مدخل دراسي للإنجيل
رابعا:سفر الرؤيا
أولا حول هذا السفر
قبل أن تقرأ…
يتسم هذا العصر الذي نحيا فيه بالعديد من الإنجازات التكنولوجية والرفاهية المادية التي ينعم بها الإنسان في كل يوم,إلا أنه إلي جانب هذه الإنجازات يتسم بظواهر القلق الروحي والعقائدي العميق بين البشر علي كل المستويات ولهذا يكشف علماء الأنثروبولوجي عن وجود احتياج نفسي ملح للانتماء إلي الاعتقاد الديني الواضح والمحدد,والذي يساعد الإنسان علي مجابهة هذا الخطر النفسي.
وكثيرا مايدعي ذوي المعتقدات الدينية الأخري بأن معتقداتهم قد تكون حلا لهذه الظواهر النفسية المغلقة, إلا أننا نستطيع أن نؤكد أن إيماننا المسيحي المستقيم هو الإيمان الوحيد والحقيقة المطلقة,والطريق الفريد الذي من خلاله يستطيع الإنسان أن يعرف الإله الحقيقي الرب يسوع المسيح ويرتاح فيه,وذلك علي حد تعبير كتابنا المقدس أنهليس بأحد غيره الخلاص (أع4:12).
ومسيحيتنا ببساطة تلخص عقيدتها في نقاط محددة:
1-إننا نؤمن بالله الواحد مثلث الأقانيمالآب,والابن,والروح القدس(1يو5:6, 7).
2-إن الرب يسوع المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد(1تي3:16).
3-إن الرب يسوع المسيح صار كفارة لخطايانا وخلصنا من الخطية واللعنة والموت.
4-إن الرب يسوع المسيح سوف يأتي ديانا لهذا العالم عند نهاية الأزمنة ليجازي كل واحد حسب عمله.
ومجئ الرب يسوع الثاني في نهاية العالم هو الحقيقة التي أكدها الكتاب المقدس بعهديه:تتحول الشمس إلي ظلمة والقمر إلي دم قبل أن يجئ يوم الرب العظيم المخوف(يؤ2:31) منتظرين وطالبين سرعة مجئ يوم الرب(2بط3:12) كما تكررها الكنيسة علي مسامعنا في قانون الإيمان وأيضا في تسبحة نصف الليل وصلوات الأجبية عبر ساعات اليوم.
وإذا كان سفر الرؤيا موضوع دراستنا هو السفر الذي يتناول موضوع نهاية الأيام واستعلان شخص الرب يسوع في مجيئة الثاني ليدين العالم وقبل تعرضنا للدراسة والتحليل فيه بالتفصيل نعرض علي عجل المجئ الثاني كحقيقية إيمانية مسيحية مؤكدة علي صفحات الكتاب المقدس.
ولأن موضوع مجئ الرب يسوع الثاني ليدين العالم هو أحد العقائد الأساسية في الإيمان الأرثوذكسي كان لهذا الموضوع أهمية خاصة من جهة موعده وعلاماته وطبيعته وحقيقة القيامة الثانية…إلخ.
يتناوله الكتاب المقدس بالتفصيل بل ويفرز له سفرا خاصا وهو سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي بل ويتكلم الرب يسوع ذاته مع تلاميذه عن هذه الحقيقة والعلامات السابقة لها في حديث طويل في(مت24) أما من جهة موعد هذا المجئ فهو أمر رأت الحكمة الإلهية أن يكون مخفيا عن كل بشر بحسب كلام ربنا يسوع المسيحوأما ذلك وتلك الساعة فلايعلم بهما أحد,ولا ملائكة السموات إلا أبي وحده(مت24:36) بنشاط دون تقاعس أو تكاسل.
أما من جهةالعلامات التي تسبق هذا المجئ فهي موضوع قد تناوله:
+الرب يسوع نفسه في حديثه مع تلاميذه عن علامات مجيئه وانقضاء الدهر (مت24).
+القديس بطرس الرسول في رسالته الثانية(2بط3).
+القديس يوحنا الرائي في رسالته الأولي(1يو4) كما أيضا في سفر الرؤيا.
+كما ذكر دانيال النبي بعض علامات نهاية الزمان في رؤياه المختلفة في سفره.
وتتلخص هذه العلامات في عدة أمور هي:
1-اضطهاد المؤمنين باسم الرب يسوع(لو21:12).
2-ظهور الأنبياء والمسحاء الكذبة(مر13:22) (مر13:6) (أع13:6-12).
3-الحروب والاضطهادات والثورات والقلاقل(مر13:7-8) (لو21:10).
4-ثورات الطبيعة ونتائجها (لو21:11) (مر13:8).
5- الارتداد الديني(مت24:10) (2تس 2:4).
6-وصول رسالة الإنجيل للعالم أجمع(مت24:14).
7-إعادة بناء هيكل سليمان(2تس 2:4).
8-إيمان اليهود(رو11:25-26).
9-مجئ ضد المسيح(1يو2:18).
10-علامات تظهر في الشمس والكواكب وعلي الأرض(لو21:25).
11-ظهور علامة ابن الإنسان في السماء (مت24:30).
وبهذا السرد لعلامات المجئ الثاني للرب يسوع يتبقي لنا أن نتعرف علي طبيعة هذا المجئ وحقيقة القيامة الثانية الأمر الذي سنعرض به بالتفصيل من خلال دراستنا المستفيضة لسفر الرؤيا :السفر الذي يعرض لأحداث الأيام الأخيرة, ورحلة غربة الكنيسة علي الأرض حتي تلاقي عريسها المذبوح لأجل خلاصها.
لنقترب إلي السفر:
تحدد العبارة الافتتاحية من سفر الرؤيا موضوعين رئيسيين يدور حولهما هذا السفر المقدس:
أولا:رؤيا لشخص الرب يسوع المسيح المبارك.
ثانيا:رؤيا لتعاليم الله للكنيسة المقدسة.
وكلما تقدم بنا السفر يتبلور هذان الموضوعان أكثر فأكثر.
أولا:رؤيا لشخص الرب يسوع المسيح المبارك:
لقد استطاع يوحنا الرسول أن يعلن هذه الحقائق:
1-هو:الحق والفادي والملك المنتصر.
فسفر الرؤيا هو اكتمال لموضوع الكتاب المقدس المتمركز حول شخص المسيح المخلص.
2-صفات لشخصه المبارك:منها علي سبيل المثال لا الحصر…
-كلمة الله (1:2).
-الممسك السبعة الكواكب في يمينه,الماشي وسط السبع المناير الذهبية(2:1).
فالسيد المسيح هو راعي الكنيسة والساهر علي حمايتها من كافة أعدائها.
-ما يقوله الروح للكنائس(3:12) فرسائل السيد المسيح إلي الكنائس السبعة في أسيا الصغري تدل علي أنه العارف كل شئ عن أعمالها المحذر لهم من الأخطار الممتدح أيضا كل الفضائل.
-هوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا,أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة(5:5).
إنه هو الأسد الذي من سبط يهوذا والخروف المذبوح والديان