احتفلت الكتدرائية المرقسية بالإسكندرية، مساء أمس الاثنين، بعيد ظهور رأس مارمرقس الإنجيلى الرسولى وتكريس كنيسته، وذلك بصلاة العشية التي ترأسها الأنبا ثيؤدسيوس، أسقف عام وسط الجيزة والواسطى وتوابعها، ونيافة الحبر الجليل الأنبا كاراس. يذكر أن الكنيسة تحتفل بتذكار تكريس كنيسة القديس البتول مار مرقس الإنجيلى كاروز الديار المصرية، وظهور .رأسه المقدس بمدينة الإسكندرية
مزار الآباء البطاركة بالكنيسة المرقسية بالاسكندرية
يقع المزار في منتصف الكنيسة من الناحية الجنوبية، نجد مدخل المقبرة الأثرية الشهيرة التي تضم رفات الآباء بطاركة الكرسي السكندري في الألفية الأولى. فأثناء إعادة بناء الكنيسة وتوسيعها بين عامي 1950م و 1952م، تم عمل هذا المدفن للآباء البطاركة وتم تثبيت لوحة رخامية كبيرة بجانب المدخل مكتوب عليها أسماء الآباء البطاركة باللغات القبطية والعربية والإنجليزية، خلفاء القديس مرقس الرسول حتى منتصف القرن الحادي عشر (1066م) عندما نقل البابا خريستوذولوس مقر البطريركية إلى القاهرة.
ويقع حاليا باب هذا المزار داخل الكنيسة في منتصف الحائط القبلي أسفل المنارة القبلية.. والسلم ينزل إلى سرداب، تحت مستوى أرضية الكنيسة الحالية بحوالي سبعة أمتار، يؤدي إلى مدخل المغارة وهي مغلقة في نهايتها برخامة مثبتة بإحكام.
وفى عام 1968م، تم عمل رسم حائطي بالفسيفساء، عبارة عن أيقونة لمار مرقس فوق باب المزار، مع مجموعة متتالية من الأيقونات الموزاييك أيضًا في صحن المدخل، تروي قصة حياة القديس مرقس وكرازته واستشهاده.
جسد مارمرقس:
ظل جسد القديس مارمرقس ورأسه معًا في صندوق واحد حتى سنة 64 م حتى دخول العرب مصر، وكان “المقوقس” هو البطريرك الملكي والحاكم المدني في نفس الوقت. فلما خربت واندلعت النيران في عدة كنائس وديارات ومن جملتها كنيسة مارمرقس، حدث أن حاول أحد البحارة أثناء الحريق سرقة رأس القديس، فخبأها سرًا في سفينة، ولما عزم عمرو بن العاص على مغادرة الميناء بجيشه لم تستطع تلك السفينة أن تتحرك رغم الجهود الكبيرة التى تمت لتحريك السفينة، وعندئذ اعترف البحار بجريمته وقام وأحضر الرأس المقدسة، وفي الحال تحركت المركب فلما رأى عمرو بن العاص هذه الآية العظيمة اندهش جدًا وأرسل في طلب بابا الإسكندرية الشرعي ليستلمها منه، وكان وقت ذاك هو الأنبا بنيامين الـ38 ، فوجده مختفيًا في الصعيد بسبب مطاردة الملكيين له ، فكتب له يستدعيه ويطمئنه، وعندما حضر استقبله وأكرمه إكرامًا عظيمًا، وسلمه الرأس المقدسة كما أعطاه عشرة آلاف دينار لبناء كنيسة عظيمة تليق بصاحب هذا الرأس، كما أمر بتسليمه كنائسه المغتصبة وكان ذلك في 30 بابه سنة 644 م.
سرقة الجسد مارمرقس:
ظل الرأس في حوزة الكنيسة المرقسية، بينما الجسد في حوزة الملكيين إلى أن تمت سرقته حوالي سنة 828 م، بيد بعض الفرنج من فينسيا الذين احتالوا على القائمين بحراسة الجسد من الروم الملكيين، وخبأوه في السفينة ثم غادروا الميناء قاصدين البندقية. وهناك استقبلهم أهلها بفرح شديد واحتفال مهيب وبنوا له كاتدرائية فخمة في بلدهم، وأودعوه فيها وأطلقوا عليه “الأسد المرقسي” كما اتخذوا أسد رمزًا لهم.
عودة الجسد:
وظل الجسد هناك حتى سنة 1968 م، حتى طالب المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس بإعادة رفاته بمناسبة مرور تسعة عشر قرنًا على استشهاده. فعاد الكاروز متهللًا بعد غيبة طويلة تقدر بعشرة قرون تقريبًا، وكان البابا الراحل في مقدمة المستقبلين له في المطار.
وحمل البابا الصندوق الذي يحمل رفات القديس على كتفه في بهجة ووقار، وكان قد أعد له كاتدرائية فخمة، بل هي أكبر كاتدرائية في القطر – كاتدرائية القديس مرقس بالعباسية ووضع الجسد المقدس في مقصورة خاصة تحت الهيكل.
تقليد احتضان الرأس عند رسامة البطاركة
يذكر التاريخ تقليدا كان متبعا في رسامة الآباء البطاركة أن يخرجوا الرأس. وبعد أن يضعوا عليها الأطياب والحنوط يلفونها بلفائف غالية ويحتضنونها للتبرك بها وطلب شفاعة صاحبها والتعهد أمامه بالسير على خطاه في المحافظة على القطيع، وإرساء سبل التعليم المستقيم.
وظل هذا التقليد نافذ المفعول والرأس محفوظًا في كنيسته حتى القرن الحادي عشر. وللخوف على الرأس المقدسة من السرقة أخذت تنقل بين بيوت الأعيان فترة من الزمن، ولما ظهرت قيمتها للحكماء وأصبحت مجالا لسلب أموال الأقباط تحت التهديد بأخذها أو بيعها اضطرت الكنيسة في عهد البابا بطرس الـ104 ، أي في بداية القرن الثامن عشر أن تبطل طقس احتضان الرأس المقدس، ووضعتها مع جماجم أخرى في جرن من رخام في الجهة البحرية الشرقية بالكنيسة المرقسية الحالية حتى لا يمكن الاهتداء أو التعرف عليها ولا تمتد يد السارق إليها.