المحن أكبر عدسة في الوجود .. تكشف لنا المحبين والمخلصين والأوفياء .. وتطرد من حياتنا الغادرين والكارهين والخائنين .. تفضإنها المحن أيا كانت وأيا كان ما تحمله لنا من مرض أو ألم أو عوز .. أنها المحن بوجهيها السلبي والإيجابي .. إنها المحن التي حيث تحل يكون الاختبار الحقيقي للوفاء .
تعرض عم عبد السيد لمحنة كشفت له أقرب الأقربين ..أزاحت الستارعن فصل من الغش في حياته .. بعدما تخلت زوجته عنه في ضيقته .. تحت دعوي خوفها علي ابنتيها .. عبد السيد رجل عجوز لا تسعفه أذنياه في سماع طلبات الناس .. كان يعمل بائعا متجولا يطوف الشوارع من أجل بضعة جنيهات يحصدها في نهاية اليوم ربما يجد ما يسد جوعه ويسدد فواتير الكهرباءوالمياه والإيجار وشراء الدواء .. لكن دوام الحال من المحال .. وبدلا من بحثه عن حصار لمشكلة السمع فقط فوجيء بإصابته بفيروس سي .. لم يكن عبد السيد رجلا وحيدا .. إنما عائلا لأسرة وله ابنتان وزوجة..أخبر زوجته بإصابته – التي اكتشفها في حملة صحية للكشف عن المصابين بالفيروس – لم تمهله زوجته الفرصة – حتي للشكوي – لم تستمع له بل تركته ومضت إلي بيت عائلتها .. ثم عادت مساء والغدر قد استقر في نيتها.
سكن عبد السيد إلي فراشه نائما نوم العجز لا نوم الراحة .. ساعات معدودة واستيقظ ليجد بيته خاويا من أسرته الصغيرة .. ومن كل ما خف حمله وغلا ثمنه.. وحينما رحل خلف رحيل فلذات كبده وانطلق في جنون إلي بيت أسرة زوجته .. أطل والد زوجته من نافذة الباب ليخبره أنه لا يمكن أن يحيا معهم فالعدوي قد تنتقل إليهم .. وها هم قد تركوا له المنزل .. لم يكن الذهول سيد الموقف فالمقدمات علي مدار عمر عم عبد السيد كانت عديدة بحيث يمكنه توقع الغدر منها .. كان البكاء بطل المشهد .. حرقة الفراق واقتطاع جزء منه فجأة بسبب مرضه .. وصدق الرجل في الحجة كي يرضي بالأمر الواقع .. صدق في الغدر كي يحمي نفسه من الشعور بالذنب إذا ما وقع المحظور .. صدق أن رحيلهم حماية لهم ..ورحل عنهم كما رحلوا عنه.
وانشقت الأسرة وصار وحيدا ..ومرت الأيام ولم يعد لابنتيه وزوجته أي وجود في حياته .. يحيا علي المساعدة من الجيران وأهل الخير . يرضي بأي لقمة وأي هدمة وأي مساعدة لا يتلقي العلاج … فلمن يحيا ولماذا يطلب الشفاء؟؟ .. زهد في كل شيء .. لكن لم تزهد المآسي في زيارته أبدا .. إذ تراكم عليه إيجار السكن .. الذي لا يتعدي 200 جنيه كل شهر .. لم تعد يقوي علي العمل حتي يسدده .. لم يعد لديه فرصة للعمل أيضا بعد تدهور حالته الصحية … جاء بعدما أرشده بعض رواد افتح قلبك طالبا سداد الإيجار .. قررنا إجراء بحث حالة لعم عبد السيد .. وذهبنا إليه .. وجدنا منزلا تهالكت حوائطه بفعل الزمن .. وغرفتين وصالة شبه خاويتين .. لا أثاث .. لا أجهزة .. لا حياة .. كل ركن ينطق بالجمود والتخلي ..كل تفاصيل الغدر تسكن جدرانه وألوانه .. جاء الرجل طامعا فقط في استقراره بمنزل لا يحمل منه إلا الألم لكنه يستره من التشرد.
بعد الزيارة جاء عم عبد السيد مرة أخري مصطحبا شابا رسم الشقاء علي وجهه كل عذابات الزمن .. هذا الشاب ابن شقيقته .. ساءت ظروفه وسكن معه .. لعنة الفقر تلاحقهما .. إذ كان الشاب الذي يجهل حتي القراءة والكتابة – يعمل في موقف سيارات سايس- علي باب الله , لكن في مشاجرة بين السائقين أصابته ضربة فكسرت ساقه .. وحينما عاد – بعد شفائه – لنفس المكان لم يجد من يسمح له بالعمل .. حتي الأرزقي مش عارف يسترزق .. ذهب الشاب واستقر إلي جوار خاله ..كلاهما عاجز ومعدم ولا مستقبل له .. ثم خطر علي باله أمر . إذ كان لديه محل تجاري – متر في مترين – في أحد الأماكن المجاورة لموقف أتوبيس .. فكر أن يشيد نصبة شاي وقهوة .. وحينما استفسر عن الأمر فوجيء أنه يحتاج إلي 2500جنيه ليبدأ ولكن من أين له المال .. كان لديه أمل أن يضع همه علي هم خاله ويعملان في سلام بعيدا عن المشاحنات وبعيدا عن التسول لكن 2500 جنيه تعطل أملهم في الستر .. 2500 جنيه قد ينفقها البعض في غدوة أو عشوة في أحد فنادق القاهرة .. 2500 جنيه قد تشتري فستانا علي آخر موضة .. لكنها بالنسبة لهذا الشاب وخاله تشتري الحياة والستر من العوز والتسول في الطرقات .. فهل تسترهم أيادي الحب؟
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
250 جنيها طالبين شفاعة البابا شنودة بأسيوط
200 جنيه طالبين شفاعة القديسة العذراء مريم
8000 جنيه أولاد العذراء بواشنطن
200 جنيه طالبين شفاعة القديسة العذراء مريم
2000 جنيه بنت المسيح
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
250 جنيها طالبين شفاعة البابا شنودة بأسيوط
200 جنيه طالبين شفاعة القديسة العذراء مريم
8000 جنيه أولاد العذراء بواشنطن
200 جنيه طالبين شفاعة القديسة العذراء مريم
2000 جنيه بنت المسيح