى الاقتصاد ، مطالباً بالعمل على إيقاف نزيف شركات القطاع العام الخاسرة ، مع إتباع سياسات نقدية سليمة ، والإسراع بخطوات كبيرة لخلق الحافز الحقيقى للإستثمار فى مصر .
وأشارت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية إلى العديد من المشاكل الاقتصادية التى تعيشها فى مصر فى الوقت الحالى مها ما يتعلق بعجز الموازنة ، سعر الصرف ، السياحة ، التضخم ، ومشاكل محورية عميقية فى قواعد البيانات الغير محدثة ، ضعف فى التعاون والتنسيق المؤسسى ،هذا فضلاً عن البيروقاطية وعدم الإستقرار الاقتصاد منذ 25 يناير ، هذا إلى جانب مشاكل ضعف البنية التحتية والزيادة السكان ، فى الوقت الذى يعانى فيه العالم من كساد اقتصادى هائل ، مؤكدة أن معالجة كل هذه الأسباب مرة واحدة أمرغير واقعى .
من جهة أخرى ترى د.”عبد اللطيف” أن هناك مشاريع اقتصادية عملاقة تشهدها حالياً مصر منها مشروع قناة السويس ، ومشاريع الطرق القومية وجهود بيع السلع الغذائية بأسعار أقل ، مُطالبة ببناء قواعد البيانات حديثة تشمل كل مناحى الحياة بدءاً البيانات الشخصية الخاصة بالرقم القومى وصولاً إلى الأراضى والعقارات والممتلكات ، موضحة أهمية العمل على رفع القدرات التخطيطية وإيجاد رؤية واضحة لإدارة الأصول الغير مستغلة خاصة فى القطاع العام ، والعمل على تحقيق مبادى الدستور المتعلقة بتفغيل اللامركزية ، والإهتمام باقتصاد “الخدمات الإنتاجية” كالصحة والتعليم والإتصالات والخدمات المصرفية ، مشيرة إلى أن وزارة قطاع الأعمال العام قد تكون من وجهة نظر الحكومة وسيلة للتعامل مع المشكلة ، بينما ينظرالقطاع الخاص للمشكلة بشكل مختلف ، مؤكدة على أهمية التعمل مع عدة مشاكل أخرى منها الإستيراد وتضارب القرارات بشأنه ، وغياب مفهوم إدارة الأزمات، التعامل بمفهوم خاطئ مع سياسات العدالة الإجتماعية التى ترتبط بتوافر الفرص لكل الطبقات فى ظل حراك إجتماعى ، مشيرة إلى أنه طبقاً لتعريف الأمم المتحدة فإن النقل والمواصلات هما من أهم فرص النمو لأى بلد .
وحول عنوان “الندوة الإعلام بين هينة الاقتصاد ونبض الجماهير وسيادة الدولة ” تساءل عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية: هل الاقتصاد مُهيمن على الحياة في مصر ، نعم ، لأنه يحتل مكانة كبيرة على قائمة الإحتياجات المجتمعية ، فماذا يعنى الاقتصاد ؟ هل تتحدث عنه النخبة فقط ؟ إن الاقتصاد الحقيقى لأبد من دفعه على مستوى احتياجات ومساهامات الريف والمدن والقرى وليس قصره على العاصمة فقط ، ولأبد أن ننزل بالاقتصاد للمناطق المختلفة التى تتشكل منها مصر ، والعمل على نتناول وتحليل القضايا الشائكة كالبطالة والتشغيل والزارعة .. وهذا يستلزم بناء صحفيين مُلمين بتفاصيل القضايا والموضوعات الاقتصادية ، وأضاف : لدينا بعض الصحف والملاحق التى تتناول تغطية الموضوعات الاقتصادية ، و لكن أين الحديث مثلاً عن الاقتصاد السياسي بمفهومه الواسع ، مؤكداً على أهمية متابعة الاقتصاد الإقليمى والعالمى بكافة مجرياته ، مشيراً إلى أن الصحف العربية والخليجية أصبحت أكثر تخصصاً وتعمقاً فى التحليلات الاقتصادية الإقليمية والعالمية .
ويرى عمرو موسى أن التحديات السياسية تتشابك مع التحديات الاقتصادية مثل البيروقراطية ، مشيراً إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة بالعمل على تسير المشروعات بعيداً عن البيروقراطية ،التى هى العدو الأول لمصر ، وأضاف : هناك توجه إيجابى جديد نتمنى أن ينصب على دفع عجلة الاستثمار فى مصر وحل المشاكل الاقتصادية ، منوهاً إلى المشروعات الكبرى التى تجرى على أرض الواقع مثل تنمية محور قناة السويس ومشروعات الطرق الكبرى ، وأضاف : من قبل لم يكن هناك مشروعات بحرية أو صناعية على المجرى الملاحى للقناة رغم أنه يمر بها نسبة لا يُستهان بها من التجارة العالمية ، والآن بدأ التحرك الفعلى لتأسيس مناطق للصناعات البحرية و الصناعية و الزراعية والسياحية ، وبالتالى فكانت القناة ينقصها مثل هذه الصناعات ، وتسائل: لماذا لم يكن لدينا مناطق مثل سنغافورة وغيرها ؟
من ناحية أخرى تحدث الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عن أهمية بناء قاعدة عريضة من الصناعات الصغيرة والمتوسطة في مصر وقال: إن الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية لا يقوم على “فورد” و “جينرال موتورز” وغيرها من الشركات العملاقة وإنما على قاعدة كبيرة من الصناعات الصغيرة والمتوسطة التى تقدم خدمات إنتاجية لا حدود لها ، منوهاً إلىأن الصناعات الصغيرة استطاعت الصمود فى مصر بعد 25 وفي الأوقات التى سادت بها الفوضى .
وأختتم عمرو موسى كلامه قائلاً : هناك نص في الدستور الأمريكى يعنى أن الحكومة ينصب إهتمامها في الأساس على إسعاد المواطنين ، السعودية باتت الآن تفكر في هذه المسألة ” والأن تضيق الخناق على جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى أصبحت لا تستطيع أن تتعامل مع المواطنين مثلما كانت تفعل من قبل ، إذا فنحن أمام مفاهيم جديدة للحكومات يجب أن ننتبه إليها .