اسئلة كتير بنسألها لبعض هو أنا لية ربنا اختارني؟ أنا ايه اللي خلاني اخدم ؟ انا ايه اللي جابني للتعب ده؟ أنا ايه اللي يجبرني اني اتعرض للمشاكل والضيقات دي كلها؟
بس النتيحة انك تسيب الخدمة.. هل فكرت ان ربنا عاوزك تبقى خادم وتخدم ولادوا؟ هل فكرت انك تكون من جوة قلبك فعلاً بتحب الخدمة؟ يوحنا الانجيلي بيقول مستحيل أن تُقَدِّموا ثمرًا في حياة المخدومين ما لم تَتَقَدَّس ذواتكم، ليكونوا هم أيضًا مُقَدَّسين في الحق (يوحنا 17: 19) يعني لو كنت مش بتصلي وقلت 100 وعظة مش هتجيب نتيجة.. ولو قلت لولد صلي وانت مش بتصلي مش هيصلي.. يعني لو قلت يلا نروح التناول وانت قاعد مروحتش الولد بعد كدة هيقول انا مش رايح تاني.. كتير اوي خدام بيلاقوا مشكلة في الخدمة والولاد مش بيتظبطوا كبير او صغير. الحل انك تصلي للولد من كل قلبك تبقي بتحب ربنا فعلاً..
طيب هحكلكم حكاية واحد مش ارثوذكسي.. هو كاثوليكي وشوفوا عمل ايه في خدمته.. ونشوف ده زينا ولا احسن مننا هو الاب دميان رسول المجذومين الجذام- مرض من يصاب به بيفقد الاحساس وبتبتدي أطرافه تقع يعني ممكن لو حد جالوا الجزام ان زراع او يد تقع دون ان يشعر نهائيا فكانوا ينفون المصابين بهذا المرض الي جزيرة منعزله تسمي ( مولوكاى ).
واستدعى الاسقف هناك كهنه الابراشيه معرباً لهم عن قلقه العميق واهتمامه الشديد بالاوضاع الصعبه لهؤلاء المرضى وانه يريد ان يكرس احد منهم بعض الوقت لخدمة هؤلاء البائسين وعلي الفور وقف الاب دميان بكل حب قائلا :
( اني في كامل الاستعداد بأن ادفن نفسي حيا مع هؤلاء البائسين : كم اود لو أعطى لي ان ابذل حياتي من اجلهم اقتداء بمخلصي الصالح )!
كان عمره انذاك 33 سنه فقط هل كان يعرف انه لن يعود من جزيرة المجذومين ؟!
فلقد تحولت تلك الجزيرة الي منفي ومعتقل تحت رقابة الحكومة جزيرة مغلقه ممنوع الخروج منها حتي انهم بعثوا للاب دميان .. ( بما انك دخلت فممنوع ان تخرج ثانية خوفا من نقل المرض الي الخارج ) !
كانت اوضاع المرضى في هذه الجزيرة توصف بلا أمل في الشفاء بلا حرية بلا شئ !
كتب الأب دميان في مذكراته عن هذه الأحوال : “كان هؤلاء البائسين المنفيين من المجتمع يعيشون بعضهم مع بعض دون تفرقه بحسب السن او الجنس وكان يقضون اوقاتهم وهم يلعبون الورق ويشربون نوعا من الخمر مصنوعه من الارز المختمر مع كل الفضائح التي كانت تترتب علي ذلك كانت ملابسهم شديدة القذارة بسبب عدم توفر الماء الذي كان ينقل اليهم من مكان بعيد وكان يفوح من نفاياتهم وعرقهم وجروحهم رائحه كريهه قلما يتحملها الوافد الجديد وكان هناك فساد مهين في الاخلاق والذين اعاقهم البرص اعاقه كاملة كانوا يطردون من البيت ويبحثون عن ملجأ ف الخارج انتظارا للموت لينهي آلامهم ..!”
وبدأ الاب دميان يخدم بكل الحب وسط هؤلاء المجذومين المنبوذين واستطاع ان يبني لهم بيوتا صغيره وبدا منظر المنطقه يتحول تدريجيا ليبدو وكأنه احدى القرى الريفيه الصغيره وكان الاب دميان في غيرته وخدمته الحبية لا يولي اهتماما كبيرا للاحتياطات الوقائيه التي بشاءنها ان تقيه هو من شر العدوى فكان يجلس على مائدتهم ويأكل معهم من نفس الطبق المشترك ويضمد جروحهم ويلعب مع الاطفال المصابين بالمرض ! وفي وعظه لهم كان يقول لهم دائما ( نحن المجذومين ) مضيفا نفسه لهم..
وكان قداس كل احد احتفالا حقيقيا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى الفرح بالرب فكان منظرهم وهم يصلون مثيرا للدهشة بحرارة صلواتهم ومنظر خشوعهم العميق ويالا روعتهم وهم (يجرجرون ) اجسادهم المتأكله المتهالكه ويتقدمون لتناول جسد الرب ودمه وفي سنة 1884 شعر الاب دميان بشئ من التعب فقواه البدنية بدات تضعف .. وفي يوم من الايام وضع سهوا قدمه في مياة ساخنه لدرجه الغليان ولم يشعر باي الم عندئذ انتبه للامر .. لقد اصيب بالجذام !
فكتب الي رؤسائه ..”لم يعد لدي اي شك انى مجذوم وهذا ليس الا نتيجه طبيعيه ومتوقعه لاختلاطي الطويل مع شعبي واخواتى الا انى لم ازال قائما علي قدمى ومع شئ من الاعتدال سوف اواصل نشاطي كما كان في الماضي “.
وفي يوم عيد الميلاد1889 احترقت يده واشتم رائحه لحم مشوي دون ان يشعر بالحرق ! ولكنه ارسل خطابا اخر يقول فيه .. “مازلت سعيدا وفرحا ورغم انى مريضا جدا وقد تشوه وجهي بعض المتشويه الا اني لا ازال قويا وقادرا بنعمه الرب علي التحمل ولا ارغب في شئ الا ان تتم اراده الله المقدسة ولولا وجود سر الافخارستيا لما كان موقفي هذا يطاق ولكن بفضل حضور الرب فلا يفارقني السرور والحماس في عملي لكي اسعد اخوتى واحبائي المجذومين لولا دوام حضور الرب معنا لما استطعت ان احافظ علي عزمي في مقاسمه اوضاع مرضي الجذام
كلا لا اريد الشفاء اذا كان ثمنه مغادرتي الجزيرة وتركي لاخوتي المجذومين ! اننى اتمني ولو بقيت مجهولا في قرية المجذومين حيث احسب نفسي سعيدا ومبسوطا وسط اولادي هؤلاء المرضي اما انا فاصبحت مجذوما مع المجذومين لاربحهم جميعا للمسيح !”
لقد احرقت نار المحبه ماكان فيه من نواقص كما يحترق القش بالنار وبعد تشوه ملامح وجهه تورمت يداه وتشققتا وعلي اثر ذلك لم يكن في مقدوره ان يتولي اقامه القداس الالهي فكتب كلامه الاخير “والان اموت فقيرا لم يعد لدي شئ “
قد ايه الرجل دة خدم بجد وبكل قلبه وطبعا دي قصة لواحد حب ربنا مش حب الخدمة.. فصلوا كل حين لأن الصلاة والايمان تعمل المعجزات وتعلمنا تحمل التجارب في الخدمة.