اصدر مركز وسائل الاتصال من اجل التنمية تقريرا يرصد الواقع الحالى للمشاركة السياسية للمرأة جاء فيه , تعتبر المرأة هى أحد دعائم المجتمع الإنسانى حيث تهتم بها مختلف العلوم الاجتماعية وتعد دراسات المرأة المؤشر الحقيقى للوقوف على مكانتها ودورها داخل المجتمع ، ويرجع الاهتمام المتزايد من جانب الدراسات الإنسانية بالمرأة ودورها بالمجتمع الى ما تمثله المرأة من مكانة داخل المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء .
هذا وتحتل المرأة منذ عقدين من الزمن مكان الصدارة فى اجندة السياسات والمنظمات العالمية الحكومية والأهلية تماشيا مع الأهداف التى حددتها الأمم المتحدة والتى تضمنت ثلاثة محاور أساسية هى المساواة والتنمية والسلام لكل النساء فى العالم .
المرأة فى مصر رغم انها تمثل نصف قوة المجتمع إلا انها شأنها شأن المرأة فى كثير من المجتمعات النامية تواجه العديد من المشكلات منها المتعلق بالتعليم والصحة والمشاركة وكذلك عدم الوعى بحقوقها وقدراتها وإدراكها لمهاراتها .
كافحت المرأة من أجل ان تشارك وتساهم بجهد فى الحياة الاجتماعية والسياسية فسعت فى البداية للحصول على حقها فى التعليم ، ويعد هذا مدخلا رئيسيا للحصول على كافة حقوقها الأخرى ولم تكتف المرأة بالمطالبة بحق الاشتراك والعضوية فى النقابات والاتحادات وخوض غمار الممارسة السياسية والمجتمعية التى تنتج عن مدى الوعى بالأحداث الاجتماعية والسياسية المختلفة وعلى الرغم من ان بداية مشاركة المرأة المصرية فى الحياة السياسية كانت متواضعة الا انها كانت بداية مؤثرة فى جذب المزيد من قطاع المرأة للمشاركة فى المجال السياسى وخاصة بعدما أثبتت النجاح فى أدوارها السياسية بحكم كفاءتها الشخصية والمجتمعية على السواء .
ولقد كان التطور الذى شهده المجتمع المصرى من ثورات وحركات مجتمعية وللظروف التى تضافرت بأنواعها لتنتج واقعا يخضع لمؤثرات جديدة أثر كبير على مكانة المرأة التى وعت أهمية دورها داخل المجتمع بعد ازاحت الستار عن كافة الضغوط التى فرضت عليها فخرجت لتشارك فى كافة مجالات الحياة .
انطلاقا من الدور الرائد الذى يقوم به مركز وسائل الاتصال الملائمة من اجل التنمية فى حماية المرأة والحفاظ على حقوقها وحمايتها من الانتهاكات التى تتعرض لها وخاصة فى الفترة الأخيرة .
وانطلاقا من السياسة العامة للدولة بضرورة وأهمية المشاركة المجتمعية والتعاون والتنسيق والتكامل بين القطاعات المختلفة الحكومية والخاصة والمجتمع المدنى خاصة الجمعيات المؤسسات الأهلية فى النهوض بأوضاع النساء.
تم تنفيذ دراسة حول رصد الواقع الحالى للمشاركة السياسية للمرأة المصرية خلال الفترة من نوفمبر الى ديسمبر 2015 فى عدد (3) مجتمعات بقرى غرب النيل بمحافظة الجيزة شارك بها 400 سيدة ( كعينة ممثلة لسيدات تلك المناطق) حيث تهدف الدراسة الى التعرف على مدى مشاركة المرأة فى الاحداث السياسية بالمجتمع المصرى , والتعرف على الاسباب وراء عدم نجاح المرأة فى الانتخابات السابقة بالمجتمع المصرى . ايضا التعرف على العوامل التى تؤثر سلبا أو إيجابا على طموحات وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار بالمجتمع المصرى . فضلا عن التعرف على تقييم المرأة لعضويتها بالكيانات والأحزاب السياسية بالمجتمع المصرى , و التعرف على الآمال والطموحات التى مازالت المرأة ترجو تحقيقها سياسيا بالمجتمع المصرى والتعرف على المعوقات التى تحول دون حصول المرأة على حقوقها السياسية بالمجتمع المصرى , و التعرف على مقترحات المرأة لاستعادة حقوقها السياسية بالمجتمع المصرى حيث توصلت الدراسة الي عدد من النتائج و التوصيات من اهمها وفقا لما توصلت اليه الدراسة الراهنة من رصد لواقع المشاركة السياسية للمرأة فى المجتمع المصرى وللمعوقات التى تحد من تلك المشاركة فإن الباحث يرى ان مواجهة تلك المعوقات يستلزم وضع استراتيجية أو برنامج عمل يهدف الى رفع المستوى النوعى للحراك السياسى للمرأة فى مصر، وهذه الاستراتيجية يجب أن تدعم رفع الوعى بأهـمية فعالية واستدامة مشاركة المرأة المصرية فى الحياة السياسية لدى كافة القطاعات , اولها المجتمع المحلى نظرا لان جز كبير من معوقات المشاركة السياسية للمرأة يرجع الى المفهوم المنقوص الراسخ لدى المجتمع المحلى المصرى عن المرأة وعدم جدوى مشاركتها فى الحراك السياسى- حتى بعد الثورتين التى حدثتا بمصر خلال الأربع سنوات الماضية والظهور البارز للمرأة فيهما – لكن لم يتغير هذا المفهوم بدرجة كافية وعليه فمن بين أنسب الاستراتيجيات التى تستهدف التأثير الفعال على هذا القطاع هى تبنى برنامج تثقيفى أعلامى فى إطار مبادرة قومية تستهدف خلق صورة ايجابية لأهـمية دور المرأة فى الحراك السياسى مع أهمية التركيز على توظيف لغة وشكل للخطاب يوائم الفئة المستهدفة وهى أصحاب مستويات التعليم المتوسطة والضعيفة بل والأميين أيضا مع مراعاة عدم التركيز على توجيه الخطاب للرجل فقط بل لكل أفراد الأسرة .
