حين تكمن حياتك أو حياة ذويك في علبة دواء ولاتجدها وإن وجدت كان أحد البدائل الدوائية المستوردة ذات الاثمان الباهظة فإما أن تتسول حقك في الحياة أو تترك لتموت ولاحياة لمن تنادى وفي ظل هذا وتحت عباءة هذه الحيل الاجرامية من الشركات نجد أن المصالح والقوى الرأسمالية قد إلتهمت إحدى أعظم مايحاول المواطن حثيثاً الحفاظ عليه ألا وهو صحته بمداعبة منهم للقوانين فصنعوا من انفسهم مافيا لإحتكار اصناف بعينها من الادوية التي ترعاه المصالح وتدعمه قوى رأس المال دافعة إياه بقوى النفوذ والسلطة وسط غياب السلطة الرقابية للدولة .. لذلك يتبقي عدة استفسارات منها “متى تنتهى أزمة قطاع الدواء في مصر؟ ومتى تتوقف معاناة سوق الدواء ؟ ومن يوقف نزيف خسائر قطاع الاعمال؟ ومتى نصنع أدويتنا دون أن نلجأ للمستورد ؟ ومتى تغلب صحة المريض وحاجته وآلامه على المصالح الشخصية ؟ .. ومن هذا المنطلق سعت وطنى لكشف النقاب ووضع إجابات لجزء من مشكلة كبيرة فألتقينا ببعض أصحاب الصيدليات الصغيرة لنتعرف على مشاكلهم والوقوف علي حقيقة وجود نواقص داخل الصيدليات فتلخص كل كلامهم في عدة مشاكل نوجز أهمها لكم في السطور التالية…
“ضوابط واضحة ”
في البداية قال د/عادل عبد المقصود رئيس شعبة أصحاب الصيدليات بإتحاد الغرف التجارية ان
على المريض أن يبسط يديه إلي السماء ويدعو بالشفاء بدلا من أن يجد نفسه تحت رحمة من لارحمه لديه ، فهناك حالات مرضية معرضة للموت اذ لم تتوافر لها الادوية ولابد أن تقتنع الوزارة بخروج الدواء والمنظومة الدوائية من تحت يديها وإنشاء الهيئة العليا للدواء مثل كل دول العالم المتقدمة فالدواء استثمار لابد ان يعامل بما للاستثمار من ضوابط واضحة ونسبة ارباح واضحة بغير تلاعب، مصرحاً لنا أن هناك حل جزئي تم وضعه مثالا عند رفع سعر الالبومين إلي 312 جنيه و الانتى أراتش إلي 395 جنيه وهناك بعض الشحنات التى ستصل الينا خلال الفترة القادمة .
وعن بدائل مشتقات الدم كالهيومين البومين والانتى اراتش قال لنا “: أتحدى إذا كان لدينا أي بديل مصري لهما لأنها مواد مستوردة تأتى لنا من الخارج وليست لدينا في مصر على الاطلاق أية مصانع لمشتقات الدم”
وفي تصريح خاص لوطنى قال لنا إنه جاري الان بحث انشاء مصنع لمشتقات الدم في مصر يخدم المصريين لافتا إلى أن هذا حل رائع ولكنه مثل كل شئ يأتى بعد تأخر الوقت فنحن لدينا من العقليات الفكرية ماينشئ مصنع كهذا بسهولة ولكن لابد من تكاتف قوى الاستثمار بأكملها.
وناشد عبد المقصود وزير الصحة قائلا إن المنظومة الدوائية ليست هي المسئولة عن تكلفة ومعاناة المريض فالمنظومة تبدأ من طبيب يحول المريض إلى عيادة أو مركز طبي أو مستشفي يتقاضي مايتقاضاه بل وتصل فاتورة الدكتور لـ 500 جنيه وأكثر، والدواء ليس سوى مايقدر بحوالي36% فقط من هذه المنظومة بل وفي ظل ارتفاع الاسعار اصبحت هذه النسبة تتضاءل كل حين ، لذا لابد من اصلاح المنظومة من كل جوانبها ولابد أن تخرج المنظومة من تحت عباءة وزارة الصحة علي ان تحكمها الهيئة العليا للدواء كإدارة مركزية مسئولة عن كل مايتعلق بالشأن الدوائي من شروط ومراقبة واسعار وتصنيع واستيراد وتصدير.
