* عمال مصنع خزف جراجوس: نحن نحاول جاهدين أن يظل المصنع مفتوحاً، وذلك لعدم دفن تاريخ هذا المكان الذي أستقبل ملوك وسفراء من جميع الدول
* أحد شركاء المصنع : لا نجد رواتب للعمال وندفع لهم من أرصدتنا الخاصة
يعد”مصنع خزف جراجوس” من أهم الأماكن التي كان يحرص علي زيارته السائحون أثناء رحلتهم للمعالم السياحية بالأقصر، وذلك لأنه يتميز بمنتجاته اليدوية الرائعة، التي كان يحرص السائحون علي إقتناء الهدايا التذكارية منه، قبل رحيلهم من مصر، أما الأن فقد أصبح المصنع مهدد بالإغلاق بعد تأثره بحالة الركود السياحي التي أصابت مصر في الأونة الأخيرة.
إنتقلت “وطني” إلي أقصي الصعيدً، وتحديداً في قرية ” جراجوس ” التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا، الكائن بها هذا المصنع، وذلك لترصد معاناة العاملين بالمصنع الذين يواجهون مصاعب كثيرة لإستمرار بقاء المصنع مفتوحاً، وهناك إلتقت “وطني” بالفنان “حبشي كامل” أحد شركاء المصنع وكبير فنانيه، حيث بدأ حديثه قائلاً : إن المصنع يعاني من قلة التسويق، كنتيجة مباشرة للركود السياحي التي تعاني منه مصر، فبعد أن كان المصنع يستقبل يومياً أفواجاً عديدة من السائحين؛ أصبح الأن لا يخطو أرضه سوي العاملين به فقط، ويعتمد المصنع علي عرض منتجاته في معرضين ثابتين سنوياً الأول في شهر ديسمبر بمدرسة العائلة المقدسة بالفجالة “15 ش رمسيس” القاهرة؛ والثاني في شهر مايو بكلية سان مارك بالشاطبي بالأسكندرية، وأصبح إنتاج المصنع في الآونة الأخيرة موجه للمستهلك المحلي فقط لكنه يواجه منافسة شرسة من المنتجات المقلدة والمشابهة التي يقل سعرها عن سعر منتجات المصنع؛ ويرجع ذلك إلي أن المنتج يتم تصنيعه يدوياً وله طابع فني بحت، كما أنه يحتاج إلي وقت وجهد لتصنيعه، وذلك يرفع من سعر المنتج بالنسبة للأهالي بالمنطقة المحيطة .
وأسترسل “حبيشي” حديثه قائلاً: إننا لا نجد مرتبات للعمال، وذلك لعدم وجود مبيعات لمنتجات المصنع، وندفع لهم رواتبهم من أرصدتنا الخاصة تارة؛ وتارة أخري من السحب بالأجل لحين عمل المعارض الدائمة؛ والتي أصبحت لا تغطي التكاليف .
وقال الفنان فواز سيدهم ” أحد الشركاء الحرفيين بالمصنع ” نحن نحاول جاهدين أن يظل المصنع مفتوحاً، وذلك لعدم دفن تاريخ هذا المكان الذي أستقبل ملوك وسفراء من جميع الدول وكبار المسئولين بالدولة ومسئولي الأحزاب والعديد من الشخصيات العامة منذ إنشاءه، ونحن نناشد المسئولين بالدولة أن يجدوا لنا حلولاً لتسويق منتجات المصنع الذي يحظى بقبول عالمي سواء في فرنسا والدول الأوروبية عموماً. فقد أشتهر المصنع بكلمة “جراجوس” وهي علامة منتج عالمي وأسم له تاريخ؛ يسعي الأجانب لإقتناء منتجاته كتذكار ودليل من مصر منبع الحضارة الفرعونية، فالمصنع يقوم بوضع توقيع أسفل كل منتج بإسم قرية “جراجوس”، حيث تكتب باللغة العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية سواء بالحفر بعد الدهان أو بالكتابة البارزة علي السطح الفخاري المحروق .
وأكمل فواز قائلا : نحن لا نصدر منتجاتنا إلي الخارج، لكن يتم ذلك عن طريق البازارات السياحية المصرية التي كانت تطلب منا منتجات المصنع لترسلها إلي عملائهم وأصدقائهم بالخارج كهدية مصرية لها طابع خاص.
أما عن ” تاريخ إنشاء المصنع “
ذكر الفنان “حبيشي” : أنه يرجع تاريخ بناء هذا المصنع عندما زار الأب هنري أمين عريوطقرية جراجوس والتي أقام فيها موفداً من الجزويت، وأنشأ بها مدرسة إبتدائية، وفي عام 1945 جاء راهبان من الجزويت وتعلما اللغة العربية وأحبوا قرية جراجوس وأهلها؛ لذلك أقاموا بها، وسعي الفرنسيون لتنمية القرية من خلال أباء الجزويت الوافدين للكنيسة الكاثوليكية .
