يسود الاعتقاد في لندن بأن يحذر رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في قمة بروكسل اليوم الخميس، من احتمال حدوث موجة جديدة من المهاجرين تأتي من ليبيا إلى أوروبا هذا الصيف. كما أنه من المرجح أن يتناول مسألة المخاطر التي سيواجهها المهاجرون لدى عبورهم في وسط المتوسط، عوضا عن سلوك الطريق القصيرة من تركيا إلى اليونان.
ويجتمع قادة دول الاتحاد الأوروبي، لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة مع تركيا، للمساعدة في تخفيف أزمة المهاجرين. ومن المقرر أن ينضم إلى المحادثات يوم الجمعة، رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو.
وتجدر الإشارة إلى أن السفن البريطانية، تشكل جزءا من قوة حلف شمال الأطلسي، وتقوم بدوريات في بحر إيجه الضيق، لردع العبور غير الشرعي. في وقت أغلق فيه المعبر الحدودي الرئيسي بين اليونان ومقدونيا بشكل كامل، وهو ما يثير المخاوف من أن يؤدي إغلاق تلك الطرق إلى إعادة فتح طرق أكثر خطورة وطويلة، ومنها العبور من ليبيا إلى إيطاليا، التي نتج عنها مقتل ما يزيد عن 6100 شخص في عام 2014.
من جانبه، قال خفر السواحل الإيطالي، إنه أنقذ ألفي مهاجر من المهربين في الزوارق قبالة ليبيا منذ يوم الثلاثاء، وهي أدلة قوية على التحول المفاجئ في محاولات العبور إلى أوروبا.
كما جاءت تحليلات صحيفة “الديلي تلغراف”، بعد الاطلاع على بيانات عن أرقام وفيات المهاجرين، جمعتها المنظمة الدولية للهجرة، لتسلط الضوء على خطر إغلاق طريق البلقان، لأنه حتى في أوج أزمة المهاجرين انخفضت أعداد حوادث الغرق من 1244 في أبريلنيسان العام الماضي إلى 53 في فبرايرشباط هذا العام.
وتشير البيانات، إلى أنه في ينايركانون الثاني عام 2014، لقي 1161 شخصا حتفهم خلال عبورهم بحر إيجه، أي بمعدل شخص واحد لكل 893 عبورا ناجحا. أما على ممر البحر الأبيض المتوسط، فقتل 6175 شخصا في الفترة الزمنية ذاتها، أي بمعدل شخص لكل 54 عبورا ناجحا.
لذلك من المتوقع أن يقول كاميرون لقادة دول الاتحاد الأوروبي الآخرين، إنهم يجب أن يفكروا ويتهيأوا لما سيحدث في فصل الصيف، في الطريق الغربي للمتوسط، لأنه من هناك بدأت الأزمة بالاشتعال في أبريلنيسان الماضي مع الأعداد القادمة من ليبيا وشمال أفريقيا. ولفت إلى أن إغلاق الطرق من تركيا، قد يعني أن المهربين سيبحثون عن طرق أخرى، لذلك قد نرى تحولا باتجاه غرب المتوسط مجددا.
وتقضي خطة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بتحويل مراكز الاستقبال التي تستخدم لتسجيل طالبي اللجوء في جزر ليسبوس وخيوس ويروس إلى معسكرات اعتقال واسعة ومحاكم.
وتفرض الخطة، إعادة جميع المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان من تركيا، كما تقول بتوطين شخص سوري في الاتحاد الأوروبي مقابل كل مهاجر يعاد إلى تركيا.
وتجدر الإشارة إلى أن ما يزيد عن المليون لاجئ دخل أوروبا، في العام الماضي، بطريقة غير شرعية وبشكل رئيسي في القوارب من تركيا إلى اليونان. وما يزيد عن 132 ألف مهاجر وصلوا إلى اليونان بالقوارب خلال هذا العام لغاية الآن، وهي زيادة تفوق العام الماضي للفترة ذاتها بنسبة كبيرة.
كما قال زعماء دول الاتحاد الأوروبي، في اجتماع لهم الأسبوع الماضي، حين انطلقت محادثات الصفقة مع تركيا، إن المواطن التركي سيحق له السفر من دون تأشيرة إلى أوروبا بدءا من يونيوحزيران، مقابل العمل على حل أزمة المهاجرين. كما وعدوا بتسريع المساعدات المالية التي تعهدت بها أوروبا في العام الماضي، وفتح المحادثات مجددا بشأن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.
على المقلب الآخر، يصادف اليوم، ترحيل الأكاديمي البريطاني، كريس ستيفنسون، من تركيا، بعد اتهامه بالترويج للإرهاب، لتوزيعه منشورات كردية، وهو توقيت محرج للغاية لزعماء الاتحاد الأوروبي الذين يجتمعون في بروكسل لتدعيم صفقة مع تركيا لمعالجة أزمة اللاجئين.
وستيفنسون المتزوج من مواطنة تركية، قال لوكالة “أسوشيتد برس”، قبل أن يستقل الطائرة، إنه لم يرتكب أي جريمة ولم تجر أي محاكمة، بل مجرد قرار إداري بترحيله بعد إقامته 25 عاما في تركيا.
وكتبت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أن الحكومة التركية تشن حملة واسعة على الأكاديميين والصحافيين والمحامين باسم مكافحة الإرهاب. ما دفع المنتقدين إلى تحذير الاتحاد الأوروبي من التوصل إلى اتفاق مع أنقرة في وقت يتزايد فيه القلق على حقوق الإنسان فيها.
واعتقل ستيفنسون، الذي كان يعمل محاضرا في علوم الكمبيوتر في جامعة بلجي في إسطنبول، يوم الثلاثاء، أثناء حضوره جلسة محاكمة لدعم ثلاثة أكاديميين من زملائه بتهمة الترويج للإرهاب، بعد أن أضافوا أسماءهم إلى عريضة تنتقد بشدة عملية الحكومة التركية لسحق المليشيات الكردية في جنوبي شرق البلاد.
كذلك يتعرض قادة دول الاتحاد الأوروبي، لانتقادات بسبب اعتمادهم على تركيا بشكل كبير في تخفيض أعداد اللاجئين والمهاجرين الذين يصلون إلى شواطئهم.
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، الذي سيترأس قمة الاتحاد الأوروبي، إنه لا يزال هناك الكثير للقيام به بشأن الصفقة، والنجاح يتوقف على انضمام أنقرة ودعمها لمحادثات السلام في قبرص، لتصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي. في المقابل، هدد الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيادس، باستخدام حق النقض ضد أي تقدم في محادثات انضمام تركيا.