فى يناير2011بعد خطاب مبارك الذى قال فيه أنه لن يُغادرمصرسمعتُ نكتة ملخصها ترحيل شعبنا إلى سويسرا والنفقات من حساب مبارك. وفى يونيو2013 تجدّد الإبداع الساخر، فسمعتُ نكتة عن مشاجرة بين مواطن وآخرإسلامى هدّد بإقامة الحد فرد عليه ((تقيم الحد تقيم الاتنين أنا مش خايف منك) وآخرسخرمن الرئيس الاستبن قائلا أنّ سائقا انفجرالكاويتش من سيارته فأحضرالاستبن فإذا به (مفسى) وبعد خطاب مرسى مساء 2 يوليوالذي كرّرفيه كلمة الشرعية عشرات المرات سمعتُ جاري في الميدان يقول (ياترا شرعية باللبن ولاشرعيه ساده) وعندما سألته عن المغزى قال (فيه شعريه باللبن وشعريه أورديحى) ولأنّ أسلوب مرسى هو أسلوب مبارك.. قال آخر(الاتنين متخرّجين من الأكاديميه الأمريكيه للأغبيا) ولأنه تجاهل القتلى على يد جماعته بل والتحريض على المزيد من القتلى قال ثالث (اللى ما بيشوفش من الغربال يبقا أعمى) ويرى علماء المصريات أنّ السخرية المصرية تمهيد للثورة على الظلم.
عثرعلماء الآثارعلى الكثير من البرديات والجداريات تشهد بوجود فن الكاريكاتير فى مصرالقديمة. ففى بردية تعود للأسرة 22 حواربين أعضاء الجسم والرأس الذى يقول (أنا الشعاع الذى يحمل الأشعة ويُخضعها) فيتهمه أعضاء الجسد بالغرور. ومغزى القصة إدانة لحاكم الإقليم.
وفى قصة (الخصومة بين ست وحور) يرمز(حور) لمصر و(ست) للهكسوس وكان تعليق سليم حسن أنّ القصة رمزية تـُمثل (النضال بين الشمس والظلام)
وتصل السخرية من الحكام لدرجة العثور على بردية من الأسرة 18 بها فرقة موسيقية يقودها حمار يلعب على الهارب، والأسد يقف وراءه ويعزف على القيثارة وبعده تمساح يعزف على العود بينما يعزف القرد على آلة الناى المزدوج.
ومن إبداعات فن السخرية لوحة تجمع بين أسد وحمار، وهما يلعبان الشطرنج ويبدو على وجهيهما التفكير العميق.
وفى فن الجرافيك العديد من اللوحات الساخرة من حكام الأقاليم. وفى بردية أخرى خاطب كاتبها الإله آمون ويُحرّضه على اتخاذ موقف من الغزاة فيقول له (ما قيمة هؤلاء الآسويين عندك يا آمون) وقال الفلاح (خنوم آتوب) فى شكواه للملك (أقم العدل. العدل ميزان الحكم. عامل الناس بما تحب أنْ تـُعامل به. إنّ المجرم قد يكون قاضيًا. لسان الإنسان قد يُسبب له الكوارث. احترس من حاشيتك. إنّ مثلك مثل بلد لاعميد له. أوجماعة لا رئيس لها. أوسفينة لا ربان لها. أو عصابة أشقياء لا مرشد لها. إنك حاكم يسرق وعميد قرية يقبل الرشوة. ومفتش مسئول يجب عليه قطع دابرالتخريب فإذا به مثالا للمجرم)
إنّ قصة شكوى الفلاح الفصيح (وهى واقعة حقيقية) نستخلص منها التشابه بين القديم والحديث مثل (العدل أساس الملك) وقال الحكيم (آنى) لابنه (ابتعد عن أهل الشر) وعبّرعن نفس المعنى بشكل أكثرتحديدًا فقال (إبتعد عن أهل السلطة تسلم) وفى عصرنا الحديث نقول (إبعد عن الشروغني له)
وهناك الكثيرمن الأمثال التى عبّر فيها مبدعها الأمي على رفض الظلم الذى يُسبّبه أى نظام مستبد مثل (حاميها حراميها) و(جبناكي يا حكومه تحمينا حمّيتي النار وكويتينا) وهي منذ العصر الوسيط واستمرتْ حتى وقتنا الحالي.
وفى عهد الحكم الرومانى حرّم الحكام على المحامين المصريين أنْ يُدافعوا عن موكليهم نظرًا لشهرتهم فى التهكم والسخرية من الحكم الروماني والقضاء الروماني.
