أكدت لجنة السياسة المالية التابعة لبنك انجلترا أن أكبر التهديدات المحلية للاستقرار المالي يرتبط بالإستفتاء على عضوية انجلترا في الاتحاد الأوروبي،مشيرة إلى وجود مخاطر لفترة من “عدم اليقين المتصاعد ولفترة طويلة”،ولم تحدد اللجنة بالضبط – بحسب الـ BBC – أن ما تقصده بهذه الفترة هي تلك التي ستعقب التصويت لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي، لكن هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا الذي تشير إليه.
ومن المقرر أن يصوت البريطانيون يوم 23 يونيو على ما إذا كان يتعين على بريطانيا ترك الإتحاد الذي يضم 28 دولة. وإذا قرروا تركه تنص قواعد الإتحاد الأوروبي على أن أمام بريطانيا عامين لوضع شروط علاقاتها الجديدة مع الإتحاد فيما يتعلق بقضايا مثل التجارة ووضع المقيمين الأجانب ، وبحلول منتصف عام 2018 إذا لم تكن بريطانيا قد اتفقت على ذلك فستنتهي عضويتها ببساطة ما لم توافق جميع الدول الأعضاء الأخرى على مدها.
من ناحية أخرى شكك عضو البرلمان عن الحزب المحافظ جون ردوود، الذي يؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأضاف “ردوود ” : إن المستثمرون الدوليون يشعرون بإرتياح كبير إزاء إمكانية خروج بريطانيا (من الإتحاد الأوروبي)، وفي الفترة التي تعزز فيه التصويت لصالح الخروج، وقد أصبحنا أكثر قربا من الاقتراع، فقد تراجعت معدلات الفائدة قليلاً، كما شاهدنا الألمان يسعون لشراء بورصتنا المالية” ، بينما أكد أعضاء اللجنة أن نتائج حالة عدم اليقين الحالية قد تؤثر على تكلفة وتوافر التمويل لمجموعة كبيرة من المقترضين في بريطانيا . لكن وزير شؤون الأعمال “ساجد جاويد”، الذي يؤيد حملة البقاء داخل الإتحاد، قال إن الشركات البريطانية ستجدنا “أقوى وأكثر أمنا وأفضل حالا داخل اتحاد أوربي معدل” ، وأضاف: “أن استطلاعات الرأي المتعاقبة تظهر أن الشركات الصغيرة، وهي العمود الفقري لاقتصادنا، ترغب في البقاء داخل الاتحاد، بدلا من القفز في الظلام”.
من ناحية أخرى قال بنك انجلترا إن قرار الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي “قد يمتد أثره إلى منطقة اليورو (بأكملها)”، ليؤثر على الأسواق المالية والنمو الاقتصادي بها ، موضحاً أن عجز الحساب الجاري، الذي يقيس الأداء التجاري لبريطانيا، لا يزال عاليا ويحتاج إلى تمويل من الاستثمار الأجنبي ، منوها أن توقعات الإستقرار المالي تراجعت بشكل كبير منذ نوفمبر الماضي . وأشار البنك إلى أن هذا أيضا قد يؤدي إلى خفض قيمة الأسترليني، لكن ذلك سيكون له فوائد متمثلة في تعزيز تنافسية الصناعة البريطانية وزيادة تكلفة الواردات، وهذه الخطوة يمكن القول إنها ستكون محل ترحيب في الفترة التي يتراجع فيها التضخم لمستويات أقل من تلك التي يستهدفها البنك. بينما قال السير “مايكل ريك”، رئيس رشكة بريتيش تليكومBT والمؤيد لحملة البقاء داخل الإتحاد، إن غالبية الشركات تؤيد البقاء ضمن الإتحاد الأوربي ، و أن حملة التصويت بالخروج “ليست واضحة”، بشأن التساؤلات حول كيف سيكون أداء بريطانيا إذا خرجت من الاتحاد.
وقال تقرير أجراه اتحاد الصناعات البريطاني إن “بريطانيا ستواجه صدمة اقتصادية خطيرة في حال خروجها من الإتحاد الأوروبي” ، منوهاً إلى إلى أن ” قرار خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي سيكون باهظاً بالفعل وسيكلف البلاد 100 مليار جنيه استرليني ونحو مليون وظيفة”.من جهة أخرى قال مسؤول بريطاني سابق لـ”رويتر” إن بلاده ستواجه مشكلات في التفاوض على الخروج من الإتحاد الأوروبي على مدى مهلة مدتها عامان إذا ما صوت الناخبون لصالح ترك الاتحاد في استفتاء في يونيو حزيران.
