بأي كلمات نبارك الله، وأي شكر يمكننا أن نقدمه له؟ هكذا نناجى السماء مع القديس العظيم أغسطينوس فى هذه الليلة الخالدة -التى شهدت الحدث الأعظم فى تاريخ البشرية ،وفى هذا المقال نقرأ شيئا من أقوال آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية..
يقول البابا القديس أثناسيوس الرسولى عن تجسد الله الكلمة لخلاصنا من الخطية :
” لهذا كان له مرة أخري أن يأتي بالفاسد إلي عدم الفساد وأن يوفي المطلب العادل الذي للآب على الجميع وحيث إنه هو كلمة الآب وفوق الكل كانت له وحده لياقة طبيعية أن يجدد خلق كل شيء وأن يحتمل بالنيابة عن الكل وأن يكون شفيعًا عن الكل لدي الأب وإذا رأي “الكلمة ” أن فساد البشر لا يمكن إبطاله بأية وسيلة سوى الموت كشرط ضروري بينما كان من المستحيل أن يتحمل الكلمة الموت إذ أنه غير مائت وإذ إنه ابن الآب فلهذه الغاية اخذ لنفسه جسدًا قابلًا جديرًا بأن يموت بالنيابة عن الكل والأن الكلمة أتي وسكن فيه يبقي في غير فساد وبذلك ينزع الفساد من الكل بنعمة القيامة وبتقديمه للموت الجسد الذي أخذه هو نفسه كذبيحة وضحية خالية من كل دنس أزال الموت فورًا عن جميع نظرائه (أي عن أخوته الذين أشبههم في كل شيء) بتقديمه العوض.. ). فأوفي دين الموت وإذ اتحد ابن الله عديم الفساد بالكل بطبيعة مماثلة؛ فإنه بطبيعة الحال ألبس الجميع عدم الفساد وكما إنه إذا ما دخل ملك عظيم مدينة واتخذ مسكنه في أحد بيوتها فإن مثل هذه المدينة تعتبر على أية الحالات جديرة بشرف عال ولا ينزل إليها بعد ذلك ويخضعها أي عدو أو قاطع طريق وإنما تعتبر على العكس مستأهلة لكل عناية لأجل أن الملك اتخذ مقره في بيت واحد من بيوتها هكذا أيضًا ما حدث مع ملك الكل فإنه لما جاء إلي عالمنا واتخذ مسكنه في جسد واحد بين نظرائه أبطلت من ذلك الحين كل مؤامرة العدو ضد الجنس البشري وارتفع عنهم فساد الموت الذي كان متفشيًا فيهم من قبل..
” من أجلك صار طفلا ” تحت هذا العنوان يقول القديس أغسطينوس” لقد أحبنا حتى أنه هو الكائن الأزلي الأقدم من كل المسكونة ذاتها صار في السن أصغر من كثير من خدامه
فى العالم كطفل كان يصيح في طفولة غير متكلمة، وهو “الكلمة ” الذي بدونه تعجز كل فصاحة البشر عن الكلام!
أنظر يا إنسان ماذا صار الله من أجلك؟!
احفظ في قلبك درسًا من هذا الاتضاع العظيم مع أنه المعلم كطفل لا يتكلم!
لقد كنت (ياآدم ) في الجنة في أحد الأيام فصيحًا تعطي كل حي اسمه أما خالقك فمن أجلك رقد بغير كلام لا يدعو حتى أمه باسمها.
أنت إذ وجدت نفسك في فردوس مليء بالفاكهة أهلكت نفسك بعدم الطاعة وهو في طاعة جاء كشخص مائت إلي مسكن حقير صغير حتى بموته يمكن أن يعيد الحياة إلي من مات!
أنت مع كونك إنسان أردت أن تكون إلهًا فضللت! وهو مع كونه الله أراد أن يكون إنسانًا لكي يرد ذلك الذي ضل !
الكبرياء البشرية هبطت بك إلي أسفل لكيما بالاتضاع الإلهي وحده ترتفع إلي فوق!
خالق الزمان يولد في زمن معين! هذا الذي من غير أمره الإلهي لا يجري يوم في مجراه قد اختار لنفسه يومًا لتجسده!
صانع الإنسان إنسان، ووضع من ثديي آمه..!
هذا الذي كان قبل جميع الأجيال والذي بغير ابتداء كان ابنًا لله وجد من المناسب أن يصير في هذه الأيام الأخيرة ابنًا للإنسان!
هذا الذي ولد من الآب وليس بمخلوق أخذ جسدًا من امرأة هو صنعها قبلًا.
صار جسدًا لكي يظهر نجاسات الجسد!
من أجل هذا “خرج العريس من خدره ، وأبتهج مثل جبار ليسرع في طريقه “مز18.
لطيف كعريس وقوي كجبار! محبوب ومرعب! هادئ وعنيف!
جميل للصالحين وجاف بالنسبة للأشرار! ملأ أحشاء أمه! وهو لا يزال باقيًا في حضن أبيه!
أما القديس اكليمنضس الاسكندرى فنجده يقول : هذا الأمر عينه يحصل لنا أيضًا نحن الذين قد صار لنا المسيح مثالًا فإذ نعتمد نستنير وإذ نستنير نتبنى نكمل وإذ نكمل نضحي غير مائتين كما يقول “أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلى جميعكم” (سفر المزامير 82 : 6)، ويدعي هذا الفعل بأسماء كثيرة أعني نعمة واستنارة وكمالًا وحميمًا..
فهو نعمة إذ نترك عقوبات خطايانا واستنارة إذ به نري النور القدوس الخلاصي أعني إننا نشخص به إلي اللاهوت…
وكمال لأنه لا يحتاج إلي شيء وحميم لأننا به نغسل خطايانا..