بأحدث تقنيات الطب أنقذنا ساقها من البتر
بدخول علاج الدوالي بالليزر إلي مستشفي مارمرقس حققنا أمنية الأم عايدة قليني
العملية استغرقت ربع ساعة فقط وعادت بعدها الأم لتواصل رعاية أسرتها
ما أصعب أن تتجمع المآسي في بيت واحد فيسود الظلام كل الأركان ويختفي شعاع النور من المكان ومن الحياة.. حياة الزوج والزوجة والأولاد.. وغالبا وسط هذا الظلام تسقط الأم شهيدة قسوة القدر.. ولكن دعوني أصحبكم اليوم في رحلة إلي أسرة تمجد عمل الرب معها فتحولت المآسي إلي فرح والظلام إلي نور.. وانتصرت الأم بقوة إيمانها وحبها ووفائها لزوجها وأولادها وسطرت من خيوط ألمها التي تحملتها في صمت.
سطرت أعظم قصة انتصار علي قسوة القدر.. بداية القصة من خمسة وعشرين عاما.. في عش صغير بالمرج كان ميلاد أسرة جديدة جمعت الابن المبارك صفوت وابنة عمه وابنة خالته أيضا عايدة وفي ملء الحب الإلهي مضت بهما الحياة هادئة ورزقهما الله بابنيهما البكر مينا فسعيا إلي مكان أوسع إلي أن اهتديا إلي شقة أرحب في منطقة مسطرد, ومع أنها كانت في الدور السابع إلا أنهما فرحا بهما وهما لا يعلمان بما يخبئه لهما القدر, فقد رزقا فيما بعد بابنتين – مارينا ومريم – جمع بينهما عيب خلقي واحد – اعوجاج في العمود الفقري – وكشف القدر عن أنيابه الغادرة وتحملت الأم قسوة الصعود والهبوط سبعة أدوار بابنتيهما إذ كانت تصعب حركتهما في البداية.. الأكثر أن الأم بدأت تعاني من فشل وريدي في ساقيها واحدة وراء الأخري.. وأجرت باليمني جراحة منذ عشر سنوات.. وهذا الأسبوع أصطحبناها في رحلة جديدة لننقذ ساقها اليسري بأحدث تقنيات الطب.. تفاصيل رحلاتنا تحملها السطور القادمة.. فتعالوا معنا.
** لم يكن غريبا ولا جديدا أن يأتي إلينا مريض أو مريضة ممن يعانون من دوالي الساقين ذلك المرض الذي يبدو بسيطا عندما تظهر في الساق شعيرات رقيقة تأخذ اللون الأزرق الداكن فتبدو لمن لا يعرف تبعاتها أنها مجرد تشوهات في شكل الساق, ولكن يشاء حظهم أن تظهر عليهم هذه العلامات يدركون الحقيقة المأساوية فهي ليست مجرد تغير في لون الشعيرات الممتدة تحت جلد الساقين لكنه في حقيقة الأمر فشل وريدي عندما يفقد الصمام وظيفته في سحب الدم من أسفل القدم في اتجاه القلب, فيرد إلي أسفل, ويحدث ركود للدم داخل الوريد وتتحول إلي جلطات تسبب ألما مبرحا لا يستطيع أن يتحملها المصاب, ولا يستطيع أيضا معها الوقوف علي قدميه ولو للحظات, والأكثر خطورة أنه مع زيادة الجلطات وتضخمها قد لا يكون أمام الطب حفاظا علي حياة المصاب إلا بتر قدمه.. حالات عديدة من مرضي الأوعية الدموية ودوالي الساقين اصطحبناهم معنا في رحلاتنا علي طريق الشفاء.. بعضهم استطعنا أن نجنبهم ويلات كل هذه المتاعب بالعلاج الدوائي وهم كل أصدقائنا مرضي السكر الذين سبق أن حدثتكم عنهم وأذكر منهم ممن مازالوا معنا في العلاجات المستمرة الصديق جمال عبدالسيد والصديقات تريزا واصف وإلين عطية وعفاف فؤاد والأصدقاء سمير عزيز ومنير صدقي وخلف عطا.. وبعضهم جاءنا متأخرا واضطر الأطباء إلي بتر إحدي أصابع القدم وآخرهم الصديق ماهر جرجس, والبعض جاءنا بعد أن تفاقمت إصابته واضطر الأطباء إلي بتر القدم وآخرهم صديقتنا – أم البشاشة – نعيمة عبدالله.. وفضلا عن هذه الحالات فإن كثيرا ممن اصطحبناهم إلي أساتذة الأوعية الدموية وأجريت لهم جراحات نجحت جراحاتهم وأعدنا لهم الراحة والطمأنينة.. لهذا كان من الغريب علينا أن تطلب صديقتنا الجديدة عايدة صديق قليني مساعدتها في علاجها بالليزر, وهي – كما قالت – من العمليات المكلفة جدا وتصل إلي ضعف تكلفة العلاج بالجراحة.
