مع بدايات مارس من هذا العام بدأنا رحلتنا مع الطفلين أندرو وبطرس…رحلتنا معهما-كما تعلمون-لم تكن تحتمل التأجيل…وهي أيضا رحلة طويلة فتكاليف علاجهما كبيرة ويحتاج تجميعها إلي وقت أطول…ولأنهما استأثرا بحب القراء فقد فرضنا نفسيهما في لقائنا الأسبوعي مع الأصدقاء…وكان الحديث عنهما هو موضوعنا الذي لم يتوقف طوال الأسابيع الماضية…لكن هذا في الحقيقة لك يكن يعني أن رحلتنا معهما ليست هي الرحلة الوحيدة طوال الشهور الماضية فما أكثر المتعبين وثقيلي الأحمال الذين يطرقون بابنا كل يوم ولا نستطيع إطلاقا أن نتخلي عنهم ولا أن تتوقف رحلاتنا معهم أيضا…كما أن أصدقاءنا صناع الخير-بإدراكهم الحسي- كانوا يدركون أننا في رحلات مستمرة مع المرض إلي جانب رحلتنا معأندرو وبطرس تشهد بهذا قوائم التبرعات لـصندوق الخير التي ننشرها إلي جانب قوائم تبرعاتعلاج أندرو وبطرس..وأذكر أنني خلال رحلتنا معأندرو وبطرس توقفت لمرات قليلة وحدثتكم عن الأمنعيمة التي قدمنا لها طرفا صناعيا لقدمها المبتورة…وحدثتكم عنمخلوف خلف الرجل الذي جاء من الصعيد لنجري له جراحة دقيقة بالعمود الفقري استغرقت6 ساعات وأنقذته من الشلل وعدم الحركة …وإلي جانب هؤلاء عشرات من الأصدقاء الذين أصطحبناهم في رحلات العلاج ولم أحدثكم عنهم…لكن هذا الأسبوع لم أستطيع أن أخفي عنكم قصة الأبن جوزيف.
**إلي وطني جاء الأب مجدي حليم حاملا علي كتفيه مأساة ابنه التي أثقلته لسنوات طويلة ولكنه أبدا لم يئن ولم يشكر من تعب…هو هو الأب الصامد يحمل بصبر وفي أمل مأساة ابنه متنقلا يطرق كل الأبواب إلي أن جاء إلي بابوطني..لأكثر من ساعة جلست أستمع إليه…في الحقيقة هو لم يكنيحكي…كان يسترجع شريطا طويلا من رحلة عذاب مع ابنه الشابجوزيف الذي احتفل يوم زيارة الأب لنا-17يونيو-بعيد ميلاده الثامن عشر,وهو ما رأي فيه الأب أن الرب دبر أن يبدأ مع هذا اليوم بداية حياة جديدة بعد طفولة تعيسة …لم تتوقف دموع الأب وهو يسترجع شريط طفولة ابنه وبدايات شبابه…وكانت دعوته لناأرجوكم..أنقذوا ابني هي القنبلة التي فجرت السكون,وحركت القلم ليواصل الكتابة عن المتألمين الذين حجبهم عنكم الحديث المستمر عنأندرووبطرس.
**حديثنا اليوم…عن صرخة أب فقد ابنه السمع تماما بأذنه اليسري,ولم يعد باقيا من حاسة السمع بالأذن اليمني إلا القليل وهو مهدد أيضا بفقدان السمع في هذه الأذن…المأساة بدأت عندما كان الابنجوزيف في الثانية من عمره…أصيب ككل الأطفال بسخونة,ولا يتمالك الأب انفعالاته وتنساب دموعه بغزارة وهو يتذكرحقنة الجاراميسين التي أثرت علي العصب السمعي…وبقدر ما كان الصغيرجوزيفيجذب كل الأنظار بشقاوته وذكائه اللذين كانا يسبقان عمره الصغير,بقدر ما بدأ يفقد كل هذا…حتي رنينجرس الباب الذي كان يتهلل لسماعه لم يعد يحرك له ساكنا…وهنا أدرك الأب أن شيئا أصاب الابن.
**طاف الأب بالابن علي أطباء الأذن ومراكز السمع والكلام…النتائج واحدة…العصب السمعي تأثر ولا حل أمام الطفل الصغير إلالبس سماعة تساعده علي السمع وبالتالي علي الكلام..كان صعبا علي الأب أن يواجه هذه الحقيقة…لم ينقطع الأمل من قلب الأب المجروح ولكن الأيام مضت ولا تقدم…وعندما بلغ جوزيف الرابعة كان علي الأب أن يواجه الحقيقة المؤلمة…وبدلا من أن يلتحق الابن بالمدرسة كأشقائه كان الأب يصحبه كل يوم إلي جمعية الصم والبكم,وعندما بدأ الصغير يندمج مع زملائه من ضعاف السمع كان لابد له أيضا من سماعة…ويتذكر الأب وهو يتنهد أول سماعةأتيكون180 صرفها من التأمين الصحي عام2001 ووضعهاجوزيف خلف أذنيه الصغيرتين وهو في الرابعة من عمره…لم تكن من الجودة التي تتيح لها الاستمرار…عامان فقط وفقدت السماعة دورها,ولأن التأمين الصحي لايقدم إلا سماعة كل ثلاث سنوات اضطر الأب إلي عمل سماعة علي نفقته…واستمر الحال هكذا حتي اليوم كل عامين يتبادل الأب مع التأمين شراء سماعة جديدة للابن…لم تكن هذه هي المشكلة ولكن المشكلة في ذكاء الابن الذي فاق زملاءه,ونصحت-مديرة جمعية الصم والبكم-الأب بأن يلحق ابنه بمدرسةالزهراء وهي مدرسة خاصة لتعليم الصم والبكم ولكنها بإمكانيات أكبر تتواكب مع ذكاء الصغير الذي شاء قدره أن يمنحه الذكاء ويسلب منه السمع فكاد يتمزق بين الاثنين…ويلاحقه الأب برعايته واهتمامه ففضلا عن إلحاقه بالمدرسة كان يصحبه الأب ثلاثة أيام إلي جمعية السمع والكلام في كورسات تخاطب.