وعن البودرة البيضاء التى تم حظر استيرادها خلال الفترة الماضية قال لنا :”إن المواد البيضاء الآتية من الخارج كانت قد دخلت جميعها للأمانات الجمركية وقد أثر هذا سلباً علي القطاع وعلي كل مستوردى الخامات في القطاع الدوائي مما جعل اصحاب الشحنات يتقدموا بتظلمات لأن مدة التحاليل التى تم اجراؤها علي الشحنات كانت قد اتخذت وقت طويل جداً مما كان يحتم علي اصحاب القرار التفريق بين المواد وإجراء التحليل بشكل اسرع ولايعمم الامر علي كل المواد البيضاء.”
ثم انتقلنا الي نواقص الالبان المدعمة فقال لنا ان الالبان محددة عددها محدد بقيمة الدعم الذي توجهه لها الدولة وكان المحدد لها هذا العام 350 مليون جنيه تنقسم إلى ثلاثة اقسام معها الانسولين وثلاثة أدوية صغيرة أخري ، فهي مقسمة إلي الالبان من اسبوع إلي6 أشهر حوالي 9 مليون عبوة بتكلفة حوالي 70 مليون جنيه بتكلفة للمستهلك 3 جنيه للدعم الكلي و17 جنيه للدعم الجزئي ومن 6 اشهر الي سنه حوالي 10 مليون عبوة بتكلفة حوالي 73 مليون جنيه وللمستهلك بتكلفة 17 جنيه وللاطفال المبتسرين حوالي 9 ملايين عبوة بتكلفة حوالي 90 مليون جنيه وللمستهلك ب 18 جنيه.
وقيمة دعم الانسولين البشري انتاج شركة نوفورديسك وجزء اخر محلي يصل إلي24 مليون جنيه.
لافتا الي أننى حين أقوم بتخصيص مبالغ بعينها للدعم علي ان اراعي أن هناك زيادة مطردة في عدد المواليد كما أن هناك ارتفاعات سعرية في الدولار مما يجعل مبلغ الدعم عاجز ويجعل لازمة تتفاقم مشيراً إلي أن الوزارة قامت بالاعلان خلال الفترة الحالية عن مناقصة للالبان.
مقترحاً تفعيل الكروت الذكية في قطاع الالبان بل وعلي كل القطاعات للحد من الكميات المهدرة والتكلفة ايضاً.
وعن مايعرف بإعادة تدويرالدواء فقد أشار إلى إنها كارثة من الكوارث وجريمة لايجب السكوت عنها فهي جريمة قتل عمد ولابد من أن يأخذ صاحبها أقصي عقوبة ، فالصين مثلا قد نجحت في القضاء علي الغش الدوائي فيها بعد أن قامت بتطبيق عقوبة الاعدام على من توافر لديهم سوء النية فتراجعوا عن أى محاولة للغش ، فلابد من تفعيل قانون صارم والتفكيرخارج الصندوق وإقتناع اصحاب القرار “وزير الصحة ” بالاستعانة حتى بالمهربين والحرامية واصحاب المصانع في القطاع للتلامس مع المشكلات وحلها.
وأشار الي أن العلاج مسئولية دولة والمسئول الاول عنها هو وزير الصحة ، والمستشفيات الحكومية لديها كوادرطبية كبيرة جدا ولكنهم علي حد قوله “غلابة” لسببين أولهما الامكانيات الضعيفة جدا حتى انك قد لاتجد سرنجات داخل المستشفي ولاتتمكن من شراء روشتة دواء من داخل صيدلية المستشفي ، وثانيا هو مرافقتهم للوزير في كل جولاته كما لفت الي شراسة المعاملة من بعض الجمهور الذي اصبح مستعدا لأن يكسر ويحطم ماشاء في المستشفي إذا وجد بعض الاهمال او التجاهل من الدكتور المعالج ، مرجعاً كل هذا الي ضعف ميزانية وزارة الصحة .
