المصريون في المجمل شعب طيب متأصل الجذور تأسرهم كلمة فيفرحون وتثيرهم كلمة فيغضبون، عندهم فراسة، يحتملون المشقات وقسوة الحياة وهم من الشعوب المتدينة حتى قيل إبان الحملة الفرنسية على مصر”(1798-1801) اضغط ماشئت على المصري فلن يئن طالما لم تمس شيئين إثنين: عقيدته وشرفه” هذا ما أقره علماء الحملة ممن درسوا أحوال المصريين رغم قصر عمرها الذى لم يمتد لاكثر من ثلاث سنوات.
حتى الدين لم يفرق ومازال بين مسلم ومسيحي ففى أوقات الموالد( السيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة والست العذراء ومارجرجس) تجد المسيحي والمسلم من زوار بيوت الله.(وكاتب هذه السطور من مرتادى الموالد والمقادس الروحية وقت أن كانت فى أوجها)… تراث المصريين عادات وتقاليد كان يتجلى في ليالي الموالد وهى من عمر الحضارة على ضفتي النيل وما أكثر أفراحنا كمصريين..
في المناسبات الدينية تفنن الأجداد في خلط الديني بالشعبي، ناهيك عن روح الفكاهة والبسمة التي يشتهر بها المصريون هو زادهم وعكازهم وقت الشدائد، فهم يستخرجون البسمة من عمق الألم والأنة.وصيام العذراء خير شاهد حتى اليوم على عمق معدن المصريين، فالأقباط ربما لا يلتزم البعض بكل الصيامات( أكثر من 200 يوم صيام فى السنة) ولكن فى صيام العذراء(يصنف صيام العذراء بالدرجة الثالثة) يصومون أسبوعي الصيام بالتمام والكمال وكثيرون يزيدون أسبوعا ثالثاً ناهيك عن التفنن في الزهد والتقشف لا لشئ سوى حباً في العذراء.
أذكر والدتي (نيح الله نفسها) وهي من كثرة الصوم وارتباطي بها كأم وصديقة، أصبحت انا أفضل الطعام الصيامي عن الفطاري كما نسميه.. قبل صيام العذراء تشترى كميات من الملوخية الخضراء، تمر بمراحل لعمل الملوخية الناشفة ثم الفرك والحفظ كخزين لوجبة “الشلولو” التي تؤكل مع عض خصوص الثوم والملح والماء البارد
وياحبذا لوكان “العيش شمسى”.. لي صديق إفطاره بل وجبته الوحيدة بصيام العذراء هى “الشلولو” من باب الندر – طلباً لمراحم الله وشفاعة أم النور.أعرف أصدقاء كثيرين قدسون صيام العذراء(إن جاز التعبير) ومنهم من لا يتناول طعاماً بزيت طوال مدة الصيام ولا يتخلى عن الندر وإن تقدم العمر!
آخرون يبدأون إفطارهم مع غروب الشمس الافطار”عيش بدقة”… وأحباؤنا المسلمون كثيرون منهم ممن يرتبطون بعلاقات جيرة مع مسيحيين يصومون صيام العذراء ويعتقدون فى شفعتها.قالت لى زميلة من جزيرة بدران بشبرا مصر إن والدتها تصوم ثلاثة أسابيع حبا في العذراء.. وفى زهو قالت أن السورة الوحيدة فى القرآن الكريم لسيدة هى باسم مريم.
العذراء شفيعة المصريين بتشفع فينا وبصلواتها تبعد عننا الشر.. نظرة سريعة من حوالينا ندرك أد إيه هي محروسة أرض الكنانة بمعدن ولادها وإيمان أهاليها، واللى بيشرد بأفكار غريبة، المصريين بيلفظوه.. بركات العذراء لينا – شيلاه ياعذراء وفتش عن المصري..