لنا أن نبحر بالخيال إلى بداية القرن الأول للميلاد… كانت العذراء مريم على موعد مع مصر والمصريين… الملاك يظهر ليوسف النجار ويدعوه ن يأخذ الصبى وأمه ويهرب من الناصرة إلى مصر… وكانت مصر المكان الذى خصته السماء ليكون ملاذاً للسيد المسيح أمه ن بطش الطغيان… ولتبدأ الصفحة الأولى فى تاريخ مسيحيتنا… ولتتحقق نبوءة هوشع النبى لضاربة فى عمر الزمان إلى 772 عاماً قبل الميلاد” من مصر دعوت ابنى”… ونعود بالخيال وتتراءى أمامنا صورة ركب العائلة المقدسة، أم وطفلها على دابة يقودها رجل كهل عليه سمات السلام والوداعة، وسيدة- سالومى- تتبعهم أينما ساروا فى أرض مصر وسط المعابد الوثنية فتتساقط الأوثان، وتتبارك تتقدس كل الأماكن التى مرت بها وتبنى فوقها الكنائس والأديرة وترتفع منها الصلوات والابتهالات والتراتيل.
** وتمضى الأيام والسنون وتعود العذراء إلى مصر فى القرن العشرين لتضيف مجداً جديداً إلى أمجاد الكنيسة القبطية، وتتجدد مباركة مصر.. مباركة مصر الأرض”كجنة الرب كأرض مصر”، ومباركة مصر الشعب” بارك شعبى مصر”.
** عادت العذراء من أجل النفوس العطشى إلى لبر والخير والحق والمحبة والسلام…
عادت من أجل النفوس الجريحة التى مزقها الحزن وسحقها الألم…
عادت من أجل الأفكار الحائرة بين العقائد والهرطقات…
عادت من أجل الأواح الهائمة وراء المجهول تنشد الحقيقة…
عادت من أجل المعذبين بالأسقام والأمراض وأثقال الجسد وعجز الطب والعلم…
عادت من أجل المخدوعين وراء الغنى الكاذب والنور الباطل الأجوف…
عادت من أجل صرعى الشر وضحايا الخطيئة وعبيد المذلة والعار…
عادت من أجل هؤلاء وغيرهم ومن أجل هذا كله وغيره أشقت فى تألقها ابهى على قباب الزيتون وبابادبلو وأسيوط.. وتألقت بتجلياتها فى الزيتون 1968… وظهوراتها فى بابادبلو 1986، وإشراقاتها فى أسيوط2000…. وكانت “وطنى” هناك… وسطرت على صفحاتها كل التجليات والظهورات والإشراقات.
** وفى عام 1986 تراءت العذراء عى ضفاف بحر الفقر فى أوجاع الغلاء تعد للأذهان قول الرب” ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”.
** فى عام 2000 تراءت العذراء على ضفف بحر التعصب فى أوجاع الاضطهادات لكى تكتمل لا الآية” فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم”.
** وكما ارتجت أصنام مصر فى القرن الأول للميلاد والعذراء مريم وركب العائلة المقدسة بقطع الطريق تحقيقا لنبوءة إشعياء النبى” هوذا الرب راك على سحابة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها”… أيضا ارتجت أصنام الحياة لمادية المعاصرة عند عادت العذراء إلى مصر، وحملت للإنسان المطحون بطغيان المادة العنيف الأمل والرجاء وإشراقات من المجد المعد ه حتى يفيق ويصحو.