ثانيا الأحزاب السياسية , نظرا لان الأحزاب السياسية المصرية تفتقر الى مبدأ مأسسة النوع الاجتماعى لذا فإن قطاع الأحزاب السياسية المصرية فى حاجة ماسة الى أن تكون من أساسيات برامجه – ومن أجل خلق كوادر فاعلة – برنامج عمل يهتم بتدريب كوادر حزبية نسائية من مختلف الاعمار على الآليات المهنية واستراتيجيات خوض المعترك الانتخابى على مختلف المستويات وأهـمها الانتخابات البرلمانية ويستعرض الباحث هنا لمقترح جاء في سياق دراسة لمركز ماعت عام 2012 والتى اقترحت ان يكون ذلك فى شكل برنامج “حضانات حزبية ” حيث يقوم الحزب بوضع خطة طويلة المدى بتقديم دعم فنى (نظرى وعملى ) للكوادر السياسية بالحزب من الشابات والسيدات تؤهلهن لخوض العملية الانتخابية سواء على مستوى البرلمان أو المحليات او النقابات أو الاتحادات الطلابية .
كما يتم إعادة صياغة الأنظمة الداخلية لتلك الأحزاب بحيث تحدد اليات عمل ملزمة لانتخاب المرأة فى المواقع القيادية فيها
ثالثا : الاعلام , تعبئة الاعلام بشكل عام بهدف لعب دورا فى نشر ثقافة المساواة ومحاربة الصور النمطية عن المرأة التى تكرس نظرة غير صحيحة عن واقعها وأدوارها , ايضا بناء قدرات الاعلاميات والإعلاميين على حد سواء من خلال برامج تدريبية فى مجال ثقافة حقوق الانسان وفى مهارات تناول القضايا المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة
رابعا : المؤسسات العاملة فى مجال حقوق المرأة حيث تنفيذ أنشطة دعوة وكسب تأييد لحقوق المرأة وأهمية مشاركتها السياسية حتى يمكن للمرأة التمتع بالحقوق التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان وبحقوق المرأة وبالتدابير التي تنص عليها للمساواة , كما يمكن تنظيم حملات دعوة لتعديل نص التشريعات القائمة واستحداث الأخرى بهدف تكريس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بالمجتمع ومحاربة العنف والتمييز المبنى على النوع الاجتماعى , و تعزيز الوعى بالنوع الاجتماعى بين فئات المجتمع من خلال تنظيم الندوات والبرامج التدريبية على المستويات القاعدية والمركزية الى جانب تنظيم حملات توعية فى الأوساط النسائية لتعريفهن بحقوقهن وتوعية الرجال والنساء بان مشاركة النساء السياسية هى مشاركة فى تحقيق التنمية البشرية للبلاد ككل ، و الاهتمام بخطط توعية للنساء القاعديات تتضمن آليات تمكين حياتية( تمكين اقتصادي / محو الامية / ورفع مستوى التعليم …الخ) بجانب أنشطة التوعية السياسية لهن كما يجب أن تعتمد الأنشطة التوعية السياسية الموجهة لتلك الفئة على توضيح الارتباط الوثيق بين مشاركتهن فى التصويت والعملية الانتخابية وبين العوامل الاقتصادية والاجتماعية التى تتحكم فى الحياة اليومية لهن ولأسره حيث إن المشاركة السياسية السليمة لهذه الفئة تعد من أهـم ضمانات استدامة أى مكاسب تحققها وتصل اليها المرأة المصرية. فضلا عن بلورة استراتيجية للشراكة مع الاعلام بكافة وسائله لدعم نظرة جديدة للمرأة فى المجتمع بشكل عام وتحسين صورة المرأة فى وسائل الاعلام .
هذا وقد تم عرض نتائج الدراسة من خلال ورشة عمل بنهاية ديسمبر 2015 وجارى التحضير لتنظيم عدد من الفعاليات لنشر الدراسة ونتائجها والعمل على التشبيك مع مؤسسات الدولة المختلفة الرسمية و المدنية لتفعيل توصيات الدراسة .