وسط الزحام والجو البارد بجلبابها الاسود الخفيف اقتربت وتمتمت بكلمات غير مفهومة ذات الوجه الستينى البسيط،تعرض علي بضاعتها حتى أكون احد زبائنها وابتاع منها القليل.. “الحاجة فاطمة” او “فاطنة” علي حد قولها ،تعرض مناديل الجيب بحياء شديد بين المارة،تختار منهم من تري فيه قلباً يرأف،يرفضها البعض بحماقة وبشكل جارح ،ويتجاهلها البعض،ويحن قليل لحالتها ، وقفت جوارها ابتاع المناديل وبالباقي دعاء من أم ثكلي قهر الزمان نفسها واخرج لها لسانه مئات المرة ،وبدأت تحكى حالتها قبل ان يخرج منى سؤال، ” فقدت زوجي وابنى في حادث سير منذ سنوات” واكملت العجوز بما تبقي من قلبها ونفسها المرة ،تسرد ملامح الحزن التى كست أيامها وفقر الحال الذي لم يرأف لها، “اعيش في منزل بسيط بمسطرد أرعى احفادى الثلاثة اليتامى بعدما تركتهم امهم بغير رحمة ، ومعى ابنتى الصغيرة تشاركنى المسكن وتربية الابناء”،وفي منزلها البسيط المكون من غرفة بسرير وحصيرة وغطاء قليل، تفترش الارض وابنتها لتوفر لاحفادها دفء سرير ،فعلام الدنيا تتمادى في قسوتها علي طفل صغير ،تخرج “فاطمة” صباح مساء تبتاع بعض المناديل لتستر حاجتها وتسد عوز الاحفاد ،يحسن من يحسن ويزدري البعض ويبتعد ويبقي حال”فاطمة”بغير تغيير وسؤال ،وعلي الرغم من ضيق الحال وقسوته لاتلحظ سوى هالة من الرضا علي الوجه العجوز الفقير، وحين تحادثها تتحدث بهدوء وبنفس قريرة يحسدها عليها كبار القوم ، وسألت “الحاجة فاطمة” ماذا تريد؟ فأجابتنى بذاك الهدوء وضجيج الكون يعم حولنا “لاشئ الحمد لله ،هو يبعث لنا بكل مانحتاج دون سؤال” .
ياله من رضا هذا الذي تتمتع به الحاجة فاطمة ستينية العمر التى تجوب الشوارع تقتات لنفسها وابنتها الصغيرة واحفادها ،غير متذمرة علي ظروفها وقسوة عيشها ،في هدوء فريد لاتفيه الكلمات.