منذ أيام قليلة أُحيلت إلى المعاش السيدة إستر مسعد، الموظفة بإدارة المخازن بدار الكتب المصرية، نظرًا لبلوغها سن الستين، وهو الأمر الذي أحزن كثيرين من الباحثين والطلاب ممن تعاملوا معها وتعودوا على رؤيتها في قاعة الدوريات، يطلبون الصحف القديمة وتستجيب لطلباتهم بكل ترحاب، وفي كل الأوقات وبالأخص في أوقات الذروة ووسط ضغوط العمل التي لا تنتهي ودونما أي ضجر.
أسفنا كثيرًا لإحالتها إلى المعاش رغم إيماننا بحقها في أن تنال قسطًا من الراحة يليق بسيدة كريمة تفانت بكل ود في عملها على مدار سنوات عديدة، فيها كانت تقطع مسافة طويلة من بيتها بالقرب من مدينة حلوان إلى مقر دار الكتب المصرية بكورنيش النيل.
في تقديري أنه ما من باحث أو صحفي أو طالب، من داخل مصر وخارجها على السواء، تردد على قاعة الدوريات بدار الكتب المصرية إلا وتقابل مع مدام إستر، كما كنا ندعوها، تساعده في إنجاز بحثه، بكل دقة وأمانة، فقد تميزت بمساعدة الجميع دون تفرقة أو تمييز، وكانت تحفظ أرقام الدوريات وأماكن حفظها بدقة عجيبة.
ومدام إستر صاحبة ابتسامة رقيقة تشجعك على التعامل معها، كما أنها تمتعت بمحبة واحترام زملائها وزميلاتها وكافة المترددين على دار الكتب من الطلاب والباحثين وطالبي المعرفة.
كنا كثيرًا ما نفكر، نحن مجموعة من الباحثين من طلبة الماجستير والدكتوراه في الإعلام والتاريخ ومختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية، المترددين على دار الكتب المصرية، بتحرير خطاب شكر للسيدة إستر وتوجيهه إلى رئيس الهيئة المصرية العامة لدار الكتب والوثائق القومية، ليعرف انه من بين الموظفين هناك من يعمل بصدق وأمانة دون انتظار شكر من أحد، لكننا كنا نشعر دومًا بأنها تستحق تكريمًا أكبر من ذلك، لأنها وبصدق نموذج مختلف لموظف الدولة من حيث التفاني في العمل والإخلاص فيه دون انتظار كلمة شكر من أحد، إيمانًا منها بأهمية وظيفتها والتي تمثل خدمة ثقافية وبحثية عامة.
مدام إستر كل التحية والتقدير وتمنياتنا لك بحياة سالمة هادئة، ولتكن كلماتي عبر بريد جريدة (وطني) العريقة تعبيرًا صادقًا عن عطائك الكبير ومحبتك الحقيقية وتفانيك الجاد في العمل. ومرة أخرى شكرًا مدام إستر.