من ناحية أخرى نشرت الحملة المؤيدة لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي، قائمة تضم 250 اسماً من رواد قطاع الأعمال البريطانيين الذين يؤيدون خروج بلادهم من عضوية الإتحاد ،
حيث تضم القائمة مايكل غيوغان الرئيس التنفيذي السابق لبنك HSBC ، ومؤسس شركة Phones 4u جون كود ويل، والسير روكو فورتيه صاحب سلسلة فنادق ، ولكن حملة “بريطانيا أقوى داخل الإتحاد الأوربي” قالت إن حملة التصويت بالخروج لم تجد شركة تدعمها رسميا، حيث إن هؤلاء الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة يدعمونها “بصفتهم الشخصية”.
ويجري الإستفتاء على بقاء بريطانيا داخل الإتحاد الأوربي في الثالث والعشرين من يونيو المقبل ، وكان رؤساء 36 من أكبر الشركات المسجلة في بريطانيا قد وقعوا خطاباً الشهر الماضي، دعوا فيه الناخبين إلى التصويت لصالح بقاء بريطانيا داخل الإتحاد.
لكن ماثيو إليوت الرئيس التنفيذي لحملة التصويت بالخروج قال إن الحملة لديها “قائمة متنامية من المؤيدين في قطاع المال والأعمال”.
ويقول أعضاء الحملة الداعية لخروج بريطانيا من الإتحاد إن دول الاتحاد ستكون حريصة على الإسراع بإبرام اتفاق جديد من أجل الإبقاء على صادراتها لبريطانيا. ويجادلون كذلك فيما إذا كان يتعين على بريطانيا أن تخضع للقرار بعد عامين بشأن التفاوض على الخروج.
كما أعلنت حملة التصويت إن مجلسها للأعمال سيترأسه جون لونغورث، الذي استقال من رئاسة اتحاد الغرف التجارية في بريطانيا في وقت سابق من الشهر الجاري ، وجاءت استقالة لونغورث بعد تصريح قال فيه إن مستقبل بريطانيا على المدى الطويل قد يكون “أفضل” خارج الاتحاد الأوربي ، حيث سيركز مجلس أعمال حملة التصويت بالخروج على أن عضوية بريطانيا في الاتحاد تعوق قطاع الأعمال في بريطانيا.
وقال لونغورث: “إذا صوتنا بالخروج فإننا سنتحرر من قيود عضوية الإتحاد، وستصبح الوظائف أكثر أمناً، وستكون بريطانيا قادرة على إنفاق أموالنا وفق أولوياتنا، وسيمكننا التطلع إلى نمو أسرع ومزيد من الإزدهار في المستقبل” ، مضيفاً أن حملة التصويت بالخروج سوف تركز على القضية التالية، وهي أنه بينما يعتبر وجودنا داخل الاتحاد جيدا بالنسبة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، لكن بالنسبة للشركات الأصغر، فهو بمثابة آلة تنظيمية لتدمير الوظائف”. وأسطترد : “وجودنا داخل الاتحاد يعوق الشركات الصغيرة، بينما ستزدهر الوظائف حينما نسترجع زمام القيادة، ونصوت بالخروج من الاتحاد”.
وقال ماثيو إليوت المدير التنفيذى لمجلس الأعمال من أجل بريطانيا اسم “صوت للخروج”- وهى جماعة ضغط متشككة تجاه الإتحاد الأوروبى، إن الاقتصاد سيواصل نموه بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وبالتالي قطاع التوظيف. ورأت المديرة العامة لاتحاد الصناعات البريطاني، كارولين فيربيرن، أن ” خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيشكل ضربة قوية على مستوى الحياة والوظائف والنمو الاقتصادي في البلاد” .
وقال جوس أودونيل الأمين العام السابق لمجلس الوزراء البريطاني في الفترة من 2005 إلى 2011 لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) “يتعين علينا التفاوض على دخول السوق الموحدة ويتعين علينا التفاوض على العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي ويتعين علينا التفاوض على اتفاقياتنا التجارية مع جميل الدول. مما يعني أن لدينا الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.” ، وأضاف “ومن الواضح أنه بنهاية العامين لن يمدد أي شيء تفاوضنا عليه إلا بتصويت بالإجماع نحن مستبعدون منه وهذا أمر يبدو مفزعا بعض الشيء” .
وكانت وثيقة أصدرتها الحكومة البريطانية في فبراير شباط قد أشارت إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيقود إلى مفاوضات قد تستغرق عشر سنوات أو أكثر مما يثير حالة من انعدام اليقين قد تضر الأعمال والتجارة والاستثمار.