وأشار في حديثه الي أن الدواء هو سلعة حكمية تحتاج الي دعاية دور الصيدلي بها لايتجاوز ال 20% فقط مناشدا وزيرالصحة الي النظر الي العيادات ومايحدث بها من بيع للادوية بعيدا عن اعين التفتيش الصيدلي وابتزاز للمرضي ولمندوبين شركات الادوية ليقوموا بتسويق ادويتهم مشددا علي ضرورة تفعيل دور التفتيش الصيدلي علي كل مكان يتواجد به دواء وعدم تحجيم دورهم داخل الصيدلية فقط .
وأضاف في حديثه عن مايعرف بكارثة المخازن التى جائتنا في غفله من الزمن وغير محكم الرقابة عليها حيث أنه قد تم إساءة استخدام القانون لتصبح المخازن هي البؤرة الاساسية لشراء الادوية الغير معروفة وتبيع للعيادات بدون أية فواتير رسمية فتسهم في خلق دائرة فساد جديدة بلا رقابة حقيقية.
وتابع كلامه لافتا الي قصور دور التفتيش الصيدلي في التعامل مع هذه الامور فليست هناك الاعداد الكافية ودوره غير مفعل بشكل كبير كما أنه المفتش يخرج بدون ادنى تأمين من قبل الوزارة مما يعرضهم للاعتداء عليهم والتهديد ولابد أن يتم تفعيل الضبطية القضائية.
كما أضاف في سؤاله عن شركات قطاع الاعمال قائلاً إنها مالم تنقذها القيادة السياسية فسنكتب لها شهادة الوفاة في أسرع وقت فشركات قطاع الاعمال لم يتم تطويرها منذ زمن بعيد والمرتبات بها ضعيفة جداً وليست بحجم الطاقات التى تعمل بها، مشيراً الي أنه طالما ان سلطة اتخاذ القرار تعطي لكل مسئول يأتى دون ضوابط فستظل دوما وابدا سياسة خربة لاتتطور ولاترتقي.
مكملاً حديثا مشيرا إلي قانون حظر الترامادول وادخاله كجدول مخدرات فئة “أ” وكيف أنه قد ظلم المريض ولاسيما مرضي السرطان الذين يتكبدون الكثير جدا من الالام حيث اصبحت مايقرب من 90% من الصيدليات لاتدخل الترمادول بداخلها لأنه اصبح يضعها تحت دائرة الضوء ويفتح أعين التفتيش عليهم مما يضعهم تحت طائلة القانون.
لافتاً الي وجود ظاهرة انتشرت خلال الاونة الاخيرة ألا وهي التهافت علي ايجار صيدليات بداخل المستشفيات لبيع وترويج الادوية المخدرة لأن اعين الرقابة بعيدة عنها وقد ثبت هذا في كثير من الحالات
Wash out ومابعد ال wash out.
التى كانت قد قامت النقابة بتفعيلها خلال الفترة الماضية قال لوطنى :” ده نوع من انواع الضحك
على الذقون” والشركات لابد أن تأخذ ادويتها المنتهية مرة اخري .
وعن الغش الدوائي فقد صرح إلي أن المستهلك لن يتمكن من معرفة الدواء المغشوش ، كما لفت الي بعض الادوية التى بدأ الشباب في استخدامها والتعارف عليها كأدوية مخدرة منها ادوية البرد وقطرات توسيع حدقة العين وبعض الادوية النفسية وادوية الحكة وكل مضادات الحساسية قائلا اننا نحتاج الي قوانين رادعة كما نحتاج الي توعية كبيرة جدا متكاتف من كل جهات الدولة وتغيير السلوك بشكل كامل لأنه طالما وجدت النية السيئة فسيتم استحداث ادوية جديدة كل يوم بين الشباب.