وسخرشعبنا من (قراقرش) وكان من بين الأسماء التي أطلقتْ عليه العقاب والنسر الأسود ، وذلك لشدة ظلمه. نشأ فى خدمة صلاح الدين الأيوبي وناب عنه فى بعض الأحيان. نسب إليه المؤرخون أحكامًا بها الكثيرمن التعسف والشطط مثل منع أكل الملوخية وغيرها من الأحكام. وألف ابن مماتى كتابًا عنه بعنوان (الفاشوش فى حكم قراقوش) عبّر فيه عن شعور شعبنا بالظلم.
أما صلاح الدين الأيوبى فإنّ المصرى عندما يريد أنْ يسخر من شخص ما يقول له (بطل استكراد) نظرًا لجنسية صلاح الدين الكردية، أو يقول (فلان استكرد فلانـًا) فى اسقاط على صلاح الدين. وألف محمد بن دانيال (ح 1248- 1311) وهو طبيب مصرى، تمثيليات خيال الظل. وفى تمثيلية (طيف الخيال) صوّر فيها الجندي الأجنبي الظالم ب (زير نساء) ثم أقنعته (الخاطبة) بالزواج ومدحتْ له العروسة. وفى ليلة الزفاف رفع النقاب عن وجهها فاكتشف أنها قبيحة.
وفى القرن 17 ظهرالشيخ يوسف الشربينى صاحب كتاب (هز القحوف فى شرح قصيدة أبى شادوف) صوّر فيه حياة الفلاح، وسخر من سلبيته وسذاجته. وأخذ عليه بعض النقاد مغالاته فى العبث والمجون والتندر. وذكرأ. أحمد أمين أنّ كتاب (هز القحوف) خصب جدًا من الناحية الاجتماعية. خاصة وصفه لبؤس الفلاحين. وكما سخر من سذاجة الفلاح سخر من رجال الدين، فألف بعض النظم المسجوع على طريقة خطب يوم الجمعة ومنها (أما بعد. فيا أيها الناس مالي أراكم عن العسل غافلين. وعن الأرز المفلفل باللحم الضاني تاركين. وعن الصواني مُعرضين. وعن الدجاج المحمّر لاهين. نسأل الله أنْ يمن علينا وعليكم بالأطعمة الفاخرة وأنْ يرزقنا وإياكم الراحة فى الدنيا والآخرة) وفى نظم آخر كتب (الحمد لله مُزيل الحَزَنْ. ومُزيّن الأرز باللبن. وأشهد أنّ اللحم الضاني سيد الأطعمة ومُصلح البدن. واعلموا أنّ القشطه لا تـُتركْ وأنّ المهلبية أحسن وأبركْ) وختم بالدعاء التالى ((اللهم أهلك الثلاثة الفجار: الفول والعدس والبيصار) ونظرًا لظلم الحكام إبان الخلافة العثمانية وحكم السلاطين، ذاع مثل مصرى (اللى يشرب من مرقة السلطان تتحرق شفته) وكذا آخرة خدمة الغز(الغزاة) علقه ويُقال بصيغة أخرى (آخرة خدمة الغزسكينه فى ضهرك)
وأثناء الاحتلال الإنجليزى انتشرتْ نكتة تسخر من عمدة نزل إلى القرية ومعه الخفير. جلسا في مقهى. نظرالعمدة إلى المرآة. رأى وجهه ووجه الخفير. جاء الجرسون فطلب 4 شاى.
وفى عهد عبد الناصر أثناء إختفاء الأرز وارتفاع سعره. مواطن يحمل كرنبه سأله جاره (ح تحشيها بإيه؟ قال : كفايه وعدل.
وبعد الهزيمة التى لحقتْ بجيشنا فى عام 56 واحتلال مدن القنال تم تهجير الأهالي وتوزيعهم على قرى ومدن مصر. وكان من نصيب بعض أهالي السويس تهجيرهم فى بعض قرى كفرالدوار، فكان أنْ أبدع أحد الأميين الموال التالي ((علا فين يا وابور(القطار) ح تودينا / لما ودونا كفرالدوار/ وبيّتونا ( نيّمونا) ع التلتوار(الرصيف) ويستمرمؤلف الموال فى السخرية فيقول ((شفتْ ناموسه بتجر حمار/ ومن البكا دبلتْ عينينا/ علا فين يا وابور ح تودينا ؟
وهكذا تتأكد صحة نظرية أنّ الشعب الساخرلا يستسلم وأنّ السخرية تمهيد للثورات.