**بشائر اهتمامات الأب بالابن ورعايته له في حنو بدأت تظهر عندما جاء عام2003 وحصلجوزيف علي الابتدائية بتفوق,وأهله مجموعة والتوزيع الجغرافي لإقامته لالتحاقة بمدرسةالطبري الإعدادية وهي من أرقي المدارس ولا يلتحق بها إلا الطلاب النابغون…فرح الأب بتفوق ابنه,وتصور أن القدر أراد أن يكافئه مرة أخري…لكن للأسف ضاعت الفرحة بعد أيام قليلة عندما استدعي ناظر المدرسة الأب وطلب منه نقل ابنه إلي مدرسة أخري لأنه لن يستطيع التأقلم مع زملائه وملاحقتهم في الاستيعاب…نظر الأب إلي السماعات المعلقة بأذني ابنه وهو يتمزق…أحس بعذابه زملاء الأب الذي يعمل مدرسا بإحدي المدارس الإعدادية بالشرابية,وفي شهامة المصريين أنهوا إجراءات تحويل الابن من مدرسة الطبري إلي مدرسة أبو بكر الصديق..لكن المشكلة ظلت تلاحقه…يصعب الاندماج مع باقي الطلاب مهما توفرت له كل سبل الرعاية من الأب وزملائه…لم يعد مفرا من أن يعود جوزيف إلي مدرسة لضعاف السمع…مصادفة أن مدرسة خاصة لضعاف السمع-مديحة قنصوة-كانت قد بدأت في قبول ضعاف السمع والكلام لمراحل التعليم الإعدادي والثانوي…وجاءت الفرصة ليواصلجوزيف نبوغه والتحق بقسمالحاسب الآلي وهو يستعد الآن للانتهاء من دراسته الثانوية في هذا التخصص…لكن المشكلة التي تلاحقه أن قدرته علي المسع بدأت تقل…والأكثر أهمية وخطورة أن طبيبا حذر الأب من السماعات قليلة التقنية التي يقدمها له التأمين الصحي,وأرجع إليها السبب في تراجع قدرته علي السمع…وبقلب الأب المجروح علي ابنه جاء الأب يصرخأنقذوا ابني قدرته علي السمع تزداد سوءا ولا أعرف كيف أنقذه؟!
**صرخة الأبأنقذوا ابني هي التي حركتنا إلي رحلة جديدة علي طريق الخير…خطوات رحلتنا وتفاصيلها سأحدثكم عنهاالأحد القادم وأكتفي اليوم عند هذا القدر من القصة وأنا أقف تقديرا وإجلالا لهذا الأب وأنا أتساءل:لماذا تتغني الكتابات بالأم وحنانها,وتدمع الأفلام المبدعة سيولا من حبر الكلام الشاعر بالأم وقلبها الرؤوف,بينما تتكاسل وتخور قواها فيما يناظرها من عطف الأب وحنانه…الآن مرحبا بكلمات حق وتقدير لأب أعطي الحب والحنان والرعاية والاهتمام لابنه…فلتصدح كل الأبواق له ولكل أب يعطي…ولتكتب كل الأقلام وتبدع للأبوة…وأنتم أيها الأحباء-أصدقائي القراء-معذرة…أردت أن أحدثكم عن الابن فحدثتكم عن الأب لأنه يستحق…وانتظرونيالأحد القادم سأحدثكم عن رحلتنا مع الابن حوزيف.
فيكتور سلامة
———————-
صندوق الخير
المبلغ
3000 فاعل خير محب لأمنا العذراء
500 من يدك وأعطيناك
1000 علي روح المرحوم سعد يوسف
1000 من يدك وأعطيناك
1000 من أحباء وطني
200 طالبين شفاعة الأنبا ميخائيل بأسيوط
500 طالبين شفاعة الست العذراء بأسيوط
1000 علي روح المرحومة إيفون لمعي بسطا بأسيوط
200 طالبين شفاعة القديسين العذراء مريم
8000 أولاد العذراء بواشنطن
200 علي روح المرحوم سيداروس غطاس
200 صديق من العريش
1500 ديفيد بأسيوط
1500 ديفيد بأسيوط
250 يسوع يقدر بأسيوط
50 مذبح الصلاة مينا وماريان بأسيوط
50 جاكلين ومينا وبيتر بأسيوط
200 طالبين صلوات أنبا ميخائيل
————————-
20350 عشرون ألفا وثلاثمائة وخمسون جنيها لاغير
———————-
لعلاج أندرو وبطرس
المبلغ
500 من يدك وأعطيناك
2000 طالب شفاعة من جرجا
700 طالبين شفاعة الأنبا كاراس بأسيوط
300 فاعل خير
300 من يدك وأعطيناك
1500 من يدك وأعطيناك
500 من يدك وأعطيناك
200 ماجد مرقص
65000 فاعلة خير بالإسكندرية
3000 من يدك وأعطيناك
3550 من يدك وأعطيناك بأسيوط
—————
77550 سبعة وسبعون ألفا وخمسمائة وخمسون جنيها لاغير