العمال: بنموت واحنا بنشتغل .. والدولة بتهدم مكان رزقنا
صاحب أحد الورش : غياب المسؤولين جعلنا ” دولة داخل دولة “
شاهد عيان : تسريب المياه سبب انهيار الورش .. والحماية والمدنية خارج نطاق الخدمة
محافظة القاهرة: حل مشكلة العمال بتفعيل القانون والحكومة تتجاهل تطبيقه !
مابين السعي وراء لقمة العيش وعدم وجود سبل للسلامة المهنية للحصول عليها ، يأتي عمال منطقة شق الثعبان مثال حي لهذه المعادلة الصعبة التي كثيرا ما نجدها بين فئات العمال و الصنايعية والطبقات العمالية المهمشة ..
منطقة صناعية في قلب العاصمة شهدت العديد من الحوادث الأليمة التي راح ضحيتها عمال غلابة وكانت أخرها مطلع الأسبوع الماضي حيث إنهار عدد من ورش تقطيع الرخام علي رؤوس من يعملون بها ،أسفرت عن مصرع ثلاث عمال ، فأين الدولة والجهات المعنية من هؤلاء العمال وهل سينتبهون إليهم لمساندتهم والحصول علي حقوقهم وهم علي قيد الحياة أما انهم لا ينتبهون للحقوق إلا بعد وفاة أصحابها.
ذهبت “وطني” للوقوف علي تفاصيل الحادث ونقل معاناة هؤلاء العمال ..
قال أحمد سامي شقيق مجدي سامي أحد ضحايا الحادث : فقدت أخي الذي لم يكمل الثمانية وعشرون عاما من عمره والذي راح ضحية اهمال الدولة والمسؤولين وتجاهلهم لهؤلاء العمال الغلابة الذين يدفعون حياتهم ثمنا غاليا للقمة العيش ، كان أخي عريس حديث لم يمضي علي زواجه ستة اشهر فترك زوجته التي لم تجف دموعها هي وأمه منذ بلوغهم الخبر.
التقينا بأحد شهود العيان مجدي عبد الرحمن حيث روي حقيقة مشهد وقوع 5 ورش ومصرع ثلاثة من العمال قال: “سبب وقوع الورش أن احدهم كانت بنائها غير سليم والسور الخاص بالورش غير أمن وعندما انهارت تلك الورشة مع ضعف السور أدي الي وقوع الورش المجاورة لها، مضيفاً أن تلك الورش كانت جديد لم يبدأ العمل فيها بعد، ولكن كان يتم تجهيزها ولفضل الله علينا ان تم وقوع الحادث اثناء وقت غداء العمال، ولهذا كان عدد الضحايا محدود.” مشيراالى أن الثلاث عمال الذين لقو مصرعهم احدهم كان يعمل فوق الورشة وعند انهيارها لقي حتفه من فوق وعندما ذهبوا إليه كان يلفظ انفاسة الأخيرة ولم يستطيعوا انقاذه ، والأخرين كانوا بداخل الورش ،و فور وقوع الحادث اتصلوا بالأسعاف والنجدة حتي يأتوا لمعاينة المكان ويقموا برفع الأنقاض للأخراج جثث الموتي .
وتابع “عبد الرحمن” : هؤلاء العمال غير مؤمن عليهم ، كما ان بعد الحادث تم التحقيق مع أصحاب هذه الورش ، مع العلم ان احد المتوفين كان صاحب ورشة .
وأضاف عمرو شاهد عيان أخر علي الحادث : إن من أسباب انهيار هذه الورش هو عدم وجود مرافق بالمنطقة من صرف صحي ومياه ، مما جعل العمال وأصحاب الورش يقموا بشراء المياه وتخزينها داخل أحواض ، يتم حفرها علي عمق 3 أمتار ، هذه المياه تسربت وجعلت الورش تنهار .
وتابع “عمرو” ، كما ان المحافظة لم تساعدنا بإرسال المعدات اللازمة لرفع الأنقاض و استخراج جثث المتوفين ، بل قمنا نحن باستخراج موتنا من تحت الأنقاض ، وأيضا وجدنا تاجهل تام من قبل الحماية المدنية وإدارة الحي الذين لم يتواجدوا في موقع الحدث .
ثم التقينا بمجموعة من العمال ، الذين أصبحوا يشكوا حالهم من عدم التأمين عليهم ، والعمل في مشقة تلك الصحراء ، قائلين : “الدولة لم تتركنا نأكل عيش” وعندما أتي محافظ القاهرة جلال مصطفي وقت وقوع الحادث لم يقدم شئ للعمال ” الغلابة ” بل اصدر أمر بهدم تلك الورش ، لأنها غير مرخصة ، فبدل من إن يقوم بصيانة ما تبقي من هذه الورش أمر بهدمها .
وأضاف العمال، أن الورشة الواحدة تتكلف أكثر من 600 ألف جنيه بالمعدات ، وتحتوي علي أيدي عاملة تصل إلي 8 عمال ، وبعد هدم هذه الورش إلي أين يذهب هؤلاء العمال الذين تركوا بلادهم واتوا إلي هنا بحثا عن الرزق ، فجميع العاملين هنا من مختلف المحافظات ، اغلبهم باعوا أراضيهم الزراعية بالبلد حتى يشترون ورشة عمل هنا ، ليأتي العامل ويجلب حتى أطفاله للعمل هنا ومساعدته .
