أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الخميس الموافق 5/4/2016 ، تقرير بعنوان (عودة تكميم الأفواه)حول مظاهرات الخامس والعشرين من ابريل 2016، والذي يتناول تحليل مظاهرات الخامس والعشرين من ابريل لعام 2016 والتي تمت في مناطق متفرقة من البلاد على خلفية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المبرمة بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والتى تم بموجبها التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة.
وتناول التقرير تطور الأحداث حيث قامت وزارة الداخلية بالقبض على العديد من الشباب والنشطاء على خلفية هذه التظاهرات ومنهم صحفيين ، كما وجهت اتهامات لبعض الصحفيين وأصدرت لهم أوامر ضبط وإحضار وهو الأمر الذي دفع صحفيين إلى الاحتماء بنقابتهم من أجل حمايتهم، ولكن ردت الداخلية على هذا الأمر باقتحام نقابة الصحفيين في واقعة هي الأولي من نوعها في تاريخ النقابة وفي تحدي للائحة النقابة الداخلية وألقت القبض عليهم وتم إحالتهم للنيابة العامة ، وهو الأمر الذي أدي إلى تصعيد النقابة وطالبت باقالة وزير الداخلية واعتذار رسمي من الحكومة.
وقد تناول التقرير متابعة تطورات الأحداث بدءاً من المطالب بالتظاهر يوم 25 ابريل 2016 احتجاجا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية انتهاء بأزمة نقابة الصحفيين، تلك الأزمة التي تمثل نقطة فارقة في علاقة الدولة مع الصحافة وحرية الرأي والتعبير، حيث انقسم التقرير إلى مجموعة من المحاور وذلك على النحو التالي:
أولاً: خلفية عن تطور الأحداث
تناول القوي السياسية والمجتمعية التي دعت إلى التظاهر يوم الخامس والعشرين من أبريل والموافق لعيد تحرير سيناء تحت مسمى مصر مش للبيع والتي شهدت تعامل من قبل الأمن مع المتظاهرين
ثانياً: تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين
تناول التعامل الأمني مع المتظاهرين، حيث قامت وزارة الداخلية بإحكام قبضتها الأمنية على منطقة وسط البلد ومنعت أى تجمعات كما أغلقت الشوارع المؤدية إلى نقابة الصحفيين وميدان التحرير ولم تسمح بمرور أحد سوى المؤيدين لقرار التنازل عن الجزر
وقد رصد التقرير أنه من خلال تحليل الاحصائيات التي رصدتها المنظمة، نجد أن تم القبض على 229 مواطنا بسبب التظاهر يوم 25 ابريل، وقد تركزت حالات القبض على المواطنين في ثلاثة مناطق رئيسية بوسط القاهرة ، هي الدقي والعجوزة وقصر النيل، وقد جاءت دائرة قصر النيل بعدد الحالات التي تم القبض عليها بواقع 117 حالة ، في حين جاء في المرتبة الثانية قسم الدقي حيث رصدت المنطمة 87 حالة قبض على مواطنين بسبب التظاهر ، وجاء في المرتبة ال أخيرة قسم العجوزة الذي تم القبض في دائرته على 25 مواطنا
ثالثاً: نتائج الأزمة واقتحام نقابة الصحفيين
تناول هذا المحور أن التظاهرات تبعه توجيه الأمن تهم لبعض الصحفيين وهم عمرو بدر رئيس تحرير بوابة يناير ومحمود السقا الصحفي بالموقع بتحريك الرأي العام وتحريض المواطنين على التظاهر، وعليه أصدرت النيابة العامة أمر ضبط وإحضار لهم. وهو الأمر الذي أعقبه قيام قوات الأمن باقتحام نقابة الصحفيين في واقعة لما تشهدها النقابة منذ نشأتها على الإطلاق.
وعليه اعترضت النقابة على اقتحامها من قبل أجهزة الداخلية لكون الوزارة قامت بالقبض على الصحفيين دون انتظار المخاطبات التي كانت تتم بين الوزارة والنقابة ومجلسها لمدة ثلاثة أيام بسرعة حل أزمة الصحفيين.
رابعا: الخاتمة والتوصيات
أنه بداية من الدعوة للتظاهرات السلمية انتهاء بأزمة نقابة الصحفيين فإننا أمام أزمة حقيقة، ذات بعدين الأول هو الحق في التظاهر السلمي ذلك الحق المكفول بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والثاني هو أزمة حرية الرأي والتعبير التي تنتهك من خلال العقوبات السالبة للحرية في حق الصحفيين بسبب آرائهم واتجاهاتهم الفكرية
وعليه فإن من غير المعقول أن تستمر الدولة في سياساتها الرامية إلى عصف الحق في التظاهر السلمي والحق في حرية الرأي والتعبير، وهو أمر يمثل انتهاكاً جسيما لحقوق وحريات المواطنين بشكل كبير، ويجب على الدولة مراجعة التشريعات المنظمة لهذه الحقوق لبس هذا فحسب بل لابد أيضا من مراجعة السياسات المجتمعية التي تضمن احترام هذه الحقوق.
وفي النهاية تعرب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن بالغ قلقها وأسفها إزاء ما حدث في التعامل مع المتظاهرين وأزمة نقابة الصحفيين، وعليه تطالب المنظمة من الحكومة المصرية تبني استراتيجية سريعة للتعامل مع الموقف من خلال جملة من التوصيات وذلك على النحو التالي :
1. سن قانون جديد للتظاهر يؤكد على حق المواطنين في التظاهر، لكنه في الوقت ذاته يوفر الحماية للمواطنين من قوات الأمن وآليات إنهاء المظاهرات وفضها.
2. ضرورة تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان في فض المظاهرات السلمية ومن بينها المبادئ الأساسيةحول استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بانفاذ القوانين والتي تنص علي:
– ضرورة أن يتجنبوا استخدام القوة وأن كان غير ممكن عمليا أن يقصروا على الحد الأدنىالضروري (المبدأ الثالث عشر )
– عدم جواز استخدام الأسلحة النارية إلا إذا تعذر استخدام وسائل أقل خطر وأن يقصرالاستخدام على الحد الأدنى الضروري ( المبدأ الرابع عشر )
– يقتصر استخدام السلاح على حالات الدفاع عن النفس أو لدفع خطر محدق يهدد الآخرين بالموت أو بإصابة خطيرة أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تنطوي على تهديد خطير للأرواح أوللقبض
على شخص يمثل خطر وذلك عندما تكون الوسائل الأقل تطرفا كافية لتحقيق هذه الأهدافولا يجوز في جميع الأحوال استخدام الأسلحة النارية عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من اجلحماية الأرواح ( المبدأ التاسع )
3. تدخل الحكومة لحل أزمة نقابة الصحفيين والعمل على ضمان كفالة واحترام حرية الرأي والتعبير وتعديل التشريعات المنظمة للعمل الصحفي بما يكفل الغاء العقوبات السالبة للحرية.