وأما من جهة نقص حقن الانتى ار اتش فقد اشار الي انها توفرت خلال الايام القليلة الماضية مع زيادة سعرية بعد الهجوم الكبير عليهم من قبل د.عادل عبد المقصود رئيس شعبة اصحاب الصيدليات، مضيفاً الي أن نقصها خلال الفترة الماضية هو جريمة قتل متعمدة من قبل المسئولين بوزارة الصحة حيث انها ترفع نسبة الوفيات في المواليد بحوالي من 15% الي 18% أي مايعادل حوالي 4000 حالة.
كما أشار عبد المقصود الي ضرورة تعامل الطبيب والمريض ايضا باسم المادة الفعالة وليس من خلال الاسم التجارى مما سيكشف اننا ليست لدينا نواقص حقيقية في سوق الدواء وكان قد تم تقديم اقتراح بهذا الفترة الماضية ولكن نقابة الاطباء اعترضت علي هذا الاقتراح ، مضيفاً الي أن العالم كله اصبح يتعامل من خلال اسم المادة الفعالة ، كما لابد أن يتم تثقيف المريض بأخذ مايحتاج من الدواء فقط ليوفر لغيره الدواء بدلا من هدره.
ولابد للاعلام من مساعدتنا في نشر الوعي والثقافة بين الشعب ورفع مستوى الثقة بين المريض والصيدلي والصناعة المصرية لتوفير الاستهلاك لتوفير العملة وأضاف الي أننا لابد أن نمنع استيراد السلع الاستفزازية مثل اللبان والياميش الذي نستورده سنوياً ب 5,5 مليار دولار.
وأما عن بدائل ادوية السكر والضغط والقلب وغيره فقال إنه لدينا لكل الادوية حوالي عشرة مثائل بنفس التركيب الدوائي والمادة الفعالة يكون الأول هو الاصلي والباقيين هم مثيل له وكذلك عدد كبير من البدائل الدوائية بمواد فعالة اخرى ولكنها تعالج نفس المرض والحالة ، ومن المستحيل ان يخلو السوق الدوائي من كل المثائل والبدائل ولكننا نحتاج الي وعي من المريض ليثق في الصيدلي.
كما أشار الي موقف النقابة من سلاسل الصيدليات قائلاً أن هناك تحايل علي القانون من البعض فقد استغلوا ثغرة صغيرة عن طريق وزارة الاستثمارباستخراج سجل تجاري لهم بمزاولة المهنة في حين أن القانون الصيدلي ينص علي أن الصيدلي لايملك أو يشارك في أكثر من صيدليتين.
ثم لفت الي اغلاق العديد من القنوات الفضائية بسبب الاعلان عن ادوية غير مصرح لها من وزارة الصحة وتشكل خطر كبير على المستهلك.
وأما عن منظومة التأمين الصحى فقد أشار الي انها منظومة لابد من إعادة النظر فيها بالكامل من الجذور وبناء منظومة جديدة توفر للمريض مايحتاجه من معامله جيدة اولا وعلاج حقيقي وفعال وكذلك عمليات جراحية كما يجب النظر الي الاطباء في التأمين الصحى لما يعانونه.
وأشار الي مشكلة شعبة المستلزمات الطبية لافتا الي أنه من غير الممكن ان تخرج هذه الصناعة من عباءة وزارة الصحة .
كما أضاف الي أن اعداد الصيادلة اصبحت في تزايد كبير ومستمر ولابد من اتخاذ قرارات في الحد من الاعداد التى يتم قبولها في كليات الصيدلة لانها اصبحت اكثر كثيراً جداً من حاجة السوق الفعلية.
وفي نهاية كلامه ناشد وزير الصحة بضرورة الجلوس والاستماع لأهل المطبخ الصيدلي لأنهم الاكثر معرفة بالسوق الدوائي وبحاجات المريض معلناً خوفه المتزايد علي سوق صناعة الدواء
في مصر.