وأكمل “حبيشي” قائلاً: تعود فكرة بناء المصنع إلي مسيو لوفيريه؛ وهو أحد أفراد البعثة الأثرية، وتحمس الأب منجلوفيه لفكرة بناء المصنع، الذي إستعان بالمهندس حسن فتحي لبناءه، وبعد بناء المصنع بدأ الفرنسيين والسيوسريين بتعليم شباب وأبناء القرية صناعة الخزف بكافة جوانبها الحرفية والكيميائية والتشكيلية، كان ذلك منذ بداية عام 1955 م ، وأكتسبوا هؤلاء الشباب مهارة عالية مكنتهم من إقامة أول معرض لهم بالقاهرة في تلك الفترة، وعلي الرغم من خروج المعلمين الأجانب بعد العدوان الثلاثي علي مصر؛ فإن المجموعة التي تدربت علي أيديهم إستطاعت أن تقوم بإدارة المصنع بنجاح ،وظل المصنع يتبع الكنيسة المباشرة، والتي قامت بتسليم إدارة المصنع للمتدربين الخمسة الأوائل في عام 1966 م ؛ وذلك بشروط خاصة وضعتها الكنيسة أنذاك وتم تسليم المصنع لكل من : ” المرحوم يوسف فهمي إبراهيم، المرحوم ثابت لبيب يوسف، المرحوم نصير رنان بخيت ، حبيشي كامل حبيشي، فواز سيدهم سيفين .
مراحل صنع الأشكال الخزفية
” مرحلة التصفية “
ذكر “عبد المسيح فهمي “أحد الحرفيين بالمصنع: تأتي الطفلة من منطقة أبو الريش بمحافظة أسوان في هيئة أحجار، ويتم تحضير الطين بإستخدام خلاط خاص به ، حيث يوضع جحر الطين في البرميل ويدار الموتور ويتم غمره بالمياه لتمر المياه محملة بالطين السائل في قنوات ذات ثلاثة مراحل بها غرابيل للتصفية؛ لتستقر في حوض، ويترك يوم كاملاً لتتم عملية ترسيب الطين، ثم يتم تصفية المياه منه، وبعدها يتم تخزينه في غرفة خاصة؛ لمدة شهرين ويتم تغطيته بالخيش ويتم رشه بالمياه يومياً .
“مرحلة تفريغ الطينة من الهواء”
وأوضح “مهدي ذكير” أحد الحرفيين بالمصنع : تأتي المرحلة الثانية لإعداد الطين وهي مرحلة تفريغ الطين من الهواء بماكينة خاصة، حتي يصبح العجين متماسك لضمان عدم الكسر أثناء وبعد التشكيل.
“مرحلة التشكيل”
ويقول “محسن نصير رنان” أحد أبناء شركاء المصنع: تتمثل المرحلة الثالثة في تشكيل الطين علي حسب الشكل المراد عمله وذلك من خلال وضع الطين في قوالب بأشكال مختلفة أو التشكيل اليدوي عن طريق النحت اليدوي أو علي العجلة الدوارة التي تستخدم في تصنيع الأشكال والأواني المستديرة “وهي عبارة عن قرص خشبي متصل بطارة كبيرة في الأسفل تعمل بالسيور، حيث يقوم الحرفي بتحريكها بالقدم، وتوجد بالمصنع ثلاثة عجلات منها.
وأضاف “متي سيدهم سيفين”: أنه يأتي تشكيل الخزف بأشكال مستوحاه من البيئة المحيطة علي حسب الطلب، وإحتياجات السوق ورغبة العميل مثل الأشكال ” الفرعونية، الدينية، والأواني المنزلية، التحف التي تستخم في الديكور، تماثيل الفنون الشعبية التي تشتهر بها القرية” .
” مرحلة التجفيف “
قال الفنان “جرجس يوسف” : في مرحلة التجفيف، أنه يتم وضع الأشكال الخزفية في غرفة التهوية الطبيعية وهي غرفة مجهزة للتجفيف؛ لأن بقاء أي نسبة من الماء يؤدي إلي تلف المنتج في مرحلة الحرق.
” مرحلة الحرق الأولي “
ذكر الفنان “فواز سيدهم” أنه في هذه المرحلة يتم وضع المنتج في الفرن بعناية فائقة لحرقه علي حرارة تصل إلي 1000درجة مئوية، ثم يتم إستخراج الأشكال من الفرن لتنظيفها وسنفرتها .
” مرحلة التلوين “
أكمل ” فواز ” قائلاً: في هذه المرحلة يتم إضافة اللون النهائي علي الأشكال بإستخدام ألوان مميزة وهي اللون الأزرق وهو من مادة الكوبلت واللون الأخضر الفرعوني من مادة أكسيد النحاس، اللون الأصفر من مادة أكسيد الأنتيمون .
” مرحلة الحرق النهائي “
وأشار فواز أنه بعد مرحلة التلوين يتم وضع الأشكال الملونة مرة أخري في الفرن علي 1000 درجة مئوية، وذلك لتثبيت اللون ، ثم نقوم بإخراج المنتج من الفرن؛ ليكون جاهزاً للعرض في أبهي صورة له.