***
** أخذت أبحث عن العلاج الجديد للفشل الوريدي.. صدمتني الحقيقة.. هذا العلاج ظهر منذ نحو 6 سنوات وتأخذ به الآن كل دول العالم ومن بينها مصر الذي عرفته مؤخرا.. تحدثت مع صديقي الجراح النابغة الدكتور طلعت حلمي, مدير مستشفي مارمرقس بشبرا, وفاجأني أنه من فريق الأطباء بالمستشفي الآن الدكتور رامز منير, مدرس جراحة الأوعية الدموية بطب عين شمس.. طلبت تحديد موعد معه, وقد كان.. الطبيب الشاب أذهلي بغزازة علمه وهو يحدثني عن جهاز السونار Duplex Ultra Sound الذي يستخدم الآن في علاج دوالي الساقين, مضيفا أن تقنية الليزر تعد نقلة تكنولوجيا كبيرة في عالم الطب, والطريقة الأولي لعلاج داء الدولي بعدما ثبت أن نسبة إغلاق الوريد – الوريد المصاب بالدوالي – بواسطة الليزر تتراوح من 95% إلي 100% وأن هذا الإغلاق دائم بنسبة تصل إلي 97%, والأهم أنها أصبحت تجنب مرضي دوالي عدة جروح لاستئصال الوصلات الوريدية وما قد ينتج عنه من التهابات وإصابات للأوعية الليمفاوية, بالإضافة إلي احتمال عودة المرض مرة ثانية بنسبة قد تصل إلي 25%..
وعن هذا الجديد Endovenous Laser قال لي الدكتور رامز إنه أقل ضررا من التدخل الجراحي, ونسبة عودة الدوالي مرة أخري أقل بكثير من العلاج بالجراحة بل تكاد تكون منعدمة, فضلا عن ضمان عدم إصابة الأوعية الليمفاوية, واستخدام التخدير الموضعي عوضا عن التخدير العام المستخدم في الجراحة, ويشعر المريض المعالج بالليزر بألم أقل من العملية, ولا يحتاج إلي الإقامة بالمستشفي ويمكن أن يعود إلي حياته الطبيعية وأسرته في نفس اليوم.. وبعدما استمعت إلي هذا وبتفاصيل أكثر من الدكتور رامز أدركت أن يد الرب – كما تعودنا – تمتد إلي أيدينا وتمهد لنا الطريق لنحقق أمنية صديقتنا عايدة في علاجها بالليزر.. وتحدد يوم الجمعة قبل الماضي موعدا لإجراء العملية بمستشفي مارمرقس بشبرا.
***
** في الموعد كان كل شيء يجري علي قدم وساق داخل حجرة العمليات بمستشفي مارمرقس.. الدكتور رامز جاء وبرفقته الدكتور فادي ثروت, أخصائي الأشعة التشخيصية والموجات فوق الصوتية, ممثلا للشركة المالكة للجهاز Endovenous Laser Ablation.
وفيما كانت مريضتنا ترقد علي تربيزة العمليات وفريق التمريض يقوم بتعقيم ساقها في النقاط التي حددها الدكتور رامز للدخول بالقسطرة حسبما أوضحتها صور الموجات الصوتية والدبلر الملون والتي كشفت عن الوريد المصاب.. فيما كان هذا يتم في هدوء كان الدكتور فادي يعد جهاز الدوبلكس لتبدأ خطوات العملية التي لم تستغرق إلا ما يقرب من ربع ساعة قام خلالها الدكتور رامز – وهو يتابع كل خطوة علي شاشة جهاز السونار – بإدخال مدخل القسطرة داخل الوريد الصافي, وكما أوضح لنا أثناء العملية أن في نهاية هذه القسطرة جهاز دقيق يبعث الليزر – موجات تردد حراري – تقوم بكي الوريد المصاب وإغلاقه تماما, ومن خلالها تم حقن ما حوله بالمادة العازلة Tumescent Solition لتقوم بوظيفتها في كي الوريد.
***
** دقائق وعادت الأم عايدة إلي أسرتها لترعي ابنتيها الأشد احتياجا إلي رعايتها.. وما يشغلنا الآن هو الابنة مارينا التي تحتاج إلي تدخل جراحي للمرة الثانية لإصلاح الاعوجاج الخلقي في العمود الفقري.. أمنية أخري نتمني بمساهماتكم وصلواتكم أن نحققها.