“أزمة النواقص ”
وفي إطار سعي “موقع وطنى” نحو الحقيقة كان لنا لقاء آخر مع الدكتور محمد الشيخ نقيب
صيادلة القاهرة والذي أكد تقريباً كل ماصرح به د.عادل عبد المقصود رئيس شعبة أصحاب الصيدليات فقال لنا : إن الحديث بهذا الشكل عن النواقص الصيدلانية هو أمر يمس سمعة البلد ويرهق اقتصادها وأن هذا ليس سوى نوع من انواع الضغط علي الرأى العام وعلي وزارة الصحة نحو رفع الاسعار فلكل دواء مايكفيه من المثائل والبدائل مؤكدا علي أننا نعانى بالفعل من النقص في مشتقات الدم وهذا علي مستوى العالم بأسره وليس في مصر فقط مشيرا إلي أن الالبومين متواجد في بعض مخازن الشركات والمستشفيات انتظارا لأن يتم رفع سعره فيتم طرحه مرة اخري وهذا كنوع من الضغط.
كما أضاف إلي أن نواقص الالبان هو نتيجة ماينتهجه البعض من تصرفات خاطئة من بيع الالبان المدعمة لبعض شركات الشيكولاته أو الايس كريم بل وأحياناً يتم بيعها لبعض الصيادلة فيذهب دعم الالبان أرضاً نتيجة هذه التصرفات الغير مسئولة .
وتوجه بكلامه الي وزير الصحة بضرورة عمل ورش عمل ودورات تدريبية بأجور رمزية من قبل أساتذة الجامعة لكل العاملين بالقطاع الصيدلي لمعرفة مستحدثات السوق وغيره.
ولفت الي أنه جاري التنسيق خلال الفترة القادمة بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية لحماية المفتشين الصيدليين.
وعن إعادة تدوير الدواء أشار الي أن هذا قد حدث بالفعل بشكل كبير خلال الفترة الماضية وهو ماأثر علي سمعة الدواء االمصري بشكل كبير جداً ويعود الامر في النهاية الي مشكلة المرتجعات التى لازالت الشركات تتلاعب بها ولاتنفذها بشكل حقيقي لافتاً الي أن صلاحية الدواء قد تمتد الي فترات اخري بعد انتهاء صلاحية الدواء وأننا خلال الحرب العالمية الثانية قمنا بتمديد صلاحية الدواء ستة اشهر ثم ستة أشهر أخري ولكن من غير الممكن أن تباع هذه الادوية للمرضي ولكن من جانبي أنا يمكننى استخدامها فلا ضرر من هذا،
كما أضاف الي أن الهيئة العليا للدواء ستقضي علي كل ماتعانيه شركات قطاع الاعمال من مشكلات فهي ستتعامل مع كل مايخص القطاع الدوائي من اسعار واستيراد وتصدير وتدبير وتخطيط وستكون هي الاولي في قاطرة القطاع الصحي.
كما صرح الشيخ لوطنى عن انعقاد مؤتمر الصيدلة والدواء لأول مرة خلال الفترة القادمة في مصر وسيكون خاص بمعوقات التصنيع والتصديروسيتم عمل ورش عمل متكاملة للقطاع بالكامل وسيكون بالتعاون مع وزارة الصناعة والصحة والبحث العلمى تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء.
وعن معوقات الصناعة لدينا أشار إلي اننا لاننتهج سياسة واحدة واضحة لاداخل السوق المصري ولا في السياسة التصديرية ولا من جهة الاسعار مما يعوق صناعتنا الدوائية.
ثم أنهى كلامه بأننا لابد من أن نقوم بتعضيد اقتصادنا وصناعتنا المحلية عن طريق الاعلام
والتوعية المجتمعية.