وتابع عمال شق الثعبان : نحن نطالب الدولة بتقنين الأرضي في هذه المنطقة ، وتزودها بالمرافق ، حيث انه لا يوجد لدينا عدادات مياه أو كهرباء فنحن نعمل أحوض مياه في الأرض ، و ونقوم بشراء المياه ، كما اننا اشترينا هذه الأرض ممن أستولو عليها بوضع اليد ، وكان المتر ب 1000 جنيه ، فلا يعقل أن تأتي الحكومة الأن وتقول انها سوف تقنن الأرض المتر ب 1500 جنيه ، من اين نأتي بهذه المبالغ ؟
وفي ذات السياق قال الحج محمد عبد الرشيد صاحب ورشة : نحن هنا نعمل بجهودنا الذاتيه ،و لم نتلقي أي دعم او مساعدة من الحكومة ، حتي المرافق والبنية التحتيه التي من حقنا أن توفرها لنا الدولة لم تقدمها لنا ، فنحن نشتري عربات مياه ونحفر ابيار في الأرض لنقضي حاجتنا الشخصية من شرب وطعام وغيرها ، أما الكهرباء فهناك بعض الورش القديمة بها عدادت وتقوم بتوزيع وصلات لعدد من الورش ، ووزارة الكهرباء تحاسبنا علي الكهرباء ” الكيلو وات” بجنيه ، ففي كل شهر ندفع فواتير تقدر 150 ألف جنيه ، فمن اين يأتي صاحب العمل بكل هذه المبالغ يدفع ايجار لورشة يقدر 2000 جنيه وكهرباء 3000 جنيه ويشتري المياه ايضا السيارة بحوالي 700 جنيه تقضي للأسبوع فقط ، ويعطي يومية للعمال الذين عددهم في الورشة الواحد يصل الي 8 عمال ، إجرة العامل الواحد فيهم 120 جنيه في اليوم .
وأضاف: نحن نريد أن تقنن لنا المحافظة أرض هذه الورش ، ولكن بسعر معقول ، حتي نستطيع دفع المبالغ ، فنحن نريد أن نعطي الدولة حقها ، وهي ايضا تعطينا حقنا.
وتابع الحج عبد الرشيد: لدينا قانون نعيش به في المنطقة ، فشق التعبان هو دولة داخل دولة ، نظرا لعدم اهتمام المسؤولين بنا ، وضعنا نحن ضوابط للعمل، وقوانين فمن يأتي جديد للمكان يجد اصاحب الورش القديمة يقدمون له الدعم والمساعدة التى يحتاجها، واذا اعتدي عامل او صاحب عمل علي الأخر، نعقد جلسه لنقضي بينهم ، ايضا ً العمال الذين توفوا بالحادث الأخير ، يقوم جميع اصحاب الورش والعمال بعمل جمعية يدفع فيها كل واحد حسب مقدرته ونرسل راتب شهري للأسر المتوفين لنساعدهم علي المعيشة .
ومن جانبه قال خالد مصطفي المستشار الإعلامي لمحافظ القاهرة : توجه محافظ القاهرة جلال سعيد فور وقوع الحادث لمنطقة شق التعبان ، لتفقد المكان ، ثم قرر إزالة جميع الورش غير المرخصة بالمنطقة
وتابع مصطفي : اما بالنسب لتقنين الأرض ، فالمحافظة ارسلت مشروع لمجلس الوزراء تم وضعه منذ اكثر من 40 عام ، يتضمن كيفية تقنين اوضاع الورش المتواجدة بمنطقة شق الثعبان ، وأخيرا اخذنا موافقة من مجلس الوزارء علي المشروع ، ولكن حتي الأن الدولة لم تتخذ إجراء فعلي .
مشيرا إلى أن المحافظة قامت بعمل حصر لجميع الورش والأراضي الواقعة في المنطقة .
وفي ذات السياق قال اللواء إبراهيم صابر رئيس حي المعادي ، الحي يقوم بالفعل بعمل تراخيص للورش المصانع المتواجدة بمنطقة شق الثعبان ، ولكن الورش التي انهرت كانت مخالفة نظرا لبنائها علي سطح الجبل ، ولذلك سوف يتم إزالتها وعدم اعطائهم تراخيص ، وهذا يعد تأمينا للعمال ، فالبناء علي سفح الجبل يعرض حياة العمال للخطر ، كما ان الحي قام بعمل محاضر كثيرة لهذه الورش المخالفة .
كما نفي رئيس حي المعادي بناء أبراج سكنية بالمنطقة ، مؤكدا على ان منطقة شق الثعبان سوف تظل صناعية .
قال مسعد هاشم رئيس هيئة الثروة المعدنية سابقا: يجب نقل منطقة شق الثعبان بالقرب من مصدرالمواد الخام لتوفير السيولة المرورية وعدم استهلاك موارد الدولة فى نقل المواد الخام ثم إعادة نقلها مرة أخرى إلى المصانع لتصنعها .
مشيراَ إلى ضرورة إنشاء مناطق صناعية مخصصة لهم بعيداّ عن الطرق والتكدس السكانى ويقترب من الموانى لسهولة تصدرها لدول العالم .
وأكد هاشم ، على تقاعس المسئولين فى الدولة من إتخاذ الإجراات السريعة واللازمة لمثل هذه المنطقة التى تسبب خطورة كبيرة على العمال بها فيجب إزالتها على الفور لتفادى تعرض إرواح المواطنين للخطر .
وأشارت وزيرة التضامن غادة والي في بيان صادر عنها انه سيتم صرف مبلغ خمسة جنيه لأسر الضحايا بعد دراسة كل حالة علي حدا.