استعرض الدكتور يوحنا نسيم أستاذ مشارك بكلية اللاهوت، جامعة ملبورن والباحث بمركز المسيحية المبكرة بالجامعة الكاثوليكية باستراليا مؤرخين الكنيسة ومنهم سقراط والذى ولد في الربع الاخير من القرن الرابع ربما في القسطنطينية وتعلم تعليم راقي ويغطي تاريخه الفترة من 305-439 يظهر فيه منطقة نتريا (حوش عيسى) حيث يذكر التفاصيل عندما قام لوكيوس (بطريرك مزعوم فرضته السلطات على كنيسة الاسكندرية) بمساعدة الجيش باجتياح الأديرة سنة 373م. ويذكر ايضا الخلاف بين البطريرك ثاوفيلس مع الرهبان الذين يتبعون اورجانوس (399-404م) واخيرا استعانة كيرلس بالرهبان ضد اورستوس الوالي .
أما المؤرخ الثانى فهو ” سوزمينوس” والذى ولد في فلسطين بغزة وسافر كثيراً واستقر اخير في القسطنطينية. كان له تعليم راق حيث درس القانون وكتب عن الفترة من سنة 324-425 وهو متأثر بسقراط ولكنه في الفصل السادس المخصص للرهبان فأنة يستعير من التاريخ اللوزكي وتاريخ الرهبان المصريين وبعض المصادر الاخرى مثل سيرة انطونيوس ، ويذكر من بين الاسماء بنيامين وايسيدورس وغيرهم بالاضافة الى رهبان فلسطين وسوريا ثم اقوال الرهبانوهو جزء من مجموعة تخص الاباء عبارة عن القصص والاقوال الحكيمة لأباء الرهبنة وربما جمعت هذه الاقوال بين نصف القرن الخامس والسادس وربما جمعت بعد غارات البربر حيث وجد الاباء الرهبان ان الاقوال التي كانت متداوله شفويا معرضة للاندثار بسبب هروب او قتل الاباء في برية الاسقيط .
قوانين الانبا باخوم
وعن مؤسس رهبنة الشركة تحدث الدكتور يوحنا نسيم عن القديس باخوم الذى ولد في مصر العليا وقد ترك لنا باخوم قوانين وصل لنا حوالي ربعها في لغتها القبطية الاصلية. ولكن النص الكامل وصل لنا باللاتينية وهي الترجمة التي قام بها جيروم حوالي سنة 404م ويقول انه عملها على النص اليوناني المترجم من النص القبطي الاصلي، وفي هذه القوانين ينظم الحياة الرهبانية للراهب في الدير ما يجب ان يفعله وما لا يفعله.
وقوانين الانبا شنودة
ويكشف الدكتور يوحنا نسيم عن ان الانبا شنودة في الذى ولد منتصف القرن الرابع (حوالي سنة 347م) وعمر حتى سنة 465م قد ترهب عند خاله الانبا بجول في سن مبكرة وبعد فترة خلف خاله في رئاسة الدير الانبا إبونه ثم خلفه الانبا شنودة ورُسم الانبا شنودة كاهن وشارك في مجمع أفسس سنة 431م اما اخر ايامه فقد قضاها في البرية متوحد ويفتقد الاخوة في الدير على فترات وتم العثور على مجموعة كبيرة من الاوراق في دير الانبا شنودة بسوهاج وقد درسها العالم ايميل وقسمها الى ثلاث مجموعات وهي: القوانين، العظات، والرسائل ، وتم تجميع القوانين في اواخر ايام الانبا شنودة نفسه في تسع كتب والعظات) تم تجميعها بعد حياة الانبا شنودة بقليل في ثمان كتب.وتعكس لنا القوانين الحياة اليومية في اديرة الانبا شنودة. فنجد المطبخ والمساكن والدياكونية وكذلك حجرة البواب حيث يقدم وجبات الضيافة للزائرين ويستقبل الذين يريدين الرهبنة وهناك ايضا الورش التي يعمل الرهبان مثل المخبز وورش النسيج والخياطة.
ملف دنيال الاسقيطي
ويشير الدكتور يوحنا نسيم الى ان ملف دنيال الأسقيطى يحتوي على العديد من القصص التي تتصل براهب من برية الاسقيط (وادي النطرون)وهو يوحنا موسخوس الذى ولد في احدى مدن كليكية حوالي سنة 550م وهو شاب ذهب الى فلسطين. ثم بدء في رهبنة الشركة للقديس ثيؤدسيوس بالقرب من بيت لحم ثم ذهب الى دير في يهوذا (جنوب فلسطين) وفي سنة 578-579 ذهب الى سيناء حيث مكث هناك عشر سنوات ثم رجع الى فلسطين ثم اكمل سفره الى فينيقية وسوريا وكليكية ومرتين الى مصر. وذهب الى مصر المرة الثانية سنة 607 وتركها 614م مع الغزو الفارسي. حيث ذهب الى القسطنطينية. وقد كتب الكتاب هناك ومات حوالي سنة 634م ، وموسخوس كان من انصار مجمع خلقيدونيا ويدافع عنه في كتابه.وهذا الكتاب يجمع 219 قول وفعل للرهبان ومنهم فقط 30 (يعني اقل من 10%) يخص رهبان مصر بقية الكتاب يخص الرهبان من كليكية وفلسطين وسوريا.
الرسائل التي بعثها الرهبان لبعضهم
يقول الدكتور يوحنا نسيم تعتبر هذة الرسائل من اهم المصادر وقد اختارنا هنا رسائل القديس انطونيوس بأعتبار انها رسالة كتبها راهب الى الرهبان
وبالرغم من ان انطونيوس يظهر في السيرة التي كتبها اثناسيوس كشخص امي إلا ان اثناسيوس يذكر ان انطونيوس بعث برسائل لقسطنطين واولاده. وبعض المصادر الاخرى تذكر ان انطونيوس كتب رسائل اخرى. وتذكر السيرة اليونانية الاولى لباخوم ان انطونيوس بعث برسالة تعزية لدير طبانيسي.
هذا الى جانب رسائل سرابيون تلميذ انطونيوس في الصحراء وحليف اثناسيوس في الاسكندرية. وقد اصبح اسقفا على تمي ( في الدلتا) بين 329-370 م تقريبا. وكان خطيب مفوة. وقد كتب سرابيون الكثير من الكتب منها ضد المانيكيين يفند فيه الفلسفة الثنائية للخير والشر وله كتاب صلوات معروف. اما الرسائل فلم يصلنا منها إلا القليل ، هذا بالاضافة الى رسائل الانبا كيرلس الى الرهبان وهو اسقف الاسكندرية بين عامى412-444م هو ابن اخت سلفه البطريرك ثاؤفيلس وقد خلفه على الكرسي البطريركي سنة 412م بعد يومين فقط من وفاته وهو مذكور فى تاريخ البطاركه باللغة القبطية
ومن اهم رسائل كيرلس هي الرسالة التي بعثها إلي الرهبان سنة 429م حيث هاجم فيها عقيدة البطريرك نسطور بطريرك القسطنطينة وشرح فيها العقيدة الصحيحة وبعد حرم نسطور في مجمع افسس ارسل رسالة اخرى للرهبان يشرح فيها ما حدث وخلاصة القول ان الرسائل سواء التي بعثها الرهبان إلى الرهبان او اسقف إلى الرهبان او بطريرك الى الرهبان فأنها تبين بوضوح ان الرهبان كانوا على مستوى علمي وفلسفي رفيع وهو ما يعكس ان الرهبان لم يكونوا فقط مجموعة من البسطاء
من الجدير بالذكر ان هذه المحاضرة تم ألقائها فى الدورة التدريبية التى نظمها مركز دراسات مسيحية الشرق الأوسط التابع لكلية اللاهوت الانجيلية بالعباسية بالتعاون مع مركزالدراسات القبطية التابع لمكتبة الاسكندرية ولمدة أربعة أيام تحت عنوان “الرهبنة القبطية والروحانية الشرقية” وشارك بفاعليات الدورة الدكتور يوحنا نسيم أستاذ مشارك بكلية اللاهوت، جامعة ملبورن والباحث بمركز المسيحية المبكرة بالجامعة الكاثوليكية باستراليا،و الدكتور لؤي محمود مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الاسكندرية ، والقس يوسف سمير راعي الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، والدكتور القس وجيه يوسف أمين عام مركز دراسات مسيحية الشرق الأوسط