“المرضى بين الحياة والموت “
وبعد أن انتهينا من حوارنا مع د.محمد الشيخ وفي جولة لوطنى داخل إحدى المستشفيات الحكومية للوقوف علي حقيقة شكوى المرضي علي أرض الواقع ألتقينا ببعض المرضي بمرض الهيموفيليا ومن الجدير بالذكر أن هناك احصائية تقضي بوجود 38000 مريض هيموفيليا أو النزيف الحاد وهي حالة مرضية في جزء كبير منها تتعلق بأسباب وراثية يكون المريض بها معرضا للنزيف الحاد من جرح صغير أو حتى مجرد كدمات يصاب بها أثناء اللعب أو العمل ، وتقول جمعية مرضي الهيموفيليا إن هناك حوالي 250 حالة يتم اكتشافها سنوياً بين الاطفال والبالغين ويعتبر عقار الفاكتور 8 و 9 من أهم العقارات الانسب والانجح لعلاج الهيموفيليا ، وهذا العقار وفقاً لآراء الاطباء يحتاج المريض أن يأخذه بشكل دورى وربما يحتاج أن يتعاطاه مرة وأثنين إسبوعياً ، ومن اللافت للنظر أن المصنع الوحيد الذي كان يقوم بتصنيع الفاكتور في مصر قد تم إغلاقه منذ عدة سنوات وكانت علبة الفاكتور تباع بحوالي 50 جنيه للمريض آنذاك ليصبح المريض أمام خيار من ثلاثة وهو إما أن يلجأ الي الفاكتور المستورد والذي يصل سعره الي 598 جنيه لتركيز 250 وحدة دولية أو 850 جنيه لتركيز 500 وحدة دولية وإما يلجأ الي أكياس البلازما كبديل رخيص اوفيه مافيه من مخاطر وإما أن يتوكل علي ربه ويموت نزفاً أو كمداً وقهراً.
فمن المستغرب أن وحدة إنتاج الفاكتور كانت قد توقفت عن الانتاج منذ مايقرب من 5 سنوات من قبل التفتيش الصيدلي التابعة لوزارة الصحة حتى تستوفي متطلبات الجودة (مواصفات التصنيع الجيد) ولاجديد حتى الآن سوى بعض الردود المطاطة للمرضي.
ومن هنا رصدت وطنى المشكلة مع بعض المرضي لتقف على حجم معاناتهم:
ناصر محمد لايتعدى ال15عاماً يتردد علي المستشفي بشكل مستمرهو وأبيه لينقل له أكياس البلازما والتى لاتوقف النزيف الا بعد عدة أيام فهو غير قادر علي أثمان الدواء الباهظة وليس من يصل بمعاناته لمن يرفعها عنه فهو يعانى آلاماً شديدة جداً فضلاً عما تسببه أكياس البلازما من تآكل في العظام والمفاصل وتعمل علي إعاقته بعد وقت قصير.
ماجد علي مريض هيموفيليا أيضاً غير قادر علي أن يبتاع حقه في الحياة بعلبة دواء فلجأ كغيره لأكياس البلازما والتى نقلت له بدورها فيروس سي فأصبحت المعاناة مضاعفة…وحين تسأله عما يرجوه يقول لك الحمد لله علي كل شئ أنا راضي بحالي.
أما والدة الطفل ياسين …امتزجت دموعها الضعيفه قائلة أن كل العالم يحصل علي الفاكتور بأسعار زهيدة ولكن أين حق أبنائنا في الحياة…لقد صرت أخشي علي ابنى ذو ال10 أعوام حتى من الذهاب الي المدرسة وأمنعه وأنهره مراراً وتكراراً حين يلعب مع أقرانه، فمن يرحم طفولة ابنى.
ياسر علي حالة هيموفيليا أخري ولكن في الجبس هذه المرة…وضع ياسر قدمه اليسري في الجبس لمدة شهر كامل بعد أن أجري عملية فرد لرجله التى تآكلت عظامها ومفاصلها فأصبحت أقصر من رجله اليمنى نتيجة نقل أكياس البلازما لجسده الذي بدأ يتهالك..وببساطة جداً تتضاءل كل أحلام الشباب لدى ياسر كل يوم.
وهذا بالاضافة إلي حالات الغيبوبة الكبدية لنقص الالبومين والحاجة لإبتياعه بأعلي الاثمان ..