تغلغلت في أعماق الأسرة المصرية دون حواجز
بدأت بـماما ليلي وختمت بـليالي
ليلي الحناوي.. غنية عن التعريف بكل ما تعنيه الكلمة.. فلا أظن أن قارئا من قراء وطني لا يعرفها وهي التي اقترن اسمها بالجريدة منذ صدور عددها الأول في 21 ديسمبر 1958.. والتي سطرت بقلمها المقالات والحوارات والتحقيقات في صفحة المرأة والأسرة والطفل.. وارتبط قارئ وطني بها لما تبنته من قضايا تمس حياته بكل تفاصيلها سواء في الشأن العام أو في الشأن الأسري والمجتمعي.. وهي كاتبة عامود ليالي.
تعد ليلي الحناوي من رائدات الصحافة في مصر فقد تخرجت في أول دفعة لقسم الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1958.. ومن أوائل الصحفيات المنضمات إلي نقابة الصحفيين والتي كرمتها النقابة عام 2014 ضمن رواد المهنة.
وتعد أيضا الأستاذة ليلي الحناوي من رائدات الصحافة النسائية تحديدا, فقد تولت الإشراف والتحرير لصفحة المرأة والأسرة والطفل وهي أول صفحة متخصصة في شئون المرأة بالصحافة المصرية.
جمعت ليلي الحناوي بين النجاح المهني والنجاح الأسري وهي أرملة المرحوم الأديب والسيناريست فؤاد جندي أحد مؤسسي الاتحاد المصري للكتاب, ووالدة الدكتور شريف فؤاد والفنانة شهيرة فؤاد.
رحلت ليلي الحناوي بالجسد عن عالمنا يوم 18 مارس 2015.. إلا أنها لا يمكن أن ترحل عن قلوبنا التي امتلأت بحبها ولا عن عقولنا التي تغنت من أفكارها وكتاباتها الغزيرة المستنيرة التي زخرت بها الجريدة لسنوات دامت لأكثر من 57 عاما.
كانت من أوائل النساء اللاتي التحقن بقسم التحرير والترجمة والصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة وحصلت علي الليسانس في أول دفعة بهذه الكلية, ثم حصلت علي ماجستير الصحافة من معهد الإعلام الذي تحول إلي كلية الإعلام بعد ذلك.
كما شاركت في إعداد ماكيت جريدة وطني الذي أصبح مشروع تخرجها بالكلية, حيث شاركت في أول عدد لـوطني في 21 ديسمبر 1958 برئاسة الأستاذ عزيز ميزرا رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق.
بدأت عملها في وطني بقسم التحقيقات حيث لم يكن هناك قسم للمرأة ولكن تحقيقاتها اتسمت بطابع الاهتمام بالشأن الأسري فكان أول تحقيق لها تحت عنوان هل عندنا أدب نسائي, وتلي ذلك تحقيق عن مشاهير الرجال الذين لم يتزوجوا مثل أنيس منصور وكمال الملاخ ونجيب محفوظ.
حصلت علي عضوية نقابة الصحفيين عام 1959 وفي عام 1962 انتقلت إلي جدول المشتغلين حيث حلفت اليمين الصحفي أمام ثلاثة قضاة.
أسست ليلي الحناوي ماما ليلي في البداية ركنا صحفيا للأطفال, تحت عنوان ماما ليلي إلا أن الراحل أنطون سيدهم مؤسس الجريدة اقترح عليها تخصيص صفحة كاملة تختص بالمرأة في 4 يناير 1959, حيث وضعت علي ترويستها المرأة والأسرة والطفل, وكانت من أولي الصفحات المتخصصة في شئون الأسرة, وفي ذلك الوقت كانت الصحف تهتم بالشكل الخارجي للمرأة كما كانت تقول ليلي الحناوي -من أزياء ومكياج وموضة- اهتمت صفحة المرأة بجريدة وطني بمشكلات وقضايا المرأة والأسرة.
المرأة العاملة
اهتمت ليلي الحناوي في صفحة المرأة بجريدة وطني بعدة قضايا تخص المرأة وخاصة العاملة, فكانت أولي موضوعاتها هو التصدي للأصوات المنادية بعودة المرأة إلي المنزل واعتبار عملها منافيا لنجاحها الأسري, فكتبت ليلي الحناوي قضية المرأة العاملة نطرحها للمناقشة, وجهت فيه سؤال للنساء هل سعداء بخروجهن للعمل. وبحثت في الموضوع عن الوسائل التي تساعد المرأة علي أداء دورها دون الإخلال بأي جانب, فاقترحت توفير دور حضانة موثوق فيها, وعمل المرأة نصف الوقت بنصف الأجر, وتخصيص أماكن لها في المواصلات العامة, ودعت المختصين لدراسة مشكلات المرأة العاملة والبحث عن حلول علمية. ونادت بمنح المرأة ثلاثة شهور إجازة وضع.
وفي عام 1977 نشرت تحت عنوان المرأة وظروف عمل غير إنسانية تؤكد أن المرأة تعمل للمشاركة في مسئوليات الأسرة وتضطر للعمل في ظروف غير إنسانية, وكانت تعارض استضعاف المرأة في مكان عملها وترفض استخدام الدموع كسلاح.
ولم تكتف بظروف العمل السيئة, بل اهتمت الحناوي بإبراز نجاحات المرأة العاملة وتميزها المهني, ففي عام 1970 نشرت حوارا مع السيدة إيفا المصري أولي خريجات الجامعة الأمريكية والتي عاصرت الكفاح النسوي العربي والنهضة النسائية, فعملت كرئيسة تحرير مجلة مصرية, وأول من دعت إلي علاج الانفجار السكاني.
المرأة في المسيحية
كتبت ليلي الحناوي تحت عنوان المسيحيين تكرم المرأة وتحترمها في أوائل كتاباتها حيث تطرقت إلي تكريم المسيحية للمرأة وأنها تساوي بينها وبين الرجل فجعلتها نظير له, وأشارت إلي دعوة البطريركية القبطية للمرأة لكي تمثلها علي المستويين القومي والدولي, ولتشارك في مجالس ولجان الكنائس.
الحياة الزوجية والتأهيل
بدأت ليلي الحناوي في كتاباتها عن الحياة الزوجية منذ البداية فتناولته في عدة موضوعات بداية من مشكلة التكيف في بدء الحياة الزوجية, حيث أكدت علي أهمية الوضوح والصراحة بين الزوجين وتقبل الاختلاف وأفردت مساحات كبيرة للعلاقة مع الحماة واحترامها كأم لتنتقل في عام 1960 إلي أهمية الفحص قبل الزواج ومكاتب المشورة, موضحة أن هذه المكاتب كانت تتبع وزارة الصحة ولكن للأسف لأن عدد المترددين كان قليلا للغاية أغلقت هذه المكاتب كما قامت بعمل حوار مع سيدة قالت عنها أنها أعادت السعادة إلي قلوب الآلاف في عدد 18 ديسمبر 1960 وهي حرم اللواء كامل غبريال التي أنشأت أول لجنة للمصالحات بين الأسر.
وفي حملة وطني لأهمية الفحص الطبي قبل الزواج في عام 2004 كتبت ليلي الحناوي في عمودها ليالي أنها فكرة حضارية وإن كانت ظهرت في خمسينيات القرن الماضي, وكان من الضروري إعادتها لأهميتها بسبب ظهور مشكلات عديدة في زيجات كثيرة أدت أحيانا إلي أنهيار الحياة الزوجية.
التربية الجنسية
لم تنس ليلي الحناوي الطرق علي الملفات الشائكة في موضوعاتها ففي حين تجنبت العديد من المؤسسات والصحف التطرق لموضوع الجنس والتربية الجنسية, كتبت مقال تحت عنوان الثقافة الجنسية ضرورة اجتماعية.
تكريم وتقدير
كرمت جريدة وطني الأستاذة ليلي الحناوي في الاحتفال باليوبيل الذهبي للجريدة عام 2008 بإهدائها درع وطني تقديرا علي عطائها المتواصل وكرمتها مرة أخري عام 2014 بإهدائها ميدالية فضية بمناسبة اليوبيل الفضي لرئاسة الأستاذ يوسف سيدهم رئيسا لتحرير الجريدة وأهدتها نقابة الصحفيين عام 2014 درع النقابة كرائدة من رواد مهنة الصحافة وأوائل عضوات نقابة الصحفيين لجدول المشتغلين.
ولكن يظل أعظم تكريم لها في عقول وقلوب قرائها الذين أثرتهم بكتاباتها لأكثر